سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الاحتفاء برواية يوسف فاضل «قط أبيض جميل يسير معي» برادة، الأشعري، نجمي والجويطي يجمعون على أن تجربة فاضل الروائية تجربة ناضجة ومتميزة بجرأتها وشجاعتها
بمناسبة صدور روايته الجديدة «قط أبيض جميل يسير معي»، أبى اتحاد كتاب المغرب إلا أن يحتفي بالروائي الكبير والمتعدد الاهتمامات يوسف فاضل وبتجربته الروائية التي راكمت ثماني روايات، وأخرى تشرف على نهايتها كما أسر بذلك الكاتب المتميز محمد برادة الذي يعكف على قراءتها قبل أن تعرف طريقها للنشر. كان أن هذا الاحتفاء للأفق الإبداعي ليوسف فاضل والمتزامن مع مرور خمسين سنة على تأسيس اتحاد كتاب المغرب، يوم الاثنين الماضي بفضاء المكتبة الوطنية بحضور نخبة من المبدعين والنقاد المغاربة والذين لهم صيتهم العربي والدولي في مجال الأدب والإبداع وفي مقدمتهم الكاتب والروائي محمد برادة ، والشاعر والروائي محمد الأشعري صاحب الرواية الجميلة التي حصلت على جائزة البوكر «القوس والفراشة»، ثم الشاعر والروائي المتميز حسن نجمي صاحب الرواية الأخيرة «جيرودة»، والروائي والمترجم عبد الكريم جويطي، كل هؤلاء جاؤوا للاحتفاء بيوسف فاضل وتجربته الروائية المتميزة التي تشق طريقها بتأن وتواضع وإصرار، وهدوء نادر، فعلى ما يقرب ثلاثة عقود من الكتابة والتجديد وعبر ثقافة روائية منتقاة. لقد استطاعت «رواية قط أبيض جميل يسير معي» ليوسف فاضل أن تجمع في منصة الاحتفاء ثلاثة رؤساء سابقين لاتحاد كتاب المغرب، وثلة من المبدعين والمثقفين في مشهدنا الثقافي المغربي، الذين تركوا، وعلى مدى فترات زمنية متعاقبة كل بطريقته ورؤيته الخاصة، بصمات موشومة في مسار هذه المنظمة الثقافية، وهاهم يواصلون اليوم وبأشكال مختلفة على حد تعبير كلمة اتحاد كتاب المغرب التي ألقاها عبد الرحيم العلام، بأشكال مختلفة، تقديم المزيد من الدعم والسند للاتحاد بمثل ما قدمه رؤساء آخرون من شرفوا لقاءات وأنشطة الاتحاد الخيرة كعبد الكريم غلاب الذي سلم درع الاتحاد للروائي حسن نجمي والأساتذة أحمد اليابوري وعبد الرفيع الجوهري. واعتبر عبد الرحيم العلام أن تجربة يوسف فاضل الروائية، تجربة متميزة راهنت بشكل متواصل على التنويع والتجديد والمغايرة، سواء على مستوى تيماتها وفضاءاتها وشخوصها المرجعية أو المتخيلة، أو على مستوى طرائق الكتابة والسر فيها، فنصوص يوسف فاضل الروائية وإن راهنت على التنويع، فهي، في المقابل تواصل انتصارها لعالم المهمشين في مجتمعنا، كما يمتد وفاءها للغة روائية مقتصدة وسلسة وعارية وناضجة وجريئة. من جانبه يرى محمد برادة أن يوسف فاضل روائي غزير الكتابة والإبداع، لكن هذه الرواية «قط أبيض يسير معي» رواية تقدم نوعا من النضج بعد تجارب عديدة، والذي لفت نظري فيها هو عنصر النثرية انطلاقا من تعريف هيجل للنثرية في بنية المجتمع المنتقل من القرون الوسطى الى الحديثة، وعلاقة جديدة داخل فضاء المدينة، فرواية فاضل تنطلق من صوتين متواريين الأول صوت الابن حسن المجند، والصوت الثاني صوت الأب مهرج الملك، هذه الرواية التي تنطلق من الخاص والتراث لتلامس قضايا عامة ، وبالتحديد عالم السلطة العليا في البلاد وما يلازمها من طقوس في نظام المخزن الموروث والمستحدث، وفي المقابل صوت الابن المجند الذي ينتقل لفضاء الصحراء. ويرى محمد برادة أن أهمية هذه الرواية تتمثل في الصناعة التى أضفاها المؤلف في كتابته على هذه الإحداث وبمجاز نثري وأبعد موغلة في التاريخ والحاضر، وبلغة تتميز بالجمل القصيرة المازجة بين السرد والحكي، وعنصر آخر أسعف على هذه النثرية عنصر التخيل حيث يجعل الحلم قبل الفعل. أما بالنسبة للشاعر والروائي حسن نجمي فقد قدم قراءة شخصية لهذا العمل الروائي الذي وصفه بالجيد والمدهش، واعتبرها أنها قراءة لقاء لما يكتبه يوسف فاضل منذ سنوات. وتساءل الأشعري ، هل هي أول رواية عن العهد السابق؟ سؤال لا نستطيع التحلل منه ونحن ندخل إلى القصر مع مهرج نعرفه وابن يهرب الى الصحراء، مؤكدا في السياق ذاته أنه من الممكن قراءة رواية يوسف فاضل على ضوء هذا السؤال، أي العلاقة ما بين المستبد والمهرج ، هذه العلاقة المرآوية التي يصبح فيها التهريج استبدادا والاستبداد تهريجا، هذه العلاقة التي تسعى إلى أنسنة الحكم بالضحك والطرب والسخرية، فيعطي الكاتب في الرواية التي تعتمد على المزاج البلاغي والمبنية كذلك على إهانة الذات، عبر كتابة أنيقة وذكية، صورة عن الضحك كجزء من مؤسسات الدولة. ومن جهته اعتبر حسن نجمي في هذا اللقاء الأدبي الذي أدار أشغاله الروائي أحمد عبد الكبير، أن يوسف فاضل ابن درب السلطان، (درب ليهودي( ابن الدارالبيضاء قد تعلم الكتابة في الشارع، حيث وجد نفسه في فرقة مسرحية وبعدها في كتابة نص مسرحي قاده الى السجن لمدة ستة أشهر، يوسف فاضل لا يعرف ما يجري هناك، بل لا يحب أن يعرف ما يجري في تلك المؤسسة أنه عزوف على الانخراط، ففي مدينة الدارالبيضاء عثر على مادته الروائية مستمدا كتاباته من طفولته، ويضيف نجمي شخصيات يوسف فاضل تبدو شخصيات متوترة لا تقبل العنف والاستبداد والظلم والطغيان وحتى الايديولوجيا. إن فاضل يتخذ من العبث رؤية وأسلوبا لتدبير العلاقات، فسرده يعترف بانه لا يعرف شيئا متى وكيف.. تجري كل هذه الأشياء، ولا يهمه أن يعرف، لأنه يعرف من أين يأتي الوادي والى أين يتجه، ولكن بهذه اللامبالاة يدين العلاقات المشبوهة في الظاهر والباطن. وبالنسبة للروائي لعبد الكريم جويطي، فقد سمى يوسف فاضل بيوسف الصديق فاضل، على مثابرته البطولية في كتابة الرواية في ظل أزمة القراءة بالمغرب، مشيرا إلى أن هذا الإصرار على الكتابة، إصرار نادرا، خاصة أن يوسف قد اكتشف حقل كتابة السيناريو، معتبرا في السياق ذاته أن كتابات يوسف تتميز بالجرأة والشجاعة، حيث على حد تعبير جويطي أن يوسف قد أوصل الرواية المغربية الى أراضي بكر، حيث دخل فضاء القصر ومؤسسة الجيش في روايته هذه. وأشار جويطي إلى أن يوسف فاضل كان عليه من الضروري أن يكتب على المهرج، بل أن يصل للكتابة على المهرج لأنه كتب على الشرطي والجمعوي والمهاجر... فبالنسبة جويطي المهرج لم يعد له مكان في الغرب لا نجده إلا في السرك، أما نحن فلم يكتفي المستبد باستبداده بل صنع أكسوسواراته، لذلك فالمهرج مرآة المستبد الذي يكون محاطا بالمنافقين وبالأقنعة، والذي يريد أحيانا أن يخرج من هذه ا العالم ويرى ذلك في المهرج لأن منطق الضحك يمحي التراتبية.