تكاد طقوس العيد وعاداته، التي ألف المغاربة إحياءها بحلول كل عيد أضحى، أن تندثر وتضمحل ، فاسحة المجال لسلوكات أخذت تنتشر في أوساط المواطنين، أفرادا وعائلات، نزعت عنها فرحة العيد الكبير كما يحلو للمغاربة تسميته ، لتتحول المناسبة إلى واجب يقتضيه العرف فقط ويصاحبه عناء إضافي وموعد مع أزمة مالية جديدة تنضاف إلى أجندة المواعيد التي تستنزف جيوب العائلات المغربية، فيما تصر عائلات، على قلتها، على التشبث ببعض المظاهر التي كانت، في الماضي القريب، تدخل ضمن لائحة «المقدسات» التي لا يجوز إهمال «بند» منها. اعتبار عيد الأضحى مناسبة دينية هو ما جعل معظم العائلات تصر على إحيائه بطريقة تحفظ له بعده الروحي لأنها رمز تضحية ابراهيم عليه السلام بابنه اسماعيل... وكباقي أرباب الأسر، توجهت إلى سوق الألفة، حيث هناك شاحنات مملوءة بكل أنواع «الحولي» باختلاف سلالته وكل واحد وثمنه، صياح وازدحام... وقفت أمام خروف «صردي» نال إعجابي، بعد أخذ ورد اشتريته ب2500 درهم، ربطت حبلا على «قرنيه» وابتعدت عن السوق باحثا عن وسيلة لنقله إلى المنزل وإذا بي أسمع صوتا: «فين غادي بيا أخويا؟». لم يكن بجانبي سوى خروفي: «إيه أنا الذي أتكلم معك، لقد تعبت كثيرا من اللمس والتقلاب لمدة يومين». فأجبته: «هذا هو مصيركم، كل مناسبة عيد الأضحى، صحيح ولكن هناك كثير من إخواني مصيرهم أكثر وحشية وقسوة» . فأجبته: «حتى نحن البشر، كثير من العرب والمسلمين يذبحون ويقتلون ظلما مثل ما وقع في صبرا وشاتيلا وما وقع في ليبيا والبوسنة والهرسك... الاختلاف بيننا وبينكم أنكم وجدتم في هذا الكون لنقتات من لحومكم ونكتسي بصوفكم» . فرد علي: «لو كان يستفيد منا الفقراء الذين يموتون جوعا وليس باستطاعتهم شراء أضحية العيد لكان جميلا، ولكنَّ أغنياءكم الجشعين يذبحون منا المئات في أعراسهم وحفلاتهم دون حتى أكل لحومنا ثم ترمى في المزابل» ! فتألمت لحاله وأردت أن أعطيه حريته وتركته ورائي . ابتعدت عنه قليلا فإذا بي وجدته يركض خلفي فسألته: ماذا تريد، لقد سمحت فيك عن طيب خاطري» . فرد علي : «لقد التف حولي مجموعة من اللصوص وتنازعوا علي محاولين تصفيتي دون تتبع التقاليد، لهذا أرجوك أن تأخذني معك، أقضي صحبتك ما تبقى من عمري ، لقد كنت أرحم علي من جشع صاحب الضيعة التي كنت بها واللصوص الذين حاولوا قتلي قبل الأوان» . فأجبته : «صحيح حتى نحن البشر تعبنا وعانينا من اللصوص وجشع بعض «الأغنياء» الجدد»!