كثرت في الأونة الاخيرة بمختلف المدن المغربية العديد من السباقات على الطريق، والتي أصبحت تجلب إليها الكثير من العدائين المغاربة والأجانب، وخاصة الأفارقة منهم. هناك من هم عداؤون حقيقيون يكون تواجدهم إضافة قوية للسباق، ومنهم من يلعب دور الكومبارس يؤتى بهم من المدن المغربية، التي أصبحت لاتخلو من إفريقي من دول جنوب الصحراء، وذلك بهدف إعطاء صفة الدولية للسباق. فالحصول على هذه الصفة يكون الهدف يعد «رخصة» لجلب أكبر عدد من المستشهرين والمدعمين، وبالتالي جني الأرباح المالية، والتي لاتتبعها أية محاسبة، إذ أن المنظم أو المنظمين للسباق «يغبرون» مباشرة بعد انتهاء السباق ويغلقون هواتفهم، ومنهم من لايفي بالتزاماته تجاه الحكام والمنظمين، حيث يغادرالمكان ويترك الكل، ولا أحد له الحق في محاسبة المنظم، لأنه يعتبر السباق ملكية خاصة يديرها كما يشاء، مع العلم بأن تمويلها يكون من أموال المستشهرين والشركات، التي لاتهتم إلا باللافتات التي تحمل «ماركتها» التجارية، كما أنها لاتهتم إلا بارتداء العدائين لأقمصتها التي تعرض أمام الكاميرات، وبذلك يكون هدفها دعائيا محضا، أما الرياضة فلن تأتي في أية مرتبة. من هنا كيف يمكن محاسبة الأشخاص المنظمين للسباقات؟ وكيف يمكن ضبط حساباتها؟ هذه الأسئلة تطرح لأن العديد من المنظمين يجنون المئات من الملايين من تنظيم السباقات، وهناك من أصبح محترفا لها لأن ربحها يبقى صافيا، وبعيدا عن الضرائب. مقابل هذا، هناك سباقات على الطريق تحمل أسماء بعض المدن أو الأندية الرياضية، وهي سباقات ذاع صيتها وأصبحت لها هويتها مصداقيتها، لأنها تكون منظمة بشكل محكم وتفي بكل التزاماتها، كما أنها تجلب لها عدائين حقيقيين لهم صيتهم، كما تكون فرصة لبعض العدائين المغاربة، الذين تكون مشاركتهم داخلة في سياق برنامج عام لتداريبهم، كما أن مشاركتهم تكون تحت أسماء أنديتهم لا تحت أسمائهم الشخصية. رشيد شملال عداء سابق، ومنظم سباق زاكورة والفقيه بنصالح السباقات على الطريق تمارس بعد الثلاثين إن العدائين الذين يمارسون السباقات على الطريق هم عداؤون تجاوزوا سن الثلاثين، كما هو الحال بالنسبة للعداء الإسباني الذي فاز بسباقي إشبيلية ولندن، إضافة إلى كل من محمد مغيث ومواعزيز. كما أنها مجال للعدائين الذين تخصصوا في المسافات المتوسطة والطويلة لتعزيز تنافسيتهم وخاصة القدرة على التحمل، كما أنها مفيدة لأبطال المارطون، ذلك أن السباق على الطريق هو من أحسن طرق التدريب بالنسبة لكل عداء يرغب في المشاركة في المارطون. إن السباقات على الطريق لايمارسها العداؤون المتخصصون في المسافات القصيرة والمتوسطة، لأنها تؤثر سلبا على عضلاتهم التي تصبح قاسية وصلبة، كما أنها تنقص من السرعة النهائية، لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على القوة والتحمل. وسباقات السرعة تتطلب مدربين متخصصين في المارطون ونصف المارطون. فبفضل السباقات على الطريق تمكن المغرب من احتلال المرتبة الثالثة في دايكون، وذلك بفضل العدائين الكوميري وكسري وبداي والناني. هذا يعطي الدليل على أن السباقات على الطريق تكون إيجابية ومدخلا لتتويج ألعاب القوى المغربية. نعم هناك ربح مالي في السباقات على الطريق، لكن هذا لايجب أن يكون سببا في عدم مراعاة مصلحة الوطن، الذي هو في حاجة إلى عدائين في المسافات القصيرة والمتوسطة. لذلك ينبغي على الوكلاء الابتعاد عن كل عداء مغربي له مؤهلات لكي يمثل المغرب أحسن تمثيل في المسافات القصيرة والمتوسطة. هذا يأتي بعد تقييم دقيق لمؤهلاتهم التقنية، لأن المغامرة بمثل هؤلاء العدائين في السباقات على الطريق ستبعدهم عن التألق في المسافات القصيرة نظرا لتأثير الطريق على عضلاتهم، وهي المسافات التي كانت فيها ألعاب القوى المغربية قوية واستطاعت أن ترفع راية المغرب خفاقة في الكثير من المحافل الدولية والملتقيات العالمية. لهذا الغرض فإن الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى تمنع مشاركة العدائين المغاربة المتربصين لبطولة العالم، وفي بعض الفترات المعينة، لأن مدرب المنتخب الوطني يكون له برنامج خاص ولايجب أن تتداخل برمجته مع مشاركة العدائين في السباقات على الطريق. وفي الجانب المقابل، فإن كثرة السباقات على الطريق داخل المغرب يبقى شيئا إيجابيا جدا، خصوصا إذا ما علمنا أن بعض هذه السباقات تخصص جوائز نقدية مهمة للفائزين بها، وهذا فيه مكسب كبير للعدائين، يضاف إلى ذلك أنها تفوق في بعضها الجوائز الممنوحة في بعض الدول الأخرى، كما أن تقارب تواريخ إجراء العديد من السباقات داخل المغرب يشجع العدائين المغاربة على عدم التفكير في المشاركات خارج المغرب، مع مايتبع ذلك من محاولات للتجنيس أو «لحريك»، وهو مشكل عانت منه ألعاب القوى المغربية سابقا. ومن النقط السلبية للسباقات على الطريق، يمكن القول إنها أفرزت نوعا من الوكلاء المتخصصين في جلب العدائين الأفارقة للمشاركة في هذه السباقات، وهنا يبرز جشع بعض هؤلاء الوكلاء الذين يجعلون بعض العدائين يوقعون على عقود من دون فهم بنوذها، لأنها تكون مكتوبة بلغة غير لغة العداء، وهنا لابد أن يكون العداؤون واعين بمحتوى العقد، من جهة أخرى فإن هناك من يشجع العدائين على تناول المنشطات، لأنه يعرف جيدا أن المراقبة غائبة وأن بعض العدائين والوكلاء لايهمهم إلا الفوز بالسباق، وبالتالي حصد الجوائز. ومن هنا أشدد على ضرورة مراقبة المنشطات. وختاما أوجه نداء باعتباري منظما لسباقي الفقيه بن صالح وسباق زاكورة، الذي سينظم خلال شهر دجنبر 2011، وألتمس من أي شخص يلمتس في نفسه القدرة على القيام بمهمة مراقبة المنشطات أن يقوم بهذه المهمة خلال السباقات التي أنظمها، لأن ذلك فيه الكثير من المنافسة الشريفة وحماية للعدائين من مخاطر المنشطات. تقني رفض الكشف عن هويته السباقات على الطريق تفتح الباب لتناول المنشطات إن السباقات على الطريق مسألة تجارية في جلها، وهذا ليس بالحرام مادامت ليست هناك قوانين من الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى تحرمها، والتي من واجبها وحقها مراقبة وتتبع هذه السباقات حماية لسمعة العدائين ولسمعة الجامعة. وبصريح العبارة، فإن السباقات على الطريق هي شيء إيجابي، شأنها في ذلك شأن السباقات التي تعرفها كل بلدان العالم، فهناك دول تشهد تنظيم سباقات على الطريق قد تصل سبعين سباقا خلالأسبوع واحد. بالنسبة للسباقات على الطريق في المغرب، فإنها أصبحت اختصاصا لبعض العدائين، ومنهم من يفوز بالسباقات لشيء واحد، هو استعمال المنشطات نظرا لغياب المراقبة، مايؤكد هذا أن هؤلاء العدائين لايشاركون في سباقات الحلبة، وإذا ماشاركوا فإن نتائجهم تكون كارثية. (تتلقا العداء تيطير فالسباق على الطريق، ولكن ملي تايجي الصح حيث تيكون الكنترول متيزيدش». إن السباق على الطريق ليس له تأثير، والدليل على ذلك جيبراسيلاسي والبطل العالمي المغربي خالد السكاح، الذي شارك في بطولات العالم والسباقات على الطريق، ولكن كان «بطل اديال الصح»، والكروج «حتاهوا جرى فالشانطي». ومن جهة أخرى، فإن عدائي المارطون يشاركون في نصف المارطون لأن ذلك يساعدهم على السرعة.