على حد علمي فإن المغرب أصبح يتوفر على أجنحة خاصة بطب الإدمان ومراكز تم تدشينها لهذا الغرض. الآن يمكن أن نطمئن من كون «البلية» ستجد من يتصدى لها بالجدية اللازمة ولن تترك لشأنها لتفعل فعلتها في عقول أطفالنا وشبابنا. أخيرا سيتدخل أصحاب الوزرة البيضاء لفرض تعامل جديد مع جيوش المدمنين على المخدرات بمختلف أنواعها ولربما الكحول «حسب فهمي وتقديري البسيط!». أخيرا ستتوجه دوريات الشرطة التي تقل العشرات من مستهلكي هذه الأنواع من المواد المخربة، سائلة، صلبة أو غبار ليس إلى الدائرة الأمنية بل إلى المستشفى، فالأمر يتعلق باستهلاك وإدمان وليس بترويج وتجارة وبالتالي يعتبرون مرضى بالإدمان يجب الاهتمام بهم ومعالجتهم عوض الزج بهم في السجن بتهمة الاستهلاك ليتحولوا بعد الخروج منه إلى تجار، فالسجن في المغرب مدرسة بل جامعة لاتضاهيها كبريات الجامعات الأجنبية! ترى هل الأمر سيكون بهذا الشكل «بكل هذه البساطة»؟ شخصيا لا أظن، فالأمر يتعلق بتقديم الخدمات في حدود الإمكان، وحدود الإمكان هنا سيخضع لمجموعة من العناصر، أولا الأداء بطبيعة الحال، ولاأظن أن شهادة الاحتياج ستجد طريقها إلى مكتب الاستقبالات عند مدخل الجناح أو المركز والتخوف من أن تقتصر الخدمات على فئة معينة من المدمنين، زبناء المواد المخدرة الناصعة البياض والقوية المستوردة من وراء البحار. الخوف من أن يقتصر الأمر على فئة دون أخرى وأن يتم تجاهل زبناء المنتوج الوطني، من صنف الحشيش بكافة أنواعه (الزيروة، البروميانة، القسرية، الطبيسلة، الدوزيامة، الفريا)، الخوف من أن تكون هذه المراكز والأجنحة مجرد واجهات فقط خاصة أننا لم نعاين إحصائيات لعدد المستفيدين من خدماتها ووضعهم الاجتماعي. فهل سيجد زبناء «القرقوبي أو البولة حمراء» من نوع «دوبوان كوادالوبي والعود الأبيض» وغيرها من الأصناف علما أن هذا النوع من الحبوب يباع في الصيدليات وهي أقراص شديدة المفعول، بحيث لا يتحكم الشخص الذي تناولها في تصرفاته، ويصبح بالتالي قادرا على فعل أي شيء من دون خوف خاصة إذا ما تم تناول الخمر معها، وهي من الأسباب الرئيسية لانتشار الجريمة . وهل سيجد زبناء مواد التخدير الرخيصة والتي تعرف انتشارا كبيرا خاصة وسط المشردين ك « السيلسيون » الذي يعرف انتشارا واسعا خاصة وأن عملية بيعه لا تخضع لأي رقابة، وأصحاب «ميكة دخان عوادم السيارات»، هل سيجدون مكانا على جناح السرعة داخل هذا الفضاء؟ أسئلة تبقى معلقة إلى حين. وفي انتظار الإجابة عنها ستخطأ «السطافيط» التي تقل هذه الشريحة من المدمنين طريق المستشفى لامحالة وستتوجه إلى الدوائر الأمنية ومنها إلى السجن، وفي انتظار تشييد مراكز لاستقبال هذا الصنف من المدمنين.