تكتب عن الفرحة، بعد أربعين ساعة أفضل بكثير من الكتابة والبخار يتصاعد من عروقك ودمك من شدة الفرح. تستمع بها ولا تفكر في تدوين ذبذباتها، ولا تفكر في عناصرها، تلتهمها ككعكة عيد ميلاد، أو كقطعة شكولاطة ينصحك بها الحب. هو هذا ما يحدث بالضبط، هو هذا الذي حصل مع الفريق الوطني في ذلك المساء. الآن، وقد تعتق الفرح، أحمله بين يدي، أتملاه كبلورة من ماء ومن بخار ومن ورد. أتأمله كتفاحة تتلألأ في الضوء، وتتلألأ كدمعة فرحة في عين صبية ارتمت للتو في أحضان العاشق الأمير. لا شيء كان يمنع من أن نطرح الفرحة في الشارع، وبين الأصدقاء، وبين الأقارب، لا شيء كان يمنعنا من أن نؤجل الكتابة عن الفرح إلى أن يهدأ تياره الصاعد من محيط الأعماق. انتصرنا بالعربية تاعرابت!! هكذا تصرخ العواطف والأحاسيس، وعضلات البهجة. وبالعربية تاعرابت أصبح لدينا فريق ناجح وقادر على إنتاج الفرح، وتمتيع شعب وأمة ببقعة ضوء كبيرة، بقعة ضوء بحجم البلاد. لقد أصبحت أقدام لاعبينا عضلات للأمل، وتلك قضية.. وأصبحت عضلات للإحساس بأننا قادرون على فعل شيء ما يغسلنا بطراوة الأشياء الجميلة، وبطرواة الأمل المورق. طبعا ستكون الكرة دائما حشيشتي المفضلة في هذه الحالة، وهي، أيضا، إدمان جميل، عندما لا يليه اليأس ولا تليه الهزائم. ولا شيء يعبر، أحيانا، عن حاجتنا للفرح الجماعي والأمل أكثر من مباراة في كرة القدم. أسماء تتماوج كصولفيج آدمي بديع، كلما اهتزت شباك الخصم. وأسماء ترتفع بالملايين، التي تصبح فجأة خفيفة وأثيرية، إلى مساواة غير مسبوقة. وعندما يدخل شعبك إلى الملعب ليفرح ادخل معه، وعندما يدخل لليأس كن معه أيضا. في المرة الأولى لكي تعيش معه اللحظة، وفي المرة الثانية كي لا تأخذه اللحظة إلى الكفر بقدرته على إنتاج الفرح. في المرة الأولى يكون الفرح فرحا مضاعفا، وفي المرة الثانية يكون اليأس نصف اليأس. لهذا الفرح الكبير نقول مرحبا، وبوركت فريقا استطاع أن يعطينا إياه في زمن .. طويل اليأس!