الفرحة التي عمت شوارع مراكش مساء الأحد و صباح الاثنين، عقب انتهاء مقابلة المنتخب المغربي و نظيره التنزاني تحولت في بعض المناطق إلى مسلسل من الرعب بعد أن استغلت مجموعة من المنحرفين ظرف الحماس الشعبي الذي تدفق بقوة محولة إياه إلى مجال للعنف و السرقة و التخريب! فقد نقل العشرات للمستشفى لتلقي العلاجات عقب إصابتهم بالرشق بالحجارة أو الاعتداء عليهم بوسائل حادة ! و هُشم زجاج عدد من السيارات بشارع عبد الكريم الخطابي المؤدي للملعب الجديد و كذا شارع الحسن الثاني و محمد الخامس و علال الفاسي ، و خرب مشاغبون زجاج حافلتين للنقل العمومي . و هاجمت مجموعة أخرى واجهات محلات تجارية و مطاعم بجليز. و تعرض عدد من الأشخاص، و منهم نساء، للسرقة و السطو في لحظة ازدحام الشوارع بالجماهير التي غادرت الملعب ملتحقة بالآلاف ممن غادروا بدورهم منازلهم للمشاركة في التعبير عن سعادة جماعية بنشوة التأهل لنهائيات كأس إفريقيا . مصالح الأمن التي تحملت منذ أيام، الثقل الأكبر لهذه المناسبة الرياضية قبل إجراء المقابلة و أثناءها و بعدها، شدد مراقبتها لتحركات الجماهير و تعقب المشاغبين قبل أن تفلت من السيطرة فتفسد على المغاربة فرحتهم ، فنجم عن تدخلاتها إيقاف عدد من العناصر التي كانت تتعمد إحداث الفوضى ، مثلما اتخذت مجموعة من الإجراءات الاحترازية كإغلاق محطات الوقود المتواجدة في المحاور المؤدية إلى الملعب تحسبا لأي انفلات . مراكش عاشت أجواء استثنائية مرتبطة بظرف مباراة المنتخب الوطني . فابتداء من التوتر الذي صاحب أيام تسويق تذاكر الولوج للملعب و الاكتظاظ اليومي أمام الشبابيك السبعة التي فتحت لهذه الغاية و تذمر من لم يتمكن من الحصول على تذكرة ، و سهر الآلاف ليالي متواصلة لضمان موقع متقدم في طابور الانتظار قصد الظفر بتذكرة ، و تجنيد بعض العناصر لعدد من الأشخاص الذين يعملون لحسابهم من أجل اقتناء أكبر عدد من التذاكر و إعادة ترويجها في السوق السوداء بأثمنة خيالية ، و مرورا بأجواء الحماس و الفرح التي انطلقت منذ يوم الجمعة، حيث لبس المشجعون الأعلام الوطنية و جالوا في مختلف شوارع المدينة بسياراتهم و دراجاتهم أو مشيا على الأقدام . بل إن الكثير من المشجعين القادمين من مدن أخرى باتوا ليلتهم يوم السبت يجولون في الشوارع منتزعين لحظات خاطفة من الراحة و النوم على كراسي بعض الحدائق أو على الأرصفة . و بعد إطلاق صافرة نهاية المقابلة انقلبت حالة المدينة رأسا على عقب، فضاقت الشوارع الكبرى بفرحة المشجعين الذين خرجوا دفعة واحدة بسياراتهم و دراجاتهم أو مشيا على الأقدام . فتوقفت حركة السير لساعات طويلة ، و تجمع الآلاف من الجماهير عند المدارات الكبرى ، و أطلقت السيارات و الدراجات أبواقها مكسرة هدوء ليل استحال إلى احتفال مفتوح ليس للمتعبين فيه أي مكان !