زعيق المنبهات، صراخ، وأذرع تلوح في الهواء.. إنها الثلاثية التي أصبحت تؤثث الطريق السيار في المقطع الذي يربط مقر المكتب الشريف للفوسفاط بمدارة «عزبان»، مرورا بمدارة الكليات، وذلك منذ شهر رمضان الأبرك والتي استمرت تفاصيلها لغاية اليوم وقد تتعداه إلى يوم غير معلوم! فانسيابية المرور أصبحت مبتغى وحلما عصيا على التحقيق لكل من يجد نفسه وسط «كماشة» هذا المقطع بعد أن تطبق عليه دون أن تمنحه فرصة للخلاص أوالتراجع للوراء! وضعية مستفزة تجعل أعصاب أصحاب عدد من السيارات والشاحنات تغلي وتفور، سواء تلك القادمة من حي الليمون عبر الواجهة الخلفية للجامعة في اتجاه الطريق السيار أوبالنسبة لتلك القادمة من درب غلف، وعبر شارع الهاشمي الفيلالي، ودرب السلطان، والنقاط التي تأتي خلفه، والتي تجعل عددا منهم يغادرون ناقلاتهم بعد إسكات محركاتها وهم يضعون أيديهم وراء ظهورهم في انتظار أن تتحرك الصفوف التي توجد أمامهم، تحرك يكون غالبا كتحرك الحلزون أو السلحفاة، مما يجعل الكثيرين يضيعون مواعيد هامة وقد تكون مصيرية، دون إغفال الحالات الصحية والمستعجلة التي تجد نفسها محاصرة وسط السيارات والتي لايسعفها صفير منبهاتها لفك هذا الاختناق! عرقلة السير بهذا المحور الطرقي لم تعد مقتصرة على توقيت معين مرتبط بفترة الذروة فحسب، وإنما أصبحت طقسا عاديا على مدار اليوم صباح مساء، والسبب في ذلك الأشغال التي تحكمت في جغرافية المنطقة، سيما بمدارة الكليات، التي يختار بعض أعوان المرور التواجد في المكان الخاطئ وفي التوقيت غير المناسب تاركين السائقين تحت رحمة تفكيرهم وضميرهم الذي لايكون دوما صحوا، بينما بمدارة «عزبان» فالوضع أشد فظاعة رغم تواجد عدد من أعوان المرور الذين تكون لبعضهم «أجندة» عمل خاصة، في حين يعلن آخرون استسلامهم وذلك بالنظر للكم الهائل المتوافد على المنطقة، سواء من اتجاه سيدي معروف أو الألفة أو باقي النقاط، التي تجعل من تجاوز هذه المدارة امتحانا صعبا لاينتهي دوما بضبط الأعصاب والتحكم فيها، والتي تكون من بين نتائجها حوادث للسير متكررة «تسلب» اهتمام بعض القائمين على تدبير المرور بهذه النقطة، مما يساهم في حصار مواكب السيارات والشاحنات على امتداد كيلومترات لمرات متعددة !؟ إشكالية المرور بالطريق السيار في اتجاه الألفة وليساسفة وطريق الجديدة بشكل عام، تتطلب تعاملا مهنيا جادا، وتعاطيا أمنيا يستحضر أهمية هذا الشريان ومصالح مستخدميه المتعددة، حفاظا على حقوق مستعملي الطريق، عوض الاستمرار على نفس النهج الذي يتم به تدبير المرور بهذه النقطة المرورية، التي تعرف غليانا وارتفاع درجات حرارة أعصاب السائقين ومن معهم من الركاب، إذ لاترتفع أصواتهم وحدهم بالصراخ، فكثيرة هي المرات التي كانت ممزوجة ببكاء الرضع والأطفال وأنين الشيوخ، دون أن يكون هناك من يستمع إليها أو يتفاعل معها رأفة بالجميع !