تعرف لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب نقاشا حول مشروع قانون 35.11 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية. ومن أهم المستجدات التي جاء بها هذا المشروع هي مقتضيات المادة20 التي تؤكد»يحمل صفة ضابط للشرطة القضائية المدير لإدارة مراقبة التراب الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بهذه الإدارة فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من هذا القانون» إن التنصيص على تخويل مدير إدارة مراقبة التراب الوطنيDST صفة ضابط الشرطة القضائية وفق المادة20 من مشروع قانون 35.11 يستدعي تقديم الملاحظات الاتية : - إن هذا النص يشكل نقلة نوعية على المستوى التشريعي فيما يخص اختصاص ووظائف إدارة مراقبة التراب الوطني والاعتراف بشرعيتها المؤسساتية وذلك من خلال ادماجها في صفة الشرطة القضائية واخضاعها للآليات الرقابية المنصوص عليها في القانون التي تحكم المؤسسات الضبطية. - ان اشتغال ادارة مراقبة التراب الوطني في اطار سيادة القانون وفق المادة 20 يجسد الانخراط في دينامية مسار إعمال مقتضيات الدستور الحالي في الباب المتعلق بالحكامة الامنية والذي يتناول مبدأ سيادة القانون كمكون أساسي من مكونات دولة الحق و كرهان حقيقي تقيس به الدولة إرادتها السياسية من اجل البناء الديموقراطي وارساء دعائم المجتمع الحداثي. - إن منح إدارة مراقبة التراب الوطني صفة ضابط الشرطة القضائية وفق المادة20 سيساهم في تكريس مبدأ عدم الافلات من العقاب في حالات ارتكاب جرائم التعذيب والاعتقال التعسفي والاختطاف والدفع بالدولة لوضع قواعد جديدة لعمل المؤسسات تروم تأصيل المساءلة في نطاق القانون والخضوع لرقابة السلطتين القضائية والتشريعية في سياق تحقيق العدالة الاجتماعية. - إن المادة20 ستنقل العلاقة التي تجمع ادارة مراقبة التراب الوطني والرأي العام من مجال السيادة المطلقة إلى مجال تقنين المسؤولية القانونية والخضوع للمراقبة القضائية وضمان المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في حالات الاعتقال. ومن هذا المنطلق فإن التنصيص على تخويل مدير ادارة مراقبة التراب الوطنيDST صفة ضابط الشرطة القضائية وفق المادة20 من مشروع قانون 35.11 يستدعي تفعيل مجموعة من المقتضيات القانونية و التنظيمية ذات الصلة : - وضع مدونة السلوك Code de conduite لتحديد مهام واختصاصات موظفي ادارة مراقبة التراب الوطني وتقنين مسؤولياتهم كمكلفين بإنفاذ القانون والحفاظ على النظام العام واحترام المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان خلال حملات مراقبة الهوية والاعتقال ووضع المتهمين تحت الحراسة النظرية. - تفعيل دور السلطات المعنية بالمراقبة القانونية كالسلطتين التشريعية والقضائية على عمل ادارة مراقبة التراب الوطني المتعلق باجراءات التنصت على المكالمات الهاتفية على المواطنين والمؤسسات. - دعوة ادارة مراقبة التراب الوطني إلى التوفر على خليات للتواصل قصد تزويد الإعلام بالأخبار لمناهضة الإشاعة واعتبار ما تتوفر عليه من معلومات لا يندرج في مجالها المحفوظ، وهو ما سبق أن أشارت إليه هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها الختامي في كون مجموعة من المؤسسات امتنعت من وضع الأرشيف والمعلومات التي تتوفر عليها من أجل الكشف عن الحقيقة المتعلقة بماضي الانتهاكات الجسيمة. - تفعيل المقتضيات الواردة في قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بإعمال وسائل المراقبة القضائية وقيام النيابة العامة بزيارات مفاجئة لمقرات ادارة مراقبة التراب الوطني قصد مراقبة سجلات الحراسة النظرية ومطابقة ما تتضمنه بحالة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية. - مراجعة قانون المسطرة الجنائية بشكل يروم عدم اعتماد القضاء بشكل اساسي على محاضر الشرطة القضائية بما فيها ادارة مراقبة التراب الوطني في القضايا الجنحية و اللجوء اليها فقط سوى على سبيل الاستئناس كما هو الشأن بالنسبة للقضايا الجنائية. - تفعيل المقتضيات التشريعية الواردة في قانون المسطرة الجنائية وقانون تجريم التعذيب المتعلقة بمراقبة ظروف الاعتقال الاحتياطي وتحريك آليات المتابعة في حالات وقوع ارتكاب جرائم التعذيب او الايذاء الجسدي أو النفسي. - ضمان استقلالية القضاء بشكل يخوله المساهمة في الحكامة الأمنية من خلال إعمال آليات المساءلة والمتابعة الجنائية في حالات التعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والاختطاف. * استاذ القانون الدولي ومدير مختبر دراسات حقوق الإنسان بجامعة القاضي عياض بمراكش