أجرت المجلة الفرنسية المتخصصة «فرانس فوتبول» حوارا مطولا مع المدرب البلجيكي إيريك غيريتس، في عددها الاخير. الحوار، تناول العديد من المواضيع التي تهم بالاساس المشوار المهني للمدرب البلجيكي، وفلسفته الكروية، اضافة إلى الاجواء التي يعرفها المنتخب الوطني المغربي، الذي يعتبر من أقوى المرشحين لانتزاع بطاقة التأهيل إلى المونديال الافريقي القادم. ونظرا لأهمية ماجاء في هذا الحوار نقدم أبرز العناوين التي وقف عندها المدرب البلجيكي: أنت مدرب أسود الأطلس منذ نونبر، وقد انصهرت بشكل جيد داخل المجموعة، كيف تم ذلك؟ عندما كنت مشرفا على فريق الهلال السعودي، واجهت نفس التحدي، ففي البداية لم أجد مناخا مناسبا داخل تركيبة الفريق السعودي، وانتظرنا عدة شهور، وبعد ذلك بدأت أحس بالتحسن. فجئت إلى المغرب، وتركت فريق الهلال في أجواء محزنة، إذ أن الأمير ورئيس النادي أصبح مع مرور الوقت أحد أعز الأصدقاء، وهذا جعلني أحزن على ترك الفريق بهذه الطريقة. عندما تتحول من تدريب نادي الى منتخب ماذا يتغير؟ هذا أمر غير الكثير من الأشياء في حياتي، اليوم أنا متأكد من صحة اختياري. فقد دربت فرقا قوية كمرسيليا وغلاتاسراي والهلال، ولكن بخصوص هذه التجربة مع المنتخب، أقول يجب التفكير بشكل إيجابي، فالمضي قدما بهذه المجموعة، قد تغير شيئا في هذا البلد. ننتظر تحقيق نتيجة إيجابية في لقائنا الأخير ضد المنتخب التنزاني من أجل التأهل إلى نهائيات كأس أفريقيا. المغرب على رأس المجموعة، متعادل على مستوى النقاط مع منتخب أفريقيا الوسطى، ومتقدم على تنزانيا والجزائر... انتظار المباراة الأخيرة من أجل تأهلكم، لم يكن ضمن مخططكم؟ كان بإمكاننا حسم التأهل في لقاء أفريقيا الوسطى، خلقنا فرصا عديدة، لكن لم نسجل، رغم التعادل هناك أشياء تغيرت منذ التحاقي بالمجموعة، وهنا ربح كبير، الجامعة المغربية لكرة القدم لم تنتقد الأداء، واللاعبون أحسوا بالتغيير الذي طالهم، والتواصل موجود بشكل جيد بيني وبين العناصر. أن تكون مدربا لمنتخب، هل فكرتم في هذا من قبل؟ في مهنتي لا يمكن وضع إطار مهني محدد، فالمغرب كلفني بمسؤولية تمتد إلى أربع سنوات، إن بقيت الأمور على ما يرام، وهذه ثقة وضعت في شخصي. دومنيك كوبرالي رافقك، مع مارسليا والهلال، إذا أنتما لا تفترقان؟ في العمل، لا يمكن أن تكون موفقا في كل شيء. أنا من النوع الذي يحب التدقيق، فعندما نكون في حاجة لأي شيء، دومينك يجده بسرعة، إننا نشكل ثنائيا استثنائيا منذ بداياتي في التدريب. وخارج هذا كله تجمعنا صداقة كبيرة امتدت بين أسرتينا، وأختي دائما ما توافقه الرأي. من وجهة نظري، من الضروري العمل مع طاقم تحس معه بالاستقرار. كما أشيد بالرجل الآخر داخل الطاقم «فاروجيا». ما الذي تراهن عليه في التحدي المغربي؟ لقد عملت في القارة الأوربية والأسيوية، لكن ههنا في أفريقيا التقيت بأناس آخرين، والرحلات التي قمت بها كانت رائعة، ودائما ما أحببت هذه القارة، فبالرغم الذي تعانيه، الناس هنا يبتسمون، وهذا يذكرني بطفولتي. هل استقررت بالمغرب؟ نعم، أحس بالراحة هنا، وأنا سعيد في هذه الجنة الصغيرة. فمهنة تدريب منتخب تفرض عليك العيش واكتشاف ثقافة البلد الذي تستقر فيه، فالناس هنا طيبون، وهذا مؤثر بالتأكيد. حققنا بعض النتائج الإيجابية، و أظن أننا على بعد خطوة واحدة من تحقيق التأهل، والجمهور المغربي لمس التواصل القوي الحاصل بينهم وبيننا، فبعد مقابلة الجزائر والدركي أوقفني على الطريق السيار بسبب مخالفة اجتياز السرعة المسموح بها، وبسرعة كانت هناك خمس عشرة سيارة قد توقفت من أجل أخذ توقيعات وصور! في أي مكان بالمنتخب كان يستوجب عليكم العمل بسرعة منذ وصولكم؟ الدفاع، وكذلك التنظيم داخل المنتخب، تلقينا هدفا واحدا في خمس مقابلات في التصفيات. الكل يقوم بعمله. أين وصلت القضية المثارة بينك وبين اللاعب تاعرابت الذي غادر الفريق في ماي، والذي أصبح قريبا من الالتحاق بفريق ب.س.ف اندهوفن. لم أحسم في الأمر بعد، أريده أن يعرف مدى جسامة الخطأ الذي أقدم عليه، وقد اعتذر في أحد البرامج، فبعد رغبة الجمهور المغربي وزملائه داخل الفريق، كنت قريبا من نسيان بعض الأمور، لكن واللأسف بعد أربعة أيام أجرت جريدة (اليكيب) حوارا مع تاعرابت الذي عاد الى إثارة الموضوع من جديد. إنه شاب ولا أريد أن أقف أمام مشواره الرياضي رفقة المنتخب، فأنا أيضا قمت بتصرفات غير مقبولة في شبابي. ولا أغلق الباب في وجهه، سيعود وأنا أحبه، إنه يخلق جوا خاصا داخل المجموعة، أنك في حاجة لشخص مثله. وبالإضافة إلى موهبته الكروية فأنا مستعد للتحاور معه مرورك بنادي الهلال السعودي كيف كانت النتائج؟ أولا لا يجب أن أنكر بأن الجانب المادي كان مهما جدا للعمل هناك، فقد وقعت على عقد مغري. أقضي النهار من الصباح حتى المساء رفقة طاقم الفريق. لهذا فمع ديدي فاروجيا شيء قوي قد خلق. بعد ذلك قال لي الأمير رئيس الفريق، بأنه كان الوحيد الذي كان قادرا على تغيير العقليات داخل الفريق. على ماذا أكدت بالنسبة للاعبين؟ في البداية كان من الصعب أن يتقبلوا بعض الأمور التي تدخل في نطاق التربية، ومن بعد عملنا على مزاولة كرة جيدة، وقد كنا أبطالا وبلغنا نصف نهائي عصبة أبطال اسيا أمام 65 ألف متفرج. خسرنا مقابلة واحدة في البطولة، وفي الموسم الثاني انطلقنا بشكل أفضل بعد تحقيقنا لخمسة انتصارات وتعادل. هل تفاجأت بمنح دولة قطر شرف استضافة كأس العالم 2022؟ نعم، بطبيعة الحال، فعندما خضت تجربتي بالهلال، من قبل، قلت ماذا سأفعل هناك، لكن الآن أصبحت لي علاقات هناك، واقتربت من الفرق هناك، يجب أن تكونوا واثقين من أنها ستكون دورة ناجحة، لما يتوفر عليه هذا البلد من فنادق وبنيات تحتية وملاعب، ستكون دورة رائعة وساخنة. هل ستكون حاضرا هناك؟ بكل تأكيد، في دكة الاحتياط أو على المدرجات. أغلب لاعبيك في المنتخب يمارسون في البطولات الاوربية كيف تعمل؟ من أجل متابعتهم، وضعنا نظاما محكما. اليوم لدينا أربعة مختصين يعملون على متابعة لاعبينا، لكن أفضل أن أشاهد المقابلات بنفسي، وبالأخص للاعبين الذين لم يتم بعد المناداة عليهم. وبالنسبة لعناصر مهمة كالعميد الحسين خرجة وزميلة بنعطية، أرحل بنفسي لملاقاتهم وأظهر لهم أنني أتتبع مسارهم مع فريقيهما؟ لماذا؟ كل مدرب له طريقته الخاصة في العمل، وأنا أحرص على أن أكون قريبا جدا منهم، واعتبرهم كأسرتي، وهم يحسون بذلك. من حين لآخر نذهب من أجل تناول وجبة أو احتساء مشروب. ماهي نظرتك للكرة الاوربية، البطولة الانجليزية وكذلك اليغا الاسبانية؟ إنها في القمة، لكن لا يجب أن ننسى البطولة الالمانية وإغفال فريق بايير ميونيخ هذا الموسم. في البطولة الاسبانية، كنت أحب دائما أن أعمل هناك، لكن للأسف لم يتم هذا، حيث سيكون تحديا رائعا أن تقود فريقا يسعى في الاقتراب من برشلونة وريال مدريد. ماهي الكرة التي تحب أن تشاهدها؟ تلك التي يقدمها غلتا سراي، ومارسيليا والهلال، كرة تتقدم باستمرار مع فكرة احتكار الكرة وتمرير بشكل سريع، إن اأردت أن تحكم الخصم، ليس بأن تستقبل الكرة وأن تمرر، لا، بل يجب أن تكون هناك تمريرة أو تمريرتان ثم البحث عن العمق، وعدم إغفال الضغط المتقدم بهذا نبذل جهدا أقل ونسترجع الكرة بأسرع وقت، هذه هي الكرة التي أضعها نصب عيني.