تتابع اللجان النقابية، التابعة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، باستغراب شديد، سياسة الهروب إلى الأمام، التي ينهجها الرئيس المدير العام، فيصل العرايشي، الذي يحاول ركوب موجة البهرجة للتغطية على المشاكل التي تتخبط فيها الشركة والتسيب والفوضى التي استشرت فيها، حيث تصرف فيها أموال يدفعها المغاربة من جيوبهم دون حسيب ولا رقيب. وفي هذا الصدد عبر عشرات الصحافيات و الصحافيين الحاضرين في عملية تكوين اللجنة النقابية للإذاعة المغربية، يوم الأربعاء 21 شتنبر بمقر الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، عن استنكارهم لما يحصل، مسجلين أنه في الوقت الذي ينتظر فيه أبناء الشركة من الرئيس المدير العام، الالتزام بما قطعه على نفسه من وعود لترشيد التسيير وشفافية ونزاهة في نظام تولي المسؤوليات و مراجعة الأوضاع، وخصوصا في ما يتعلق بزيادة 600 درهم التي أقرتها الحكومة، يطلع علينا بقرار تنظيم حدث غريب من نوعه أطلق عليه اسم « الدورة الأولى من جلسات الحوار البين-مهني حول الإعلام العمومي السمعي البصري». ويكمن وجه الغرابة في الإعداد لحدث يتم من طرف أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصحافة، ولا بالممارسة المهنية اليومية ولا يفقهون في ضوابطها، وليس بينهم وبين الخط التحريري و ميثاق ومجالس التحرير وغيرها إلا الخير والإحسان، لذلك سيكون هذا الحوار المغشوش بلا جدوى لأن المهنيين، سواء في الإذاعة الوطنية والجهويات أو في مختلف القنوات التلفزية، قد تم تهميشهم، فهم غير معنيين بحدث هدفه الرئيسي هو التسويق الخارجي، لتمرير سياسة إعلامية أثبتت فشلها. والدليل على ذلك هو استقدام بعض الخبراء من الخارج، بهدف إضفاء طابع دولي على حدث ، يعرف الجميع أن ما سيقال فيه سيبقى ضمن الرفوف، لأن النقاش الحقيقي المفتوح في المغرب، مند سنوات، بين المهنيين والمنظمات السياسية والثقافية والفنية، سبق له أن طرح إشكالات السياسة التحريرية في الإعلام العمومي، وضرورة احترام مقتضيات المرفق العام، الأمر الذي رفضه فيصل العرايشي، منظم اللقاء المذكور. وتذكر النقابة أيضا أن مثل هذا اللقاء ستترتب عنه تكاليف ومستحقات مالية هامة ستدفعها رئاسة الشركة بسخاء. أما أجور المتعاقدين وتعويضات الساعات الإضافية وزيادة 600 درهم التي أقرتها الحكومة، فإنها آخر ما يتم التفكير فيه من طرف الذين اليوم يريدون بيع سلعة فاسدة. إن الهدف من وراء هده البهرجة هو تغييب المواضيع الأساسية عن النقاش مثل دمقرطة وسائل الإعلام العمومي، وجودة المضمون والشفافية في التدبير والمحاسبة والمسؤولية ومبدأ الخدمة العمومية، والتي تعتبر في صلب المطالب المجتمعية التي أفرزها الحراك المجتمعي الذي يعرفه المغرب. وتذكر النقابة هنا أنها، رفقة منظمات فاعلة من المجتمع المدني، النقابي والحقوقي والثقافي، وبمشاركة واسعة من المهنيين في الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة والقناة الثانية، قد شكلت منتدى للدفاع عن الخدمة العمومية في المحطات و القنوات، التابعة للدولة، كمطلب ديمقراطي، من بين مبادئه محاسبة المسؤولين عن التردي الحاصل فيها، فقد حان الوقت الذي ينبغي عليهم تقديم الحساب للشعب المغربي على ما اقترفوه على مستوى التدبير التحريري والتسيير المالي والإداري، أما سياسة إخفاء الشمس بالغربال فإنها ما عادت تنفع في زمن الربيع العربي.