ينطوي استعمال مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بصفة مزمنة لعلاج أمراض التهاب المفاصل الروماتيزمية، والآلام المزمنة، وأمراض التهابية أخرى، على عدة مخاطر، من بينها المخاطر القلبية والشرايينية، وأمراض المعدة، ومضاعفات على الكبد، والكلى، والغضروف. ويتزايد خطر مضاعفات هذه العقاقير خاصة عندما تستعمل بدون وصفة طبية، وبدون مراعاة للحالات الطبية التي يمنع استعمالها خلالها، بحيث نجد أن نسبة كبيرة من الأدوية في بلادنا تباع بالصيدليات بدون وصفة طبية، ولاتحترم الضوابط الطبية، وحالات منع استعمالها. وهناك نوعان من مضادات الالتهاب، ويتعلق الأمر بمضادات الالتهاب الستيرويدية، والتي تطرقنا في مقال سابق للأعراض الجانبية التي تنجم عن تعدد استعمالها بصفة مزمنة، ثم هناك المضادات اللاستيرويدية، موضوع مقالنا لهذا الأسبوع. والتي يمكن تعريفها على أنها مجموعة من الأدوية التي تقوم بثلاثة وظائف دوائية هامة، وهي مضادة الالتهابات، ومسكنات الألم، ومضادات الحمى، ويقوم هذا النوع من الأدوية على تثبيط أنزيم «السيكلواكسيجنيز»، وهو الأنزيم المسؤول عن إنتاج « البروستاكلندين». و»البروستاكلندين» هي مركبات ينتجها الجسم وتقوم بوظائف هامة، منها الإحساس بالألم، تثبيط إفراز الحمض المعوي، تحفيز إفراز الغشاء المخاطي المعوي، مركبات وسطية في الالتهابات، الحمى، وتشير الدراسات إلى أنه من بين الأعراض الجانبية المتواترة لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية، نجد الاضطرابات المعدية ومن بينها قرحة المعدة والإثنا عشر، مع أو بدون نزف. وأوضحت ذات الدراسات على أنه يعاني ما بين 10 إلى 20 في المائة من المرضى الذين يتعاطون لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية من عسر الهضم، وتمثل حوالي 43 في المائة من الحالات المرتبطة بتناول دواء في المستعجلات، كما تشكل خطرا على المرضى الذين لهم تاريخ مرضي، من خلال إمكانية حدوث نزف بالسبيل الهضمي العلوي، المتعلق باستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، بالإضافة للأشخاص الذين يتناولون مضادات التختر. كما تشير الإحصائيات إلى أن المضاعفات الأقل تواترا بنسبة 3 إلى 9 في المائة، تتعلق بالحروق المعدية، الآلام البطنية، الغثيان، صداع الرأس، دوار، طفح جلدي، حكة، نعاس، احتباس المياه، بينما في أقل من 3 في المائة، نجد الإسهال، التقرح الفمي، التقرحات المعدية، النزف المعدي، التقيؤ، الاكتئاب، العطش، الاضطرابات السمعية، والتعرق. وتعمل مضادات الالتهاب على تعطيل «تاليف البروستاغلندين» من نوع 2 المسؤولين عن الالتهاب، كما تعطل تاليف الأنواع الأخرى من « البروستاغلندين «. كما أن لها تأثيرات عكسية على القلب كقصور القلب الاحتقاني، وحدوث ارتفاع بالضغط الدموي، واحتشاء عضلة القلب، ونقص التروية ،ويرتفع حدوث احتشاء عضلة القلب باستخدام بعض مثبطات كوس2. وتجدر الإشارة إلى أنه في الولاياتالأمريكيةالمتحدة تسجل 10000 وفاة كل سنة، ناجمة عن قرحة المعدة، والاثناعشر، عند أشخاص مصابون بأمراض روماتيزمية ويعالجون بأدوية مضادات للالتهاب. كما يتوفي حوالي 10000 شخص نتيجة لتعرضهم لمضاعفات ناجمة عن مضاعفات كلوية وكبدية لهذه الأدوية، فضلا عن كون هذه الأدوية تؤدي إلى دخول 103000 مريض إلى المستشفى. كما بينت الإحصائيات أنه تم تعاطي مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بدون داعي في 42 في المائة من الحالات، أخذا بعين الاعتبار أن الأعراض التي تشمل عسر الهضم، والألم البطني، والانزعاج، والنزوف الهضمية، تتضاءل من خلال مرافقة استخدامها مع مثبطات مضخة البروتون، أو حاجبات مستقبلات الهيستامين. على أنه يجب التشديد وبشكل أكبر على ضرورة الحذر من استعمال مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، عند مرضى السكري بدون فحوصات بيولوجية، وكذلك مرضى الكبد، ومرضى الكلي، والقلب . وفي الختام استسمح القارئ بعرض نتائج بحث عالمي نشر حديثا في يوليوز من السنة الجارية، والذي أنجز بجامعة فلوريدا، حيث يؤكد نتائج أبحاث ودراسات أخرى أجريت في السابق، والتي تشير إلى ارتفاع نسبة الوفيات بالأمراض القلبية عند المرضى الذين يتعاطون مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بصفة مزمنة، وخاصة الأشخاص المسنين المصابين بارتفاع في الضغط الدموي، أو أمراض القلب والشرايين. وقد شمل البحث عينة واسعة تقدر ب 22000 شخص لمدة سنتين وسبعة شهور، بحيث وزع الباحثون الأشخاص إلى ثلاثة مجموعات. المجموعة الأولى ضمت 882 شخصا متعاطيا لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية بصفة مزمنة، وذلك من أجل علاج التهابات روماتيزمية، أو ألام الظهر، أو التهابات مفصلية. بينما المجموعة الثانية تشكلت من 7286 شخص يتناولون مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، بصفة متقطعة، في حين أن المجموعة الثالثة فقد تكونت من 14408 شخص، الذين لم يستعملوا هذه العقاقير بالمرة. وقد أظهرت النتائج الأولى للبحث أن المضاعفات السلبية ارتفعت بنسبة 4.4على كل 100 شخص في السنة بالنسبة للمجموعة الأولى، بينما تزايدت بنسبة 3.7 على 100 شخص في السنة بالنسبة للمجموعة الثانية، كما أشارت الدراسة إلى تضاعف خطر الموت لأسباب قلبية شرايينية عند المرضى الذين يتعاطون هذه العقاقير بصفة مزمنة مقارنة مع المستعملين بصفة متقطعة أو الذين لا يستعملونها بالمرة .