سمحت أشغال الترامواي بالدارالبيضاء، خلال هذا الصيف، ببروز وافد جديد على ساكنة المدينة، أصبح يدق عليهم الأبواب والنوافذ، وفي كثير من الحالات يتجول حرا طليقا في غرف بيوتهم. إنها الجردان، والفئران من كل نوع وحجم. نعم الجردان التي تغزو المدينة بجحافل كبيرة. والأمر أشبه بفيلم سوريالي، غارق في الواقعية. ولقد عادت إلى شقق المدينة ومنازلها عادة شراء المصايد وأدوية محاربة الفئران، وأصبحت تجد العائلات تنصب الفخاخ لها، بشكل يومي. بل إن ذلك قد سمح باكتشاف حجم «شعب الفئران» الساكن تحت الدارالبيضاء والذي يقدر بالآلاف المؤلفة، التي ترتع بحرية في سراديب المدينة. وهذا واحد من الأعطاب الخدماتية التي تدين مسؤولي المدينة المحليين، الذين آخر همهم تخصيص ميزانيات على مدى سنوات لمحاربة الفئران بالمدينة. علما أن كثرة الجردان والفئران في أي تجمع سكني تورث الأمراض وأخطرها الطاعون. سترك يا رب.. إن الدارالبيضاء يتيمة، لا أب لها يخاف على مصيرها. وحجم الفئران التي صعدت هذه الأيام إنما يذكرنا أننا في هذه المدينة لا نزال خدماتيا نعيش في القرون الغابرة. مما يجعل ساكنة المدينة ضحية فئران الطبيعة وفئران السياسة، أي ضحية جردان تحت الأرض وسلوك مسؤولين فوق الأرض، حتى «شعب الفئران» لا يستطيع أن يصل إلى حجم صلافتهم ووقاحتهم ولا مسؤوليتهم.. لك الله يا كازا، وليس لكم سكانها سوى المقاومة بما ملكتم لكنس جردان السراديب وجردان الكراسي.