أخيرا قررت الحكومة أن تعرض القانون التنظيمي الجديد للمالية على البرلمان خلال دورة شتنبر المقبل، وهو القانون التنظيمي الذي طالما بحت حناجر البرلمانيين مطالبة بضرورة مراجعته ، حيث كان الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أول المطالبين بإصلاحه لجعل البرلمان «فاعلا حقيقيا في الديمقراطيةالمالية». الوثيقة الحالية الموضوعة لدى الأمانة العامة للحكومة، والتي تتضمن مشروع قانون من 83 فصلا، قد تستجيب في جزء منها لمطالب الإصلاح، سواء في ما يرتبط بمطلب تقوية النجاعة والحكامة في تدبير المال العام، حيث سيتم تحضير القانون المالي مستقبلا بتقسيم الميزانية إلى برامج متعددة السنوات، ومشاريع تراجع وتصحح على مدار السنة وتوضع لها إطارات مرنة للتنفيذ على المدى المتوسط ، أو في ما يتعلق بمطلب تقوية دور البرلمان في مسلسل إعداد وتحضير الميزانية العمومية، حيث ينص مشروع القانون التنظيمي الجديد على أن يعرض وزير المالية الإطار العام للميزانية على لجنة المالية بمجلس النواب قبل 31 يوليوز، وذلك لوضع ممثلي الأمة في صورة ما يعيشه الاقتصاد الوطني في تلك اللحظة حتى يكونوا على علم بوضعية تنفيذ الميزانية الحالية، وعلاقتها بالبرامج الحكومية، قبل الخوض في الميزانية المقبلة. وليتسنى ذلك ينص المشروع على أن يصاحب القانون المالي مستقبلا بمجموعة من الوثائق والتقارير المحينة حول الكتلة الأجرية، وصندوق المقاصة والمديونية العمومية ووضعية الاستثمارات ومالية الجماعات الترابية... المشروع الجديد سيعفي وزير المالية من مشقة العرض المكرر للقانون المالي على غرفتي البرلمان، ليختصر عليه الطريق بوضعه لدى لجنة المالية بمجلس النواب التي يكون أمامها متسع 30 يوما لتدارسه، وإدخال التعديلات عليه قبل أن يحال على مجلس المستشارين الذي يصادق عليه بدوره في غضون شهر . وقد ألح الفريق الاشتراكي بالبرلمان مرارا على ضرورة إشراك البرلمانيين في إعداد الميزانية العمومية، ليس من باب إبلاغهم بنوايا الحكومة، ولكن من باب الإصغاء إلى اقتراحاتهم والإكراهات التي تواجههم، باعتبارهم ممثلين ومؤتمنين عن الدفاع عن قضايا فئات اجتماعية عريضة بالنسبة لممثلي أطراف الإنتاج ، وعن قضايا الشعب بالنسبة للبرلمانيين. كما يشدد الفريق على أهمية إعمال الرقابة البرلمانية على المؤسسات العمومية، خاصة وأن استثماراتها تفوق بكثير استثمارات القطاعات الوزارية، معتبرا أنه من العبث أن تظل المؤسسات التي تتولى استثمار حوالي ثلثي المال العام خارج الرقابة البرلمانية. كما يؤكد الفريق على ضرورة تنظيم مشروع الميزانية حسب السياسات العمومية ، وجعل الميزانية أكثر شمولية من خلال القيام بمجهود يروم تبرير مختلف النفقات حسب المشاريع، وتحليل مختلف التدابير المتعلقة بالنفقات، وتعبئة الوسائل والآليات التي تسمح بالقيام بتحليل معمق للميزانية.