أطلقت مدينة تطوان، التي صنفتها منظمةالأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) سنة 1997، تراثا عالميا للإنسانية، نداء آخر للاستغاثة بسبب الخطر الدائم الذي يتربص بقلب «الحمامة البيضاء». ويتزامن تنظيم ندوات وموائد مستديرة ومعارض متخصصة للحفاظ على هذه المدينة العتيقة، مع النداءات الملحة من أجل تدخل سريع للسلطات والمنتخبين والمجتمع المدني والساكنة من أجل تفادي الأسوء. ويندرج تنظيم مائدة مستديرة يوم الجمعة الماضي من قبل الجمعية غير الحكومية تطوان أسمير تحت شعار «أي مشروع لإنقاذ المدينة العتيقة لتطوان» في هذا السياق. وحاول باحثون وأكاديميون وخبراء مغاربة وإسبان مرة أخرى من خلال مداخلاتهم تسليط الضوء على هذه القضية. وأكد محمد بنعبود عن كلية الآداب بتطوان والمتخصص في المدن العتيقة أن المسؤوليات مشتركة بين مختلف مكونات الساكنة بتطوان وأن أي مجهود يهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في المدينة العتيقة ينبغي أن يستفيد من دعم سياسي من مستوى عال وبشكل مسبق. وقال إن المشروع العام لإنقاذ هذه المدينة غير موجود لحد الآن, لهذا تم إطلاق هذا النداء لإعداد مشروع في هذا الصدد في الأشهر ولما لا في الأسابيع المقبلة. وأكد أن اقتراح أفكار وخطوط عريضة لهذا المشروع يجب أن تكون وفق رؤية عامة ومن هنا تبرز أهمية تحديد الأولويات كإحداث وكالة مستقلة للحفاظ على المدينة العتيقة وإحداث مراكز لشرطة القرب، وتهيئة المحاور الطرقية الكبرى، وتنظيم حركة مرور الراجلين وتقديم الدعم للمنازل الآيلة للسقوط وذات القيمة التاريخية. وفي هذا الإطار، استحضر منزل بنعبود الذي احتضن هذه المائدة المستديرة والذي أصبح متحفا جهويا للحركة الوطنية للمقاومة، مبرزا أن هذه المبادرة تعكس بوضوح التعاون الجيد بين الجماعة الحضرية لتطوان والجمعية غير الحكومية تطوان-أسمير، وحكومة الأندلس حيث استغرق إعادة تهيئته ثمانية أشهر. ومن بين الأولويات التي حددها السيد بنبعبود إعادة تجديد شبكة التزويد بالماء المعروفة ب«السكوندو»، مفخرة ساكنة المدينة، التي يعود تاريخ إحداتها إلى ثلاثة قرون والتي تزود بالماء عددا كبيرا من المنازل والنافورات، وتضفي بهاء على المدينة العتيقة». كما دعا بنعبود إلى ترميم مقبرة المسلمين وإحداث متحف خاص ب «المطمورات» وهي مخازن قديمة تحت الأرض تم استغلالها كسجون للإسبان والبرتغاليين في القرن18، ووظف أحدها ككنيسة أنشأها الأسرى لأداء شعائرهم الدينية. من جانبه، شدد بيرناردين ليندز فيلشيز من جامعة غرناطة, في مداخلة حول «المشهد الثقافي، رؤية شمولية للتراث»، على ضرورة مضاعفة الجهود من البلدين لإنقاذ هذا التراث الكوني. وبعد أن أبرز جمالية المعمار الإسلامي، أبرز المتدخل أن الهدف النهائي يتمثل في «أسر روح» هذه العجوز ذات العشرة قرون التي لم تفقد شيئا من جاذبيتها الأندلسية. أما بوعبيد بوزيد، الفنان الرسام ومدير المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان، فعرض خلال مداخلته حول «تدهور جمال التراث الفني للمدينة العتيقة بتطوان»، صورا «بدون تعليق» حول «المجازر» التي تشهدها بعض أماكن المدينة العتيقة حيث تبدو درجة التدهور والخسائر غير القابلة للتعويض المرتكبة في حق هذه المدينة العتيقة التي يعود تاريخ أسوارها لنهاية القرن15 ويتم ولوجها عبر سبعة أبواب هي باب العقلة، وباب الصعيدة، وباب المقابر، وباب الجياف، وباب النوادر، وباب التوت، وباب الرموز.