اكتسح اللوبي العقاري في السنوات الأخيرة مدينة فاس بالكامل بتواطؤ فاضح مع جهات نافذة في الجماعة الحضرية لنفس المدينة. حيث استفحلت مع هذه الظاهرة العمليات الغير القانونية للتفويت والمعاوضة وإجراء السمسرة، والتحكم بقبضة من حديد في المساطر الإدارية والقانونية. مما بدأ يؤرق هذا اللوبي مجموعة من المقاولين والمستثمرين. أما ذلك المواطن البسيط فأصبح من الصعب عليه اقتناء قطعة أرضية ليبني عليها مسكنا لأبنائه أو مشروعا محترما يقيه غدر الزمان. ورغم الدعوات المتكررة المطالبة بوضع حد لهذا اللوبي العقاري كلها باءت بالفشل أو على الأصح تم إجهاضها من طرف جهات لها يد خفية مع هذا اللوبي الذي يرعى مصالحها الاستثمارية بالمدينة. شاءت الأقدار أن يقع مهاجر مغربي في شرك هذا اللوبي العقاري، عندما عزم على الاستثمار بمدينة فاس وذلك بإنشاء مدرسة عليا في هندسة الإعلاميات. تعرض حينئذ لوابل من العراقيل والمضايقات الإدارية منها والقانونية من طرف اللوبي العقاري وبإيعاز من متنفذين في الجماعة الحضرية لفاس، فتفجرت بذلك أحداث تتعاظم يوما بعد يوم، وعرفت مجرياتها أطوارا تارة تميزت بالاحتقان وتارة أخرى بالتهدءة. بدأت الأحداث كما يقول نجيب مكوار، عندما حصل على رخصة قانونية عدد 08/502 لبناء مدرسة على قطعة أرضية بعد أن اقتناها موضوع الرسم العقاري عدد57563/07 بتاريخ 16/11/2008، والتي تتوفر على واجهتين واجهة رئيسية على مساحة خضراء وواجهة خلفية. بعد ذلك شرع في البناء وقطع أشواطا مهمة فيه، وأثناء مسايرته لأشغال البناء توصل بقرار الإيقاف من رئيس المجلس الجماعي بفاس وبعد جهد جهيد من الإجراءات الإدارية والقانونية التي تتطلبها المحكمة الإدارية أفضت إلى إعادة فتح ورش البناء. وبمجرد استئناف البناء ثانية، صدر قرار عدد 21/10 ثم قرار 24/10 بإيقاف أشغال الورش. توالت بعد ذلك الأحداث الواحدة تلو الأخرى كما يقول في استهداف واضح للمشروع الذي يريد اللوبي العقاري بهذه المدينة وأده منذ البدء. بعد ذلك تم الترخيص لشركة مساكن طيبة بإنشاء تجزئة سكنية على الأرض موضوع الرسم العقاري 157660/07 التي يتواجد عليها المدخل الرئيسي للمدرسة والمصنفة كمساحة خضراء ضمن تصميم التهيئة المصادق عليه بمرسوم 828-95-2 بتاريخ 16/11/1998، مما ترتب عن ذلك الاستيلاء على الوجهة الرئيسية للمدرسة والملك العام دون احترام طريق التهيئة ذات عرض 50 مترا ولا واد مغطى الذي يفصل الرسمين العقاريين المتجاورين حسب ورقة المعلومات المدلى بها من طرف الوكالة الحضرية لفاس؛ مما يمنعه هذا الترخيص لشركة مساكن طيبة من حق الارتفاق، بموجبه يتم حق المرور منه واليه والذي تتمتع به جميع البنايات المحاذية لمشروع البناء. يضيف نجيب مكوار ومن أجل معالجة الاختلالات الحاصلة ولإنصافه أصدر رئيس المجلس الجماعي قرار سحب رخصة البناء منه بتاريخ 24/12/2010 أي بعد 20 شهرا من حصوله عليها. حيث اتخذ قرار السحب في دورة أكتوبر 2010 للمجلس الجماعي بدعوى مشروع قرار تصفيف جديد في طور الانجاز والذي تم المصادقة عليه في دورة المجلس. قرار التصفيف الذي يدخل ضمن تصميم التهيئة الحالي المشار إليه أعلاه، لا زال ساري المفعول، ولا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا بمرسوم، لأن ما يقر بمرسوم لا يغير إلا بمرسوم جديد، ولا يحتاج إلى مصادقة المجلس الجماعي عليه، وإنما الدور المنوط بهذا الأخير تنفيذ الأشغال والعمليات العامة ومراقبة تطور هذه الأشغال واحترامها، ويدخل ضمن هذه الأشغال المساحات الخضراء والتصفيف وحق الارتفاق، كما جاء في المادة 27 من قانون التعمير 90-12. يقول نجيب مكوار هذا الاجتهاد الذي قام به رئيس المجلس الجماعي يخدم مصالح اللوبي العقاري بالمدينة ويضر بمصالحي الخاصة. كما أردف قائلا : كيف يعقل أن هذا القرار يطبق علي دون سواي؟ في حين أن البنايات المجاورة لي لا تخضع لنفس قرار التصفيف أي أنها تتمتع بحق الارتفاق أما أنا فلا؟ كما تساءل عن الجهة التي تقف وراء، والتي لها مصلحة في استمرار فساد اللوبي العقاري بالمدينة؟ كما وجه نجيب مكوار استفسارا إلى رئيس المجلس الجماعي، لإيفاده بكل التوضيحات بخصوص الترخيص لشركة مساكن طيبة، إلا أنه رفض تقديم أي إفادة في هذا الموضوع مكتفيا فقط بالتأكيد على أن الجماعة الحضرية لفاس قامت بتسليم قرار الترخيص بالبناء عدد 2009/28 في اسم شركة مساكن طيبة، وهذا ما يتعارض مع الفصل 27 من الدستور والذي ينص على أن للمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة بحوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة. كما راسل وزير الداخلية بتاريخ 17/06/2011 التمس منه تعيين لجنة مختصة لإجراء بحث ميداني في الموضوع والتأكد من سلامة الإجراءات المتخذة. كما راسل في نفس الموضوع، كل من وزارة السكنى والتعمير ووزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ومؤسسة الوسيط قصد إنصافه وتمكينه من إعادة فتح ورش البناء الذي لم يكتب له أن يرى النور بعد.