"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء تكشف حقيقة علاقة العمدة السابق لسلا بالعماري والسكروحي وعباس الفاسي
إدريس السنتيسي.. الوجه الخفي ل«حمال حقائب» تحول إلى ملياردير
نشر في المساء يوم 22 - 04 - 2011

يحدث هذا عندما يتداخل المال بالسياسة وإدارة الأعمال بالتسيير الجماعي: صراع أشبه بمعركة دامية بين ديكة، مع فرق أن معارك هؤلاء،
التي انطلقت جولاتها الأولى في سلا، أطاحت بأسماء وزجّت برجال أعمال في السجن وفضحت ما دأب مدبرو الشأن المحلي في عدوة العاصمة على «ستره» لسنين، بينما ما يزال المجال مفتوحا لتناثر مزيد من «الدماء»... التحقيق التالي يكشف حقيقة الحرب الدائرة في سلا بين مستشارين جماعيين ورجال سياسة ومنعشين عقاريين ويميط اللثام عن محركي خيوط هذه «اللعبة».
لم يكن شباب 20 فبراير يدرون أنهم بمجرد رفعهم صور إدريس السنتيسي، عمدة سلا السابق، إلى جانب من يعتبرونهم «رموز الفساد»، سيوقفون حربا محتدمة بين أكبر رجال الدولة إثارة للجدل، حتى حين... في ساحة هذه الحرب، تَواجَه الجميع: جامع المعتصم، رئيس مقاطعة تابريكت، ونور الدين الأزرق، التجمعي وعمدة سلا الحالي، وعبد الإله بنكيران، ابن سلا والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين مزوار، وزير المالية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. بينما تراصّ في الجهة الأخرى إلياس العماري، «مهندس» مخطط «البام» للحرب على الإسلاميين، وعلال السكروحي، العامل -المدير العام للجماعات المحلية، ورجال دولة وقضاء، تكلفوا بإدارة معارك من الصفوف الخلفية.
«المساء» تعري لكم حقيقة «الحرب» الدائرة رحاها في سلا، من خلال إماطة اللثام عن الوجه الخفي لمحركها الأساسي، إدريس السنتيسي، استنادا إلى مصادر مطلعة ومختلفة. من هو هذا الرجل؟ كيف قدِم من مكناس إلى سلا؟ وكيف تحول من «فيدور» في فندق وطباخ في مطعم إلى أكبر مستثمر في العدوة، التي تبيض ذهبا؟ ما حقيقة علاقاته بإلياس العماري وعلال السكروحي وعباس الفاسي ورجال قضاء نافذين؟
كانت بداية إدريس السنتيسي بسيطة للغاية، «فيدور» يتكلف بالاستقبال أمام فندق «كازابلانكا» ثم فندق «هيلتون» الشهير. وبعد حصوله على دبلوم في الفندقة، وتحديدا في مجال الطبخ، انتقل للاشتغال في أحد مطاعم سلا. كان ذلك كله خلال سبعينات القرن الماضي. البداية بسيطة للغاية كما يبدو، والطريق يبدو معتما، حتى الآن، ووجه السنتسي، «الفيدور» والطباخ، يظهر متناقضا مع صورته الجديدة: رجل سلا الأول...
كواليس البداية
لم يدم اشتغال السنتيسي في مهنة الطبخ طويلا، إذ سرعان ما سلك طريق رزق آخر، شاقاً للغاية، فقد فتح ورشة صغيرة للنجارة في سلا. لم يكن للسنتيسي، الشاب حينها، مال لاقتناء محل يضع فيه آلات النجارة، لذلك لجأ، مرارا، إلى اكتراء محلات وسط أحياء سكنية، ما جعله موضوع شكايات عدة كانت تحرك موظفي البلدية لإغلاق محله.
أغرت عثرات البداية السنتيسي بالتعريج على أكثر طرق الثروة والمجد اختصارا: الإدارة. قاده هذا الطريق المختصر، رفقة أخيه ورفيق دربه، عمر السنتيسي، إلى إحدى المؤسسات الجهوية للتجهيز والبناء (ليراك)، والتي تحولت، في سنة 2006، إلى شركات مساهمة جهوية تسمى «العمران».
أُسنِدت للسنتيسي مهام مالية في هذه الإدارة التي اشتغل فيها حتى بداية ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يُعتقَل بسبب اتهامه، رفقة شقيقه، بتلاعبات مالية مشبوهة، في خزينة هذه المؤسسة التي كان يعمل فيها.
أحيل «ملف» إدريس السنتيسي وشقيقه عمر على محكمة العدل الخاصة، قبل أن يُطلَق سراحه في ظروف غير معروفة، ليبدأ الجزء الثاني من سيرة «رجل سلا الأول».
خرج إدريس السنتيسي من السجن وكأن شيئا لم يكن. بدأ حياته، من جديد، في صمت وبسرعة البرق، عبر الانتقال إلى مجال آخر، بعيدا عن الطبخ والنجارة. تأتى له ذلك من خلال الاستثمار في مجال التعليم الخصوصي، إذ قام ببناء مدارس عدة في «حي السلام» في سلا، في مقاطعة «بْطانة»، بالتحديد، بداية من سنة 1981.
شكّل هذا المشروع بداية نسج السنتيسي علاقات مع رجال السلطة والمتحكمين في تدبير أمور مدينة سلا. عكست ذلك، كما تكشف مصادر مطلعة ل»المساء»، عملية اقتناء قطع أرضية في «حي السلام»، بمساعدة عامل سلا في تلك الفترة، والذي كانت تربطه علاقة صداقة بالسنتيسي، بل أكثر من هذا، فهذا العامل كان يتحدر أيضا من مدينة مكناس، التي خرج منها السنتيسي ذات يوم.
أسس السنتيسي مدرسة للتعليم الابتدائي، سرعان ما توسعت وتحولت إلى «مجموعة مدارس الأمانة» للتعليم الابتدائي والثانوي، كما توسع نشاط هذه المدارس التعليمية، ما دفع السنتيسي إلى إنشاء مدرسة «ليناب» للمعلوميات وإلى توسيع قاعدة مدارسه، مستفيدا من مساعدة العامل السابق، طيلة الثمانينيات والتسعينيات، إذ سانده في تجاوز تصاميم التهيئة وفي إقامة مدارس فوق مناطق خضراء...
في مدة زمنية وجيزة، صارت لدى السنتيسي مجموعة مدارس كبرى، فضلا على أزيد من 36 سيارة لنقل التلاميذ، الموزَّعين على أحياء سلا كلها. وبالإضافة إلى مساعدة العامل المكناسي له في توسيع شبكة مدارسه، فقد سخّر له إمكانية ربط مجموعته المدرسية بطرق تصل هذه المؤسسات التعليمية بجل أحياء سلا.
بداية النهاية...
راكم السنتيسي خلال هذه الفترة ثروة فتحت له باب الاستثمار في كل شيء، في العقار والسياحة وحتى في الصناعة التقليدية، كما أقام مشاريع عدة جعلته يتربع على عرش مدينة سلا، باعتباره «المستثمر الأول والأوحد». وعلى امتداد شهور وسنوات، ظل السنتيسي يراكم «المجد» و«الثروة» إلى أن اعتلى «القمة» وصارت الأعين ترقبه من بعيد، وانتقلت هذه المراقبة إلى حراك تجلى في تقديم شكاية في حقه أعادت رسم «صورة» أخرى عن «حقيقة» كل مشاريعه الاستثمارية.
توجه بهذه الشكاية، قبل أيام، المستشار الجماعي عبد اللطيف بنعزوز، من التجمع الوطني للأحرار، للوكيل العام للملك، وتتوفر «المساء» على نسخة منها، حيث يعدد فيها المشتكي سلسلة مما اعتبره «خروقات»، بالاستناد إلى وثائق وصفقات ومراسلات سرية.
ستكون البداية بتأسيس السنتيسي شركة أسماها «الزهراء»، ومن تم إنشاء مجمع للصناعة التقليدية أسماه «قرية الفنون -الولجة»، وهي موضوع الشكاية الثانية التي تقدم بها بنعزوز، والمضمَّنة في الملف المرفوع إلى وزيري الداخلية والعدل. جاءت هذه الشكاية على شكل «مقترح قرار لإلغاء عقد الكراء المبرم بين الجماعة الحضرية لسلا -بطانة وشركة «الزهراء -خدمات تجارة وصناعة».
توسعت هذه المنطقة الصناعية التقليدية بشكل كبير، بعد أن تولى إدريس السنتيسي مهمة رئاسة الجماعة الحضرية لسلا، إلى درجة أنها صارت موضوع مراسلات واحتجاجات، احتجاجات كانت بمثابة حطب أشعل فتيل «الحرب» بين السنتيسي والعمدة الحالي، نور الدين لزرق، من التجمع الوطني للأحرار، الحزب الذي ينتمي إليه بنعزوز، المتقدم بالشكاية. فقد اتهم لزرق السنتيسي بتسخير موارد الجماعة، عندما كان عمدة لسلا، لتطوير مشروعه «قرية الفنون»، من خلال «سرقة الماء والكهرباء» على اعتبار أن البلدية هي التي كانت تدفع ثمنَ فاتورة «قرية الفنون» طيلة مدة ولايته.
تؤكد الشكاية موضوع التحقيق الأمني، والتي تقدم بها بنعزوز، وجود ما اعتبره منطوق الشكاية «تلاعبات» تتعلق بمشروع مجمع الصناعة التقليدية الخاص بالسنتيسي، حيث ذكرت أنه تم، سنة 1991، تفويت القطعة الأرضية «B»، الكائنة بمجمع «الفخارة» في الولجة، والبالغة مساحتها 3000 متر مربع، لفائدة إدريس السنتيسي لبناء مجمع للصناعة التقليدية»، مضيفة أن هناك أيضا «عقد كراء مبرم بتاريخ 14 مارس 1991، بين عمالة سلا وشركة «قرية الفنون» المغربية، ممثلة في شخص ممثلها القانوني إدريس السنتيسي، كمتصرف وحيد للشركة، للقطعة الأرضية رقم «ب»، ومساحتها 2500 متر مربع، الواقعة في مدخل مركب «الفخارة» (الجانب الأيمن) لمدة 99 سنة، ابتداء من فاتح مارس 1991، بثمن 1000 درهم لكل شهر».
فضلا على ذلك، فالشكاية، المعززة بوثائق ونسخ من عقود ومحررات، تؤكد اعتماد السنتيسي التدليس في ما يخص الأرض التي أقيم فيها مجمع الصناعة التقليدية، من خلال «تغيير مساحة الأرض موضوع عقد الكراء، في كل مرة، وتمديد مدة الكراء والتلاعب في ثمن الكراء مقارنة مع المساحة المكتراة».
إدريس وعمر...
بالاستناد إلى الوثائق المتضمَّنة في الشكاية ذاتها، يتهم بنعزوز إدريس السنتيسي باستغلال نفوذه ومركزه كعمدة لمدينة سلا من أجل اتخاذ إجراءات تخدم مصالحه الشخصية. وحسب الشكاية، فقد «تورط» السنتيسي في صفقات «مشبوهة» أحد أطرافها شركة «العمران»، التي احتضنت مؤسسات «ليراك»، والتي كان السنتيسي يعمل فيها ذات يوم. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى درجة أصبح أحد أطراف تعاملات السنتيسي هو شقيقه عمر، الذي اعتُقل معه ضمن ملف «ليراك».
تمثل ذلك، حسب الشكاية، في أن «إدريس السنتيسي، كرئيس للجماعة الحضرية لسلا، وبمساهمة شقيقه عمر السنتيسي، كرئيس لمقاطعة «لعيايدة»، وبمشاركة المدير الجهوي لمؤسسة «العمران»، قاموا، جميعُهم، بالنصب والتزوير والتدليس والإخلال بقانون الميثاق الجماعي ونالوا من المالية العامة للدولة المغربية وجماعة سلا ومؤسسة العمران».. وأردفت الشكاية ذاتُها أن «هذه العمليات المشبوهة فوتت على الخزينة العامة للدولة ما مجموعه 65 مليون درهم تقريبا، كانت كافية لتشغيل 272 من شباب مدينة سلا لمدة سنة كاملة، استفاد منها لوحدها كل من إدريس وعمر السنتيسي».
كشفت هذه الصفقة أيضا لجوء السنتيسي إلى إدخال علاقاته الدموية والحزبية في مشاريعه الاستثمارية. وقد تجلى ذلك في استغلاله صلته بشقيقه ورفيقه عمر، المنتمي أيضا إلى حزب الحركة الشعبية، كي يستفيد من قطع أرضية، حسب الشكاية التي أكد فيها بنعزوز أن «عمر السنتيسي استفاد من القطع الأرضية رقم 1-80 -79 في نفس التجزئة بدون سمسرة عمومية وبطرق غير قانونية وملتوية وغير مشروعة»، مضيفا أن «إدريس السنتيسي، كرئيس للجماعة الحضرية لسلا سابقا، وشقيقه عمر السنتيسي، استخفا بسلطات المجلس الجماعي ولم يعرضا عليه المشروع التعديلي للتجزئة لإبداء رأيه فيه».
عددت الشكاية مجموعة مما وصفته ب»الخروقات التي سقط فيها العمدة السابق»، إلا أن مجموعة مما اعتبرته الشكاية تجاوزات متعلقة بمشاريع خاصة بالسنتيسي شكلت أهم مصادر اغتنائه ونفوذه في مدينة سلا.
من بين هذه الملفات الساخنة موضوع مشروع السنتيسي الثاني، والذي أسماه «الوقت الأخضر». احتل هذا المشروع السياحي، الذي كلفه 100 مليون درهم، موقعه في مكان «ولا في الخيال»، حيث يلتقي البحران، أي مصب نهر أبي رقراق على المحيط الأطلسي.
يضم مشروع السنتيسي الضخم فندقا كبيرا يضم 114 غرفة، فضلا على 24 شقة فخمة و8 مطاعم ومقاهٍ، بالإضافة إلى ملهى ليلي. يجوار الملهى الليلي، هناك مسرح مصمم وفق الطريقة الرومانية، إلى جانب أستوديو للتسجيل التلفزي وقاعة ضخمة للحفلات. وقد شكلت هذه القاعة، لوحدها، موضوع ما اعتبرته الشكاية، المحالة على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، خرقا سافرا، إذ تشير الشكاية إلى أن «السنتيسي استغل نفوذه كرئيس للمجلس الجماعي لسلا لتحويل القطعة الأرضية من الصناعة إلى التجارة، لتفادي السمسرة العمومية والحصول على رخصة لبناء قاعة للأفراح تحت قرارci808، بتاريخ 25 مارس 2008، في خرق سافر لتصميم التجزئة ودفتر تحملاته، المصادَق عليه، وللقانون المنظم لبيع أراضي الدولة المخصصة للتجارة، حيث وجب إجراء البيع بالسمسرة العمومية».
إلى جوار «قاعة الأفراح»، بنى السنتيسي مركّبا للمعالجة بالمياه، يستعمل تكنولوجيات حديثة لتنقية مياه نهر أبي رقراق، ومن تم استعمالها في هذا المشروع، الذي يدر أرباحا طائلة.
حدث كل ذلك عندما عهد إلى السنتيسي برعاية أمور سكان سلا وتولى مهام عمودية المدينة، وهو ما عكس، حسب الشكاية موضوع النظر، وجود «اتفاق وتواطؤ واضح بين السنتيسي وكل من المتعاونين معه والمتسترين عليه والمساهمين معه، رغم أن الميثاق الجماعي يمنع منعا كليا على كل عضو من المجلس الجماعي، تحت طائلة العزل، أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة بصفته الشخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا أو التبادل أو كل معاملة تهم أملاك الجماعة»، كما أن «السنتيسي، رجل الأعمال والمقاول والمتصرف الوحيد للشركة المجهولة «الوقت الأخضر»، تمكن من تحصيل مزايا لفائدته أو لفائدة مقاولاته ومدارسه الخاصة وشركاته بصفة غير قانونية، ومنها منحه إعفاء دون سند قانوني، ولعدة سنوات، من أداء الواجبات الكرائية للمركّب السياحي سان دانس».
استندت هذه الأمور الخطيرة كلها، والمضمَّنة في الشكاية، على مراسلات سرية من قِبَل سلطات الوصاية، التي راسلت السنتيسي مرارا، مطالبة إياه بتطبيق المساطر القانونية. هذه المراسلات السرية كان مصدرها كلها عامل عمالة سلا، وهمت ملاحظات حول طرق تدبير السنتيسي أمورا عدة، أولها مراسلة سرية رقم 04546، بتاريخ 10 دجنبر 2004، المرفوعة إلى وزير الداخلية، المديرية العامة للجماعات المحلية، حول تسليم رخص للتعمير غير قانونية، والموجهة نسخةٌ منها قصد الإخبار وقصد اتخاذ الإجراءات المسطرية والقانونية، مع إعطاء توضيحات في الموضوع، لإدريس السنتيسي، الرئيس السابق، في مراسلة سرية تحت عدد 04547، بتاريخ 10 دجنبر 2004، إضافة إلى مراسلة سرية أخرى، بتاريخ 14 يناير 2005، موجهة لإدريس السنتيسي حول تسليم رخص للسكنى لمشاريع مرخصة بطرق غير قانونية، طالبا منه التطبيق الصارم لضوابط وقوانين التعمير الجاري بها العمل.
والأدهى من ذلك كله أن السنتيسي، حسب الشكاية، سعى إلى انتزاع «رخص خارجة عن القانون تحت الضغط والإكراه لفائدته، باعتباره رجل الأعمال والمتصرف الوحيد للشركة، من طرف توفيق بولتام، رئيس مقاطعة «بطانة»، واستغل منصبه كرئيس سابق للجماعة الحضرية لكي يسحب، وبطرق خاصة، من مستندات الجماعة ومقاطعتي «بطانة» و«المريسة» جميع الملفات المتعلقة بمشاريعه الخاصة في الجماعة، والمتضمِّنة لجميع الوثائق الرسمية المصادَق عليها، والتي عرفت بعضها عدة تجاوزات وخروقات، فضلا على تقصيره المتعمد، حسب الشكاية، بعدم تبليغ سلطات الوصاية والسلطة القضائية على الجرائم المقترَفة في الجماعة، رغم علمه بالتجاوزات والخروقات المرتكَبة من قِبَل المتعاونين معه». ورغم مراسلات العامل وزارة الداخلية، فإن الأخيرة لم تحرك ساكنا قط. فمن يقف وراء السنتيسي في وزارة الداخلية؟ وما هي شبكات علاقاته التي جنبته أي تدخل صارم أو مساءلة؟
«لعبة» الكبار
لم يأل إدريس السنتيسي جهدا ل»تثبيت» مكانته في مدينة سلا، عندما أصبح عمدة لها. كان طريقه إلى ذلك بوابة المزاوجة بين النفوذ والسلطة والمال والسياسة والرياضة. وقد تجلى ذلك في شغله منصب عضو اللجنة الشرفية لفريق جمعية سلا، فريق المدينة الأول، كما خصص له قيمة دعم كبيرة، وقام بتنظيم دوريات من أجل تطعيم الفريق بلاعبي الأحياء.
ظل أساس القرابة العائلية والحزبية حاضرا في مشاريع السنتيسي الاستثمارية وحتى السياسية. وقد عكس هذا الأمر ارتباط اسمه باسم أخيه عمر.
لكنْ في لحظة من اللحظات، صار اسم السنتيسي يقترن بأسماء «وازنة»، «يبني» لأجل الاقتراب منها «جدرانا» من العلاقات العائلية والسياسية والمصلحة. بدأ ذلك بمصاهرة الرجل الذي سيشكل «جدارا دفاعيا» للسنتيسي في تحركاته، ويتعلق الأمر بعلال السكروحي، العامل المدير الحالي لمديرية الجماعات المحلية في وزارة الداخلية، والذي تزوج بزوج أخت السنتيسي.
كان السكروحي، حينها، عاملا مديرا عاما للوكالة الحضرية في الدار البيضاء، وفي هذه وجهت لإدريس جطو، الوزير الأول السابق، أكبر «صفعة» في تاريخ مسيرته الاستثمارية، بعد إثارة ملف تحوير الطريق السيار بقطعة أرضية اقتناها جطو في ضواحي البيضاء الجنوبية.
كان «محرك» هذه التطورات كلها «رجل الظل»، الذي يرِد اسمه كمتدخل في عدة أحداث، رغم أنه ليس في منصب مسؤولية، هذا الرجل هو إلياس العماري، وهو الرجل نفسه الذي سيحمل السكروحي، ابن الريف أيضا، من الدار البيضاء إلى وزارة الداخلية.
في هذه الفترة، خرج إدريس السنتيسي، لأول مرة، عن صمته، بعد أن فاز التجمعي نور الدين لزرق بعمودية سلا، حيث قال أمام الملأ، وخلال أول دورة لمجلس مدينة سلا، إنه قادر على الزج بالعمدة الجديد في السجن... تهديد صريح كشف جزءا من «الجدار» الذي أصبح السنتيسي يتكئ عليه، ويتعلق الأمر بعلال السكروحي، العامل المدير العام للجماعات المحلية في وزارة الداخلية، وصهر (زوج أخت) السنتيسي...
اتضحت العلاقة الظاهرة بين السنتيسي والسكروحي و»الدينامو» إلياس العماري بشكل أكبر مع تطور ملف اعتقال جامع المعتصم ومن معه، فحسب مصادر مطلعة، فإن خطوة رفع شكاية ضد المعتصم ومنعشين عقاريين وخصوم سياسيين «يزاحمون» السنتيسي في سلا، كانت مرتكزة على «مخطط» وضعه إلياس العماري، قصد توجيه ضربة ل«العدالة والتنمية» وتحالفه في سلا، في إطار خطة لفك تحالفات حزب بنكيران بجميع المدن، أما «الآلة المحركة» فكانت هي علال السكروحي، الذي عمل على «أجرأة» الخطة، بعد أن كان وزير الداخلية السابق، شكيب بنموسى، قد رفع تحريك المتابعة في حق جامع المعتصم ومن معه، كما تكشف مصادر «المساء».
في هذه المرحلة، استُعمِلت جميع الأسلحة، بما في ذلك قضاة تجمعهم بالسنتيسي علاقة «غريبة»، بدءا بقاضي تحقيق ذكرت مصادر «المساء» أن ابنه سبق له أن جمعته معاملات استثمارية في سلا مع العمدة السابق السنتيسي، ويتحدر هو أيضا من منطقة الشمال، إلى جانب وكيل ملك تربطه علاقة صداقة بالسنتيسي، هو الذي كان يحيل الملفات على قاضي التحقيق، المشار إليه.
طالت النار التي أوقدها السنتيسي العمدة نور الدين الأزرق، الذي دخل مع سابقه إلى ردهات المحاكم. في هذه المرحلة، افتُضِحت علاقة السنتيسي بشخصيات قضائية تتولى النظر في الملف، حيث اعتزم دفاع العمدة الأزرق تقديم تجريح قاضي التحقيق، المكلف بالتحقيق في قضية مخالفات التعمير في سلا، «نظرا إلى كون سكان الرباط وسلا يعرفون جيدا العلاقة الحميمية التي تجمع قاضي التحقيق بالعمدة السابق لمدينة سلا، إدريس السنتيسي»، كما جاء على لسان دفاع الأزرق. مع احتدام المواجهة بين الأطراف المذكورة، سيدور خلاف ساخن بين شخصيات تديرها، يتعلق الأمر بإلياس العماري وصلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الهيأة السياسية التي ينتمي إليها العمدة الأزرق. وقد انتهى هذا الخلاف، حسب مصادر «المساء»، بلجوء العماري إلى مزوار، للتباحث معه حول هذه «الأمور».
كان «مخطط» السنتيسي والعماري والسكروحي يستهدف إزاحة العمدة الأزرق وإسناد مهمة العمودية، من جديد، للسنتيسي، إلا أن مسيرات 20 فبراير، والتي اعتلت صور الأشخاص المذكورين لافتاتها، «نسفت» هذا المخطط أو أجّلته «إلى حين»، ليظل الصراع محتدما والتسخينات جارية، في انتظار استئناف اللعب بعد استراحة محارب...




لهذا السبب تصاهر السنتيسي مع عباس الفاسي...
لا مجال ل«الصدفة» في حياة إدريس السنتيسي، فحتى مصاهراته قائمة على تبادل المصالح. هذا ما اتضح في الصيف الماضي، بعد أن أقام «آل السنتيسي» و«آل الفاسي» أول عقد قران يجمع بينهما.
عبد المجيد الفاسي، نجل عباس الفاسي، ومدير قناة «المغربية»، التي لا يشاهدها أحد، يتزوج بابنة إدريس السنتيسي. كان حفل الزفاف باذخا. كل شيء مصمَّم بالأبيض والأسود. رقص على صوت «الشيخة حليمة»، مغنية القصر في «أيام» الحسن الثاني، وارتشاف كؤوس شاي و«كعب غزال» من الممون الشهير رحال...
في هذا العرس، حضرت الأسماء «الوازنة» والكلمات -المفاتيح. حتى القاضي الذي تربطه علاقة بالسنتيسي حضر، كما أكدت ذلك مصادر «المساء». انتهى العرس الفاخر وانطلق العروسان، على متن عربة أنيقة يجرها حصان، إلى بيت الزوجية، بينما انطلق الصهران، عباس الفاسي وإدريس السنتيسي ل«التحاسب» على ما «سيجنيانه» من هذه ال... «زيجة»!.
الثمرة الأولى سيقطفها السنتيسي، الذي حصل على حظوة مصاهرة «آل الفاسي» من خلال ابن الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال، وهو «الشرف العائلي» الذي ظل يغري السنتيسي، الذي جمع بين السلطة والثروة والسياسة.
أما الثمرة الثانية فسيجنيها عباس الفاسي وحزبه، بكسب «رجل سلا القوي» إلى جانبه، خصوصا بعد الحملة التي شنّها السنتيسي على خصومه، بمن فيهم محمد عواد، المنعش العقاري والاستقلالي الأول في سلا.
ثمرات أخرى سيقطفها السنتيسي والفاسي، بدأ زرعها ينمو، شهورا قبل موسم الجني والحصاد، هي الانتخابات التشريعية لسنة 2012...



وزارة الداخلية في قفص الاتهام
خلف الستار، أيضا، تدور معارك يقودها مسؤولون كبار في وزارة الداخلية، لهم علاقة بالحرب المحتدمة في مدينة سلا. هذا ما كشفه جامع المعتصم، في حوار سابق مع «المساء»، متهما الداخلية، ممثلة في علال السكروحي، العامل -مدير مديرية الجماعات المحلية، بالوقوف وراء اعتقاله، ومن معه، بإيعاز من صديقيه إلياس العمري وإدريس السنتيسي. وفي نفس هذا الاتجاه، ذهبت شهادة المنعش العقاري محمد عواد، المتهم بتقديم رشاوى للمعتصم، والذي ذكر، في حديثه ل«المساء»، أنه يسمع، أيضا، أن «وزارة الداخلية تعرقل عدة أمور، ومعروف من يحارب المنعشين العقاريين».
بدأ الحدس بوجود هذه العرقلة، عند عواد، حسب ما جاء في كلامه، بإقبار مشاريع تقدَّم بها المجلس الجماعي الحالي، من قبيل تكوين 1000 شخص من الموظفين وأطر الجماعة، إلى جانب مخطط التنمية، الذي لم يُعرَف مصيره إلى حد الساعة: «ربما هناك رغبة في الانتقام، كما هناك حصانة تحمي بها وزارة الداخلية أشخاصا بعينهم»، يخلص عواد.



فيلات الليمون في حي الرياض «محرّمة» على البسطاء...
من مميزات 20 فبراير رفع شعارات محاربة الفساد، محاسبة المفسدين ومحاكمة ناهبي أراضي الشعب والمال العام، مع التصريح بالممتلكات والمنقولات وغيرها من المطالب. لكنْ، يصعب اختراق لوبي مافيا العقار، الذين ينهبون أراضي الدولة بطرق ملتوية. مؤخرا، طرح مشروع «الليمون» فيلات فاخرة في البرلمان وكان رد وزير الإسكان أن المشروع خاص لا يسمح بفضح المستفيدين (المنخرطين)، لأن الوزير من بين المستفيدين، إلى جانب أخيه وأقاربه وشخصيات وازنة من الديوان الملكي وبعض المديرين المركزيين والمؤسسات الجهوية للتجهيز والبناء، مثل «ش. ح.» و«ك. ن.» و«ل. خ.»... وكلهم يملكون فيلات في عدة مدن مغربية ساحلية وجبلية وأخرى خارج الوطن، ومنهم من ما يزال يستفيد تحت غطاء الجمعيات السكنية والوداديات العقارية والشركات الوهمية. وعرف هذا المشروع في سنة 2010 توقفا، بسبب خلاف بين «العمران» وشركة «مقاولة هوار» في وجدة، لأن صاحبها تربطه علاقة عائلية مع الوزير بشأن تأخير مستحقات الأشغال المنجزة بمقدار 29 مليون درهم كدَين على «العُمران» مما جعل الأخيرة تطالب المقاولة بإنجاز الأشغال ببنود الاتفاقية ودفتر التحملات والصفقات (وهذه الصفقة مشبوهة) وبتطبيق البند 26 بتعويض غرامة مالية 1000 درهم عن كل يوم، فمشروع الليمون يقدر ب58 مليون درهم، المداخيل 30 مليون درهم والباقي 28 مليون درهم، فهل ستسدد العمران الفارق، خصوصا أن المقاولة طالبت بزيادة الغلاف المالي، نظرا إلى تعديلات في المشروع السكني «الليمون»؟...



عزيز الحور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.