أثارت حركة الإعفاءات والتعيينات الواسعة التي أقدمت عليها ياسمينة بادو وزيرة الصحة في صفوف المدراء الجهويين للوزارة، استياء عميقا، كما طرحت العديد من الأسئلة حول الظروف التي جعلت الوزيرة تقدم على إعفاء العديد من مسؤوليها الذين لم يعمروا على رأس المندوبيات الجهوية أكثر من سنة. وكانت ياسمينة بادو وفق تصريح لمحمد الدحماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل أن ياسمينة بادو سبق أن التزمت بأن تخضع عمليات الترقية للمسؤولية حسب معايير محددة الكفاءة والمردودية، إلا أن هذا المنطق لم يتم احترامه. وبخصوص التعيينات والإعفاءات الجديدة، أكد الدحماني أنها ليست في محلها لأنه ليس هناك مجال لتقييم مدى مردودية المسؤولين المعفيين من مهامهم. إذ لم تمر سنة على تعيينهم، مما يطرح أسئلة عريضة خاصة إذا علمنا أن المسؤولين المعينين مكانهم، الأغلبية فيهم لهم علاقات بحزب الوزيرة. وأبدى الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية، احتجاجه على هذه التعيينات غير الموضوعية، إذ لم تأخذ الوزارة بعين الاعتبار الظرفية التي تعيشها بلادنا، خاصة وأن البلاد مقدمة على استحقاقات تشريعية. وتساءل الدحماني: «هل جميع المدراء الجهويين المعفيون، »ماخدموشى« «؟ سؤال إجابته توضحت من خلال الاستياء العميق الذي يعرفه الجسم الصحي بمختلف المناطق المغربية. كما أن هذه الوضعية أدت الى إحساس كل المسؤولين بعدم الاستقرار، إذ يتهيأون لكي يطالهم الإعفاء في أية لحظة في ظل غياب شروط ومقاييس تربط المسؤولية بالمحاسبة. وتساءل الدحماني أيضا كيف يعقل أن يتم تعيين شخص عمره 25 سنة في مصلحة التشريع بالوزارة، ولا علاقة له بالموضوع في حين هناك مسؤولون لهم الأقدمية، ولهم دراية بالملفات تم إقصاؤهم. كما تساءل لماذا لم يطل الإعفاء المندوب الجهوي للوزارة لجهة فاس بولمان، الجواب يكمن في كون هذا الشخص كان المرشح الثاني في لائحة حميد شباط في الاستحقاقات الماضية. الإعفاءات والتعيينات الجديدة في وسط المدراء الجهويين والمسؤولين المركزيين بالوزارة، أثارت وتثير العديد من علامات الاستفهام كما أدت الى احتقان داخل هذا القطاع، الذي من المفروض أن يشمله الاستقرار لطبيعة المهمة النبيلة الموكولة له. وفي هذا الإطار، عادت وضعية شارع مولاي إدريس بميدلت لتوحد التجار والحرفيين بدرجة مرتفعة من الاحتجاج والاستنكار، وعقدوا اجتماعا متميزا بمقر النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بميدلت، حضره جميع تجار الشارع المذكور، حيث عبر الحاضرون عن استيائهم الشديد إزاء الوضعية المزرية التي أصبح عليها هذا المعبر التجاري الذي وصفته مصادرنا ب»الشريان الحيوي للمدينة»، وقد استبشر الجميع خيرا من خلال إعادة تهيئة هذا الشارع إلا أن أمالهم خابت في انعكاس الأمور سلبا على ما كان منتظرا نتيجة معاناة التجار والمارة من حال الاختناق وتأزم حركة المرور، وعدم ملاءمة الإصلاحات مع التطلعات. ولم يفت المجتمعين التعبير عن قلقهم إزاء التراجع التجاري المخيف عما كان عليه شارع مولاي إدريس منذ أوائل العشرينيات من القرن الماضي، عندما كان بمثابة «رئة الاقتصاد المحلي» دون منازع، ويضم المئات من المحلات التجارية والحرفية، وبالتالي توقف المجتمعون بكثير من الاستياء أمام مظاهر الفوضى والاصطدامات اليومية بين أصحاب المحلات التجارية بالشارع المذكور والباعة المتجولين، وغالبا ما يتم في ذلك إشهار الأسلحة البيضاء، إضافة للألفاظ النابية التي تخدش الحياء العام ومسامع المارة والزبناء. المجتمعون بمقر النقابة، وفي حضور ممثل المكتب الوطني للنقابة، عبدالله علاوي، طالبوا من الجهات المسؤولة التدخل الفوري لمعالجة الوضع الذي يعاني منه شارع مولاي إدريس، وإصلاح هذا الممر التجاري بتزفيته وتنظيمه وتسويته، وكذا وضع حد للحصار المضروب أمام مرأى ومباركة السلطات المحلية التي لا تكترث باحتجاجات وشكايات التجار والمهنيين، وشدد المحتجون على ضرورة إيجاد ما يمكن من الحلول الناجعة للوضعية القائمة التي أصبحت تنذر بعواقب وخيمة، ولم يفت ممثل المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين استعراض ما تقدم به من شكايات ومراسلات، منذ عام 2009، إلى مختلف الجهات المسؤولة، دون أن تحرك هذه الجهات المسؤولة ساكنا للتخفيف من المعاناة اليومية التي طال أمدها وأضحت لا تطاق. وسبق لشارع مولاي إدريس، في وقت سابق، أن شهد معارك احتجاجية على الحالة الشاذة التي يعرفها هذا الشارع، وما شابه من فضائح على يد مقاول تكلف بمشروع تهيئته، ويومها دعت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بميدلت إلى وقفة احتجاجية نظمت ببهو البلدية، ذلك بموازاة مع مراسلة في الموضوع وجهتها النقابة إلى السلطات المحلية والإقليمية، وطالبت النقابة من الجهات المسؤولة التدخل الفوري لمعالجة الوضعية واحتواء الأضرار المادية والمعنوية التي ألحقت بتجار ومهنيي الشارع المعني بالأمر، مؤكدين تذمرهم الشديد ومشددين على أن كافة الخيارات تبقى مفتوحة إلى حين إنهاء الحصار المفروض عليهم وفتح ما يلزم من التحري والتحقيق. ويذكر أن الوقفة الاحتجاجية للتجار والمهنيين لم تمر آنذاك بسلام عندما فوجئ الجميع بمستشار جماعي وهو يقتحم الوقفة، ويعمد إلى إشباع المحتجين سبا وشتما بألفاظ مخلة بالحياء، قبل تهديده بعبارات ترهيبية لعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، حسب ما صرح به هذا الأخير ل»الاتحاد الاشتراكي» آنذاك، وفي السياق ذاته تم تعميم بيان استنكاري مشترك بين فرع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يحتجان فيه على الهجوم الذي تعرضت له ساكنة ميدلت على لسان المستشار الذي لم تسلم من لسانه حتى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورئيس فرعها المحلي آنذاك. وتظل كل المؤشرات باتجاه ما يؤكد أن وضعية شارع مولاي إدريس بميدلت ستعرف المزيد من الغليان ما لم تتدخل الجهات المسؤولة لفتح حوار جدي مع تجاره ومهنييه وإصلاح وتنظيم الشارع، وتهيئته بالطرق السليمة والمعقولة، ويصمم المحتجون على المضي قدما في برامجهم التصعيدية إلى حين ترجمة مطالبهم إلى حيز الواقع.