تعتبر الكاميرا الخفية مظهرا من مظاهر رمضان التلفزيونية والتي يتحلق عليها المشاهد المغربي بعد الإفطار، وقد تفنن المخرجون في الأساليب والأفكار التي يمكن من خلالها تسلية الناس عبر مقالب فكاهية لمعرفة ردة فعل الإنسان الذي سقط في المقلب، وتكون وسائلها متعددة من تلاعب بالنظر والسمع، أكاذيب، حوادث وغيرها وقد يقوم بها شخص أوأكثر، وفي السنوات الأخيرة تطورت فبعدما كانت مجرد صورة من غير صوت أصبحت تسير وفق سيناريو معين، وقد أثارت هذه الأعوام جدلا كبيرا بين معارض ومؤيد خاصة في المغرب حيث أصبحت موضوعاتها تميل إلى العنف وإرهاب الناس بدأ الجدل حول الكاميرا الخفية في المغرب خصوصاهذه السنة بعد عرض كاميرا» تكبر وتنسى» التي شكلت تغييرا كبيرا في خط الكاميرا الخفية المغربية من حيث الموضوع والأسلوب وطريقة معالجته، وقد اعتمدت فكرتها الأساسية على مقالب من صميم الواقع المعيش للمجتمع المغربي، الأمر الذي جعل الكثيرين يصابون بالهلع بل أن أحدهم كاد أن يلقي بنفسه في حركة جنونية كادت تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها من خلال ايهامه بوجود كنز في فيلا، ورغم أن الكثيرين تذمروا من ثقل الموضوع إلا أن الكثير قال أن « تكبر وتنسى» فتح عيون المغاربة على مظاهر سلبية في عقلية المغربي، حيث صرح لنا «سليم» طالب جامعي قائلا: « كنا نظن أن المغربي ارتقى بوعيه عن الخرافات وحكايا الجدات، غير أن تكبر وتنسى كشف لنا العكس تماما، حيث أن كل من استدعاه بطل برنامج الكاميرا الخفية صدق قوله بل ومنهم من وجدها فرصة للحصول على ما يتمناه، وهذا حسب رأيي راجع إلى اليأس والخيبة التي يحملها المغربي في نفسيته والتي تجعله يتكىء على أمور غيبية ويرجع كل فشله إلى ذات الأمور كالعين والسحر وغيرها « ، وفيما رأى البعض أن هذه الأفكار مسلية ومضحكة من جهة، وتعبر عن واقع مغربي رفض الكثيرين الأفكار المرعبة التي تأتي بها الكاميرا الخفية في المغرب، كفكرة ، حضورمن استدعاه بطل السلسلة الى بيت مسكون من طرف جني، ما جعله يثور من الهلع والرعب، عمي أحمد متقاعد يرى أن فكرة الكاميرا الخفية قاسية جدا وقد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه « أنا مثلا عندي مرض السكري وضغط الدم، وأنا أجزم أنه لو أنني تعرضت لإحدى المواقف لكنت في خبر كان» وأردف « إن كان من اللازم أن يقوموا بهذه المقالب فعليهم أن يختاروا جيدا ضحاياهم ويراعوا سنهم وظروفهم»، أما العربي فقد قال إنه ليس ضد الكاميرا الخفية ولكن عندما يقارنها مع الكاميرا الخفية الأوربية يجد أن المغربية خصوصا والعربية عموما عنيفة جدا، أما شريف شاب في 24 فقد انتقد الأسلوب عموما « أصبحت الكاميرا الخفية مسلسلا، تبدا بجينيريك فيه 5 دقائق، الكثير من الممثلين، أغنية الجينيرك طويلة ثم المضمون يأتي غريب ومؤذي في بعض الأحيان، فهم يختارون ضحاياهم، السذج أوالشباب الذي يظهر عليه سمة الغريب، لكن ما يعاب على «تكبر و تنسى» أنها تكرس الصراعات الطبقية بين طبقة تنتمي إلى قعر الهرم الاجتماعي و تستفيد من كل حقوقها من السخرية الإعلامية في مقابل فئة مخملية تنتمي إلى أعلى الهرم الاجتماعي محرومة من حقوقها في مقالب الكاميرا الخفية وهذا جاء ليذكر ما تعانيه هذه الفئة من التهميش فيما يخص السخرية الإعلامية ، حيت اقتصر وجودها في البرامج الجادة و المتزنة و هكذا فقد ضرب بعرض الحائط كل القوانين التي تدعوا للمساواة في الحقوق و من بينها حقها من السخرية ،و ليبين الميز العنصري الذي تعاني منه هذه الطبقة التي ظلت محرومة من قسطها من المقالب الساخرة، ومن جهة أخرى الكاميراالخفية تعرض على الفضائيات ومن شأنها المساس بسمعة البلد» وفي هذا الإطار منعت روسيا الكاميرا الخفية منعا باتا في قنواتها الفضائية والأرضية بعد عرض كاميرا خفية فيها مشهد قتل. هذا ويبقى الكثير من المغاربة معجبين بطرق الكاميرا المغربية في التلاعب بالناس بسمة موظفة تقول «إن سر نجاح الكاميرا أصلا هو مدى وصولها إلى حرق أعصاب المستهدف وهذا حقا ما تنجح فيه الكميرا الخفية المغربية» ومن ناحية أخرى ثار جدل كبيرحول الكاميرا الخفية بين رجال الدين، حيث صدرت العديد من الفتاوى التي تحرم هذا النوع من التسلية لأنها تقوم على بث الرعب في نفس المسلم وقد اعتمدوا في التحريم على العديد من الأدلة والقرائن عن النبي والتي تحرم على المسلم إرهاب أخيه حتى ولو كان ذلك مزاحا، مع تحريم الكذب والحيلة التي هي أساس الكاميرا الخفية. وتبقى الكاميرا الخفية طريقة عالمية للتسلية على ألا تتعدى حدود المعقول وتكون مدروسة حتى لا تؤذي الناس نفسيا فلا تستخف بكرامتهم ولا بإنسانيتهم ولا صحتهم فتعرضهم لنوبات عصبية قد تؤدي بهم إلى الموت، وأن لا تكون إرهاب ناس على حساب تسلية الناس.