دون مقدمات أدخل إلى صلب الموضوع، فأقول بأن ما وقع ويقع في حي الإنارة بمنطقة الزيتونة، خطير وخطير جدا الآن. فهناك من المواطنين من يقبع داخل السجن بتهمة العصيان، والتحريض عليه، واهانة موظفين أثناء قيامهم بعملهم، والتصرف في أرض الغير . فحي الإنارة هذا الذي اكتشفته السلطة، اليوم بناء عشوائيا، قد بني على مدى سنوات، تحت أنظار هذه السلطات التي لم تحرك ساكنا، عندما كانت بعض الصحف الوطنية، وضمنها جريدة الاتحاد الاشتراكي، تفضح الجريمة العمرانية التي يقترفها ناظر الأوقاف المعزول، وهو يبارك بصمته - الذي لم يكن في سبيل الله- ماتتعرض له أراضي الأحباس، من بيع من لدن بعض المستشارين، الذين صاروا يبيعون البقع للمواطن بأثمان تراوحت مابين 70 و140الف درهم للبقعة الواحدة، ثم يشفعون البيع بتمكين المشترين، من رخصة البناء، ورخصة التزود بالماء والكهرباء، بل إن الحملات الانتخابية التي كانت تقوم بها السلطات لصالح بعض صنائعها الانتخابية، جعلها تغض الطرف في العلن، عن عملية ربط الحي بشبكة الواد الحار، مما اعتبر تزكية منها لهذه الجريمة العمرانية. هكذا نما الحي العشوائي كالفطر، إلى أن صارت منازله تعد بالمآت، وأصبح أمرا واقعا. ومع مجيء الوالي الجديد، ظهرت بعض ملامح التقصي وكشف المتورطين في جرائم البناء العشوائي، وخاصة في حي الإنارة الذي سارت بذكره الركبان، وتم تقديم ملفات بعض المستشارين إلى القضاء، وصدر في حق البعض منهم قرار المنع من التوقيع بالتفويض، كما صدرت في حق البعض الآخر إجراءات المساءلة والمطالبة بالتوضيح. ووصل الأمر إلى صدور أحكام في بعض ملفات الفساد وتتداول الألسن فرار إحدى المستشارات المتورطة في هذا الملف. لكن هذه الصحوة كانت كسحابة صيف عابرة ولم تلبث حليمة أن عادت إلى عادتها القديمة، واستعاد المستشارون الممنوعون من التوقيع ، خواتمهم وصارت التراخيص توقع باسمهم، واستؤنف البناء في هذا الحي من جديد، لا بل إن أعوان السلطة مكنوا السكان من الأعلام الوطنية، واللافتات الحاملة لشعارات تأييد التصويت بنعم على الدستور، ليعلقوها على واجهات مساكنهم سواء المبنية منها أو التي مازالت في طور البناء حسب تصريحات البعض منهم. وفجأة يباغث المواطنين بأعوان السلطة مصحوبين بالقوات العمومية والآليات ليهدمو مساكنهم فوق رؤوسهم، فيحار المواطن، ماذا يصدق ؟ الشعارات أم هو الواقع الذي يمارسه باشا الزيتونة، وهو يوصي ساكنة حي الإنارة خيرا بالمستشار الذي كان سببا في أكبر قسط من محنتهم أو وهو يرفض الترخيص لإحدى الوداديات التي اختار مكتبها السكان بكل ديمقراطية، كون أعضاءها لا يسايرون مرشحه المفضل، فابتكر قانونا جديدا لمنع الترخيص، وهو أن الودادية غير قانونية لأن رئيسها المنتخب موظف! انطلاقا مما سبق فان الذي كان يجب أن يقبع وراء في السجن هو من سمح بانتهاك وقف المسلمين ومن باع هذا الوقف ومن رخص بالبناء فوقه ومن تغاضى عن خروقات التعمير التي طالته وليس المواطن البسيط . ان تحقيقا جديا مهما كان بسيطا لكفيل بأن يكشف عن خيوط جريمة عمرانية معمارية اقتصادية قد تطيح بالمتورطين.