مافيا جديدة برزت للوجود في المدة الأخيرة، جذورها بالعيون وخيوطها بكل تراب دائرة العيون، نشاطها مرتبط بنهب الرمال بشكل بشع وفوضى عارمة، ويزداد نشاطها أكثر بفعل استغلالها البشع لمقالع الرمال أمام الإقبال الكثير على البناء بالمنطقة، حيث هناك تجاوز وإخلال المستغلين الغرباء الجدد لهذه الثروة الوطنية، لجميع الشروط الخاصة لاستغلال المقالع الرملية المنصوص عليها في مخططات تدبير المقالع قصد درء المخاطر والمضار التي أصبحت تهدد حماية البيئة وحتى الساكنة والسلامة العامة. وإذا كان كل مستغل لمقلع يعتبر مسؤولا عن الأضرار التي يلحقها نشاطه بالغير، فمن المسؤول إذن عن مافيوزات استغلال المقالع العشوائية لرمال بفم الواد والمرسى؟ وما يقدم عليه هؤلاء من نهب للرمال بشكل غير قانوني أمام صمت المسؤولين؟ فهذا المجال يعرف فوضى عارمة (المقالع العشوائية غير القانونية) والتي يظل المستفيد من تجاوزات هؤلاء المستغلين هم رؤساء هذه الجماعات، حيث نهب الرمال ليل نهار بدعم منهم ومداخيل جد هامة لا تستفيد منها هذه الجماعات وحتى باقي الجماعات الموجود بترابها مثل هاته المقالع الرملية، وتظل مع ذلك السلطات الوصية عاجزة عن ضبط العشرات من أصحاب الشاحنات الناقلة للرمال من هنا وهناك بفم الواد والمرسى لغرض في نفس يعقوب، وخاصة أن بعض المقالع المرخص لها تظل ممارسات النهب بها قائمة، حيث عمليات استخراج الرمال تتم ليلا ولا يتم التصريح بالكميات الحقيقية المستخرجة من هاته المقالع والتي تشحن في شاحنات غير قانونية « شاحنات لنقل البضائع والخضر» للتستر على حمولتها التي تفوق المعتاد وغير المصرح بها للجماعة المعنية. أما بتراب جماعة فم الواد، فهناك العشرات من المقالع العشوائية غير المرخص لها والتي تلتهم مساحات شاسعة من الأراضي، فلماذا إذن استثناء المراقبة على بعض المقالع الرملية دون غيرها بالإقليم، وجعل هذه الثروة تستنزفها المافيات الجديدة مما يضيع الملايين من السنتيمات لصناديق الجماعات المحلية في جبايات مستحقاتها؟ وأين هو كذلك تفعيل المادة 51 من الفصل 9 المتعلق بمراقبة استغلال المقالع المرخص لها وغير المرخص لها من بطش وجبروت المستغلين الجدد؟ وأي دور تقوم به اللجنة الإقليمية المحدثة بموجب الدورية المشتركة رقم 87 لوزير الداخلية ووزير التجهيز ووزير الفلاحة في مراقبة ومتابعة المقالع أمام ما تعرفه كل من جماعتي فم الواد والمرسى من فوضى عارمة في استنزاف خيراتها، والتي من حقها العمل على تطبيق احترام قرارات منع استخراج الرمال من الملك العمومي والخصوصي إلا بترخيص نصوص قانونية وإدارية وجبائية، باعتبار ما يتم استخراجه من هذه المقالع يعد ثروة هامة في هذه المنطقة، غير أن هذه الثروة أصبحت عرضة للسرقة والنهب وسوء التدبير، وما ينجم عن هذا الاستغلال الفاحش للمقالع الرملية من أضرار اقترنت بعدة مظاهر سلبية تعددت آثارها من سوء الاستغلال إلى تهديد البيئة. فأملنا أن تتدخل الجهات المسؤولة لإيقاف استنزاف خيرات المنطقة والضرب على أيدي العابثين بالقانون. أمام هذه المعطيات و الحقائق الصادمة التي تتوفر عند أي مسؤول بالعيون والتي تخص أنشطة مافيا الرمال ، تقفز بعض التساؤلات الملحة التي أطرت هذا التحقيق الصحفي : لماذا تتستر السلطة وأجهزتها و مخبروها على خيوط وشبكات المافيا، ؟ هل يمكن لقائد أو رئيس دائرة أو رئيس قسم الشؤون العامة أن يجهل خريطة تحركات هؤلاء، وهل إذا طلب تقرير عن العناصر المشتغلة في هذا القطاع، سيجدون صعوبة في تدبيجه والعمل على تفكيك عناصر هذه الشبكة وضبطهم وتقديمهم إلى العدالة؟ الدرك الملكي المعهود له بمهمة حراسة الطريق وتأمينها واستتباب الهدوء في مسالك العالم القروي، هل يصعب على رجاله تتبع وإيقاف هؤلاء، مع العلم أنهم يتحركون نهارا جهارا ومعروفون لدى السكان والمواطنين «.. هذا ولد كذا وهاذوك ولاد فلان.» لماذا يتركون الوضع على ما هو عليه، جرائم تلو الجرائم. أين هي خلية البيئة و مسؤولوها، فاختيار «العوم» في الرمال مهمة شاقة وثقيلة لكنها مربحة!؟. ماهي الأدوار المنوطة بهذه الأجهزة مجتمعة، من استعلامات و استخبارات وشؤون عامة لدى الأمن والدرك والداخلية، ماهي وظيفتهم على الأقل في هذا الملف، الصمت؟ التواطؤ؟ قلة الإمكانيات؟ عدم التنسيق؟ خيرات منطقة تنهب بشكل يومي والناس يتركون لحتفهم وهم يقومون بحملات ظرفية لذر الرمال في الجيوب ! لفيف البرلمانيين الذين تشير إليهم أصابع الاتهام، لديهم مشترك الأمية والجهل السياسي والإثراء غير المشروع وشراء الذمم في الانتخابات واختراق المؤسسات الدستورية والتمثيلية، وتوظيف عائدات الرمال في صنع الخرائط السياسية بالإقليم. هؤلاء يتحكمون في مداخل الثروة والسلطة والنفوذ بالعيون ، و يلتقون في فعل واحد يصرفونه بمهارة .. أكل، نأكل، تأكلون، هي قاعدتهم الذهبية، قسموا الكعكة في ما بينهم، التكنوقراط الموجودون ببعض الإدارات المحلية و الولاية بالخصوص ( نقصد هنا بعض رؤساء الأقسام الذين اغتنوا في فترة قياسية ) يساعدونهم على إيجاد المخارج القانونية وطرق الاستفادة من الريع. والمؤكد أن «التدريب» على أساليب الإثراء غير المشروع له ثمنه. إن الرمال تحب أن ترى أثر نعمتها على لصوصها.