سلاما للأم التي انتظرته بلباسه العسكري، فنزل عليها شهيدا من عل. سلاما عليها وهي تفتح النافذة وتدل الصغار ، من أطفال الحي ومن عصافير الجيران بيد مرتعشة: ابني أيضا يطير من الحياة ومن الفرح! سلاما للحبيبة التي انتظرته بوردة بين شفاهها فسقطت منها فوق قبره وتحت الطائرة سلاما للحبيبة وهي تتبع النجمة الهاربة في نهار سماء الصيف اللاهبة . تلك كانت هديته الابدية .. سلاما للشقيق الذي ضبط يومه على وصول الضابط المجيد، فوصل إليه من سماء هاوية.. سلاما للجندي الذي سقط في ..ساحة بين السماء والجبل ،سلاما عليه حين ركب السحاب ليخوض المعركة الاخيرة للشرف سلاما عليه إذ يموت في سماء ولدت ربما منه كل الشموس وكل الاضواء وسلاما عليه وهو يسأل ، هل ستحضر الاخت الصغيرة الحفل وهل تزوج الأخ الأكبر؟ سلاما على الجندي الذي كان يجهش في النفس الأخير أين رفاقي في السلاح حدثوني ، هل نجا منهم أهل لكي أرحل سلاما لصوتين في الظلام: هل وصل ابنك البارحة على ظهر الفرس الباسلة؟ لا، جاء ابني غدا على ضربة عاجلة! سلاما للجد الصبور وهو يرفع جبينه الى السماء ( هذا الضوء الإضافي ، يا حفيدي من فرط ما فيك من صفاء وهذه الشمس اليوم لن تتكرر فوق رأسي وتحت أي ضراء.. ويجثو الجبل قبل أن يطلق .. النهاية وقبل أن يعلن الموات، كما لو أن الجبال منكم تعتذر وتطلب العفو من أحداق الامهات.. كما لو أن الموت هو الجرعة الضرورية ..للحياة بعده! وأشعر أنني دوما مخطئ أمام جندي يموت! كان جدول الاعمال واضحا، وخارطة السماء ...دقيقة: صباح في الهواء الطلق بعد الشمس بقليل وساعة أخرى في الأفق البعيد ، وبعض الهمسات وقليل من الذكريات وابتسامة لكل واحد ومواعيد كثيرة ورحلة الى النوم في انتظار خارطة سماء جديدة... هي ليست الحرب، لنودعكم بالنشيد هي الحياة التي دخلت في حرب الفاجعة لكي نودعكم بالنشيج. وأقسى ما في الموت هنا أننا بلا عدو .. يا أحباءنا. هكذا تعبرون الحدود ما بين الحياة والموت بدون أن يطلق عدو عليكم نارا وحدها الحياة تقتل الفرحة بكم الحياة ، هذا القناص الكبير ، ولأنكم الوحيدون، أيها الجنود الذين يستطيعون أن ينظروا في عين الحياة وفي عين الموت أيضا فإنكم أحرار دوما وأبدا. الحياة التي لم تقترب منكم ورمت بسهمها والموت أيضا لم يقترب بوجهه الواضح ورمى برصاصته من حيث لا ندري وسط الضباب الكثيف مثل لص محترف في الغمام! يا أحباءنا، سنضع الخطط مثل جنرال كبير وسنضع الخرائط ، فقط من أحلامكم وأنتم اليوم نيام وأنتم الموتى في المعركة القادمة. لم ينحنوا أبدا للموت ولا سقطوا على ركبهم لها لهذا كان عليها أن تقودهم الى الاعلى لكي تراهم يسقطون! لا حديد ، لا دم ولا نار سوى الشمس والغيم والصباح فكيف هي الحرب التي أخذت مني كبدي؟ تقول الأم لا فرسان ولا دبابات ولا بارجة سوى انتظاري ، ولهفتي وأحضاني فكيف هي الحرب التي أخذت حبيبي تقول الخطيبة وتطلان معا على برك النحيب في قلوب الناس وتبتسمان....