افتتحت، صباح الجمعة بالحسيمة، أشغال الندوة الدولية حول موضوع «التراث الثقافي بالريف: أية تحافة؟»، بمشاركة باحثين وخبراء مغاربة وأجانب. وتندرج هذه الندوة، المنظمة على مدى يومين تحت رعاية لجلالة الملك محمد السادس، في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف، التاريخ والذاكرة. وتميز افتتاح هذا اللقاء الدولي بالرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في الندوة، والتي أكد فيها جلالته على ضرورة إيلاء ما يلزم من الاهتمام لحفظ الذاكرة الجماعية للمغاربة، باعتبارها لبنة أساسية على درب استكمال بناء المجتمع الديمقراطي. وأبرز جلالة الملك أن منطقة الريف ظلت «تشكل مجالا للتواصل والتفاعل مع الفضاءات المغاربية والأورو متوسطية والمشرقية والإفريقية، مما جعلها تكتسب شخصية هوياتية متميزة، تجمع بين المقومات الثقافية المحلية، وتلك الوافدة عليها من الجهات الأخرى». من جانبه، أبرز رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ادريس اليزمي أن هذا اللقاء يهدف بالأساس إلى فتح نقاشات ومشاورات من أجل بلورة تصور حول إنشاء «متحف الريف» بغية إعادة الاعتبار للتراث والآثار التي تزخر بها منطقة الريف وحفظ ذاكرتها. وأضاف اليزمي، في تصريح صحفي، على هامش افتتاح هذه الندوة، أن هذا المتحف سيكون إحدى الأدوات الأساسية لصيانة هذا التراث وتعريف الشباب به وكل المغاربة، بمساهمة منطقة الريف في التاريخ المشترك. وانكب هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة أزيد من أربعين باحثا من المغرب وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا مختصين في التاريخ والتراث الثقافي المادي وغير المادي بالريف وفي مجال التحافة، على مناقشة مشروع متحف الريف. و شارك في هذه التظاهرة ممثلو عدد من المؤسسات العمومية (مؤسسات معنية بالتراث، وكالات التنمية..) فضلا عن فاعلين بالمجتمع المدني وذلك بغية الإسهام في هذا المشروع وعرض أحدث الأعمال العلمية التي تم إنجازها حول تاريخ الريف وتراثه المادي وغير المادي مع فتح النقاش حول أمثل الصيغ التي يمكن لمتحف الريف المقبل أن يعكس من خلالها لحظات من التاريخ الغني والمثير لمنطقة الريف. وقاربت المساهمات العلمية المبرمجة خلال الندوة مسألة المصادر والأرشيف في تاريخ الريف، والتراث القديم للريف، والتراث الوسيط والحديث للريف، والتراث الأنثروبولوجي والإثني للريف، والتاريخ الراهن والتراث الحي، وآفاق حفظ ذاكرة تاريخ الريف في إطار متاحف. ويعد متحف الريف، الذي تشكل هذه الندوة أولى الخطوات على طريق إخراجه إلى حيز الوجود، أحد أكبر محاور برنامج مواكبة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجالات التاريخ، الأرشيف والذاكرة. ونظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذه الندوة بشراكة مع بلدية الحسيمة ومجلس جهة تازة، تاونات الحسيمة، كما حظيت بدعم مجلس الجالية المغربية بالخارج والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.