بمناسبة انطلاق أول اجتماع لمجلس إدارة مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، صرح أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أول أمس الاثنين الماضي، بمقر مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف بالمحمدية، «أن المغرب تعزز بصرح ديني مهم متمثل في مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الكريم التي أشرف عليها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس». ويأتي هذا الصرح في ظل الانجازات والمبادرات التي شملت الحقل الديني في عهده، كما يعكس الاهتمام الذي يبديه جلالته لأهل القران الكريم وحفظته، كما أضاف أن من مهام هذه المؤسسة التي تم تدشين مقرها بالمحمدية، الترخيص للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في طبع المصحف الشريف أو توزيعه والقيام بأعمال المراقبة والتدقيق للنسخ المطبوعة أوالمسجلة من المصحف الكريم لضمان سلامتها من الاخطاء واتخاذ الاجراءات اللازمة لحجزها ومنعها من التداول عند الاقتضاء، واقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على الصعيدين الوطني والدولي قصد مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها. ويأتي ذلك عقب ترؤسه، أول اجتماع لمجلس إدارة المؤسسة يوم الاثنين الماضي، بمقر مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف بالمحمدية، للمصادقة على الوثائق المحالة عليه من قبل مديرها حميد حماني، والمتعلقة على الخصوص ب: «التوجهات العامة للمؤسسة، ميزانية المؤسسة برسم سنة 2011، الهيكلة التنظيمية، الأنظمة الداخلية للمؤسسة والهيئة العلمية، قرار بشأن تحديد تعريفات الخدمات المقدمة من قبل المؤسسة، البرنامج السنوي، الحصيلة الأولية لمنجزات المؤسسة، الهوية البصرية. وبعد نقاش مستفيض من طرف أعضاء المجلس الإداري، تمت المصادقة على جميع الوثائق، وتثمين قرار إنشاء هذه المؤسسة، لتكون لبنة جديدة وقيمة مضافة في مشروع الورش الكبير القاضي بإعادة هيكلة الحقل الديني وتأهيله وتحصينه ببلادنا، كما تم خلال هذا الاجتماع، عرض للحصيلة الأولية من عمل المؤسسة، والمتمثلة أساسا في تسجيل المصحف المحمدي الشريف المرتل برسم سنة 2011/1413، بصوت قراء شباب، روعي في اختيارهم لهذه السنة، منهجية جديدة، مبنية على منهجية المباراة والانفتاح على جميع جهات المملكة، صونا لمبدأي الشفافية وتساوي الفرص إضافة إلى ذلك، عرضت المؤسسة خلال الاجتماع المذكور، حصيلة عملها في مجال طبع القرآن والموزعة بين: طبع 10 آلاف نسخة من المصحف المحمدي (الحجم الصغير 10.5/13.5)، طبع 215 ألف نسخة من مصحف المساجد ( 24 / 17)، طبع 4 آلاف نسخة من مصحف الهدايا ( 20 / 27)، طبع 10 نسخ من المصحف الملكي (39 / 29)، طبع 1000 نسخة من سورة «يس» في كراسة مستقلة مأخوذة عن المصحف المحمدي لتقرأ في المساجد بمناسبة تخليد ذكرى وفاة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، المصحف المحمدي المترجم إلى اللغة الفرنسية بعناية الأستاذ محمد الشياظمي ، المصحف المحمدي المترجم إلى اللغة الإنجليزية بعناية الدكتور عبد الله علي يوسف. أيضا، فقد شكل انعقاد المجلس الإداري، فرصة لعرض أهم الأنشطة التي سطرتها المؤسسة في برنامج عملها المستقبلي، ومنها مواصلة طبع المصحف الشريف : 160 ألف نسخة بالألوان من المصحف المحمدي الخاص بالمساجد، 4000 نسخة من مصحف الهدايا، ولأن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، ستباشر إلى جانب نشاطها الرئيسي المتمثل في طبع ونشر وتسجيل وتوزيع المصحف الشريف، الاهتمام بكل الأنشطة الأخرى المتعلقة بعلوم القرآن، فقد سطرت العديد من المشاريع المندرجة في هذا الصدد، منها: تحقيق وطبع أرجوزة «نظم اللآلئ السمط في حسن تقويم بديع الخط» وشرحها الموسع المسمى «حلية الكتاب ومنية الطلاب» لأبي العباس الرفاعي أحمد بن محمد بن محمد بن قاسم القسطاسي الحسني، طبع المخطوط المرجعي في مجال الرسم والضبط «مورد الظمآن» لصاحبه محمد بن محمد بن إبراهيم الخراز، فضلا عن توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة و التعاون مع عدد من الهيئات الداخلية والخارجية، وتنظيم ندوات علمية وفكرية حول القرآن وعلومه، وكل ذلك، ضمانا لإشعاع المؤسسة ولنشر المصحف المحمدي على أوسع نطاق. وتأتي هذه المؤسسة لتضع حدا للتسيب وسوء التنظيم في قطاع طبع وتوزيع القرآن الكريم واستيراده من دول أجنبية دون مراعاة لخصوصية مذهب المغاربة في الخط والرسم والقراءة والرواية المعتمدة منذ قرون بحيث تنبه القائمون على تدبير الشأن الديني، إلى أن مشروع إعادة هيكلة هذا الحقل، لا يمكن أن تقوم له قائمة دون تركيز العمل أولا وأخيرا، على حماية أول مصدر من مصادر التشريع المعتمدة ببلادنا، سواء على المستويين الديني أو المدني، والذي هو القرآن الكريم الدليل الأول من أدلة الأحكام الشرعية. لا سيما بعد أن وقفت وزارة الأوقاف منذ سنوات، على العديد من العيوب الواقعة أثناء جمع المصاحف الواردة من الخارج على وجه الخصوص. فأمام الفوضى المستشرية في هذا القطاع، الذي كان منفلتا عن الرقابة، جاء قرار إنشاء «مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف»، وعيا من جلالته بالإشكالات القائمة بخصوص طبع ونشر وتسجيل وتوزيع المصحف الشريف، وخطرها على الأمن الروحي للمغاربة. ومن المهام التي أنيطت بمؤسسة محمد السادس للمصحف الشريف، مهمة العناية بكتاب لله عز وجل تسجيلا وطبعا ونشرا وتوزيعا، مع كل ما يقتضيه ذلك من سهر على ضمان استمرار ضبطه ورسمه وقراءته بكامل الدقة والأمانة، صونا له من كل خطإ أو تحريف لذلك فالمهام المنوطة بها، تشمل القيام بإعادة نسخ المصحف الشريف برواية ورش عن نافع وفق القواعد المعتمدة في علوم الرسم والوقف والضبط والقراءات الإشراف على طبع المصحف الشريف والعمل على نشره وتوزيعه الإشراف على تسجيل تلاوة المصحف الشريف و لا سيما برواية ورش عن نافع عن طريق استعمال مختلف أنواع الدعائم المتعددة الوسائط الترخيص للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في طبع المصحف الشريف أو توزيعه القيام بأعمال المراقبة والتدقيق للنسخ المطبوعة أو المسجلة من المصحف الشريف لضمان سلامتها من الأخطاء وللتأكد من حصولها على الترخيص واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحجزها ومنعها من التداول عند الاقتضاء، علاوة على حفظ حق المؤسسة في اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة، تطبيقا للقوانين الجاري بها العمل إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على الصعيدين الوطني والدولي قصد مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها. كما أن الهيكل الإداري للمؤسسة يتكون من مجلس إدارة المؤسسة، الذي يتألف من رئيس (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أو من يمثله) وأعضاء (الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى أو من يمثله) ومدير الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس قسم القرآن الكريم بالوزارة. بالإضافة إلى أعضاء يعينهم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. ويتعلق الأمر بثلاثة رؤساء مجالس علمية محلية ورئيس الهيئة العلمية وثلاث شخصيات علمية من المتخصصين في علوم القرآن وثلاثة خبراء من المتخصصين في المعلوميات وفن الخطوط وفن الطباعة بنسبة خبير واحد في كل مجال. ويختص مجلس إدارة المؤسسة، أساسا، بتحديد التوجهات العامة واعتماد القرارات الضرورية لتنفيذها والمصادقة على مشروع الهيكلة التنظيمية للمؤسسة والمصادقة على البرنامج السنوي لأنشطتها وتحديد الإجراءات اللازمة لتطبيقه وحصر ميزانية المؤسسة والمصادقة على حساباتها السنوية وتحديد القواعد المطبقة على الصفقات التي تبرمها المؤسسة والمصادقة على مشاريع اتفاقيات التعاون التي تعتزم إبرامها. وإلى جانب مجلس إدارة المؤسسة يتوفر هذا المرفق الديني الهام على «هيئة علمية» تترأسها شخصية يعينها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية من بين الشخصيات المشهود لها بالكفاءة في مجال علوم القرآن وتضم في عضويتها الشخصيات العلمية المتخصصة في علوم القرآن الأعضاء في مجلس الإدارة والخبراء المعلوماتيين الأعضاء في المجلس نفسه. وبخصوص الجانب التمويلي، تتشكل ميزانية المؤسسة من مساهمة الدولة وعوائد الأملاك المحبسة لفائدة المؤسسة والإعانات التي تتلقاها من أي هيئة وطنية أو دولية خاصة كانت أو عامة، والعائدات المتأتية من محصول خدماتها، والهبات والوصايا. أما التنظيم المالي والمحاسبي للمؤسسة فسيحدد بقرار مشترك لوزيري الأوقاف والشؤون الإسلامية والاقتصاد والمالية، في حين سيتولى مندوب للحكومة المراقبة المالية للدولة على المؤسسة. وفي تصريح خص به الجريدة اعتبر حميد حماني، مدير مؤسسة محمد السادس لنشرالمصحف الشريف بأن عمل المؤسسة لن ينحصر في المسائل التقنية المتعلقة بطبع القرآن الكريم ونشره على الوسائط المعلوماتية ومراقبة ذلك، بل من المفروض أن يمتد دورها ليشمل كل القضايا المتعلقة بالشأن القرآني والمساهمة بالتالي في النقاش المجتمعي العام المتعلق بهذا الشأن في كل تجلياته، وتخفيف الاشعاع المبتغى لمدينة المحمدية، حتى تكون المؤسسة منسجمة لهاجس العصر، الذي يحث المؤسسات على الانخراط في محيطها والانفتاح على مكوناتها بدل التقوقع والانكماش.