صادقت الجلسة العامة للبرلمان مؤخرا، على مشروع القانون رقم 10.09، المعدل لقانون 30.96 المنظم لمهنة الإرشاد السياحي، في أفق مناقشته أمام مجلس المستشارين، وقد راهنت الوزارة على تمرير هذا المشروع في أسرع وقت ممكن، عملية لم تستسغها الفيدرالية الوطنية للمرافقين والمرشدين السياحيين ومرشدي السياح والجمعيات الجهوية، الذين شنوا معا حملة مضادة، انتقدوا فيها الفصل الرابع والسابع عشر والواحد والثلاثين، والطريقة التي تم اعتمادها خلال صياغة القانون المنظم للمهنة دون استشارة المهنيين، مسجلا بذلك نوعا من التراجع لعدد من المكتسبات التي تم تحقيقها في السنوات الأخيرة. في نظر المهنيين، تتسم الصيغة الحالية المطروحة على مجلس المستشارين، بالتناقض الواضح في مضمون بنودها، دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المدن المغربية والأثرية منها وطبيعة الجولات والمدارات السياحية، بعدما تم فتح الحدود أمام المرشدين بمزاولة المهنة بمختلف المدن المغربية من خلال الفصل4، بدل الحصول على تعيين من الوزارة الوصية بمدينة معينة، كما كان عليه سابقا، حيث استطاع المنتوج السياحي، بفضل ذلك، الحصول على أعلى نسبة في الترويج والدعاية بشكل زاد من تسويقه دوليا. وتثير المقتضيات القانونية لهذا المشروع العديد من الإشكالات الجوهرية المتعلقة بتكييف الطبيعة القانونية لأنشطة القطاع ونظام العاملين به، إضافة إلى نوعية الرقابة التي تمارسها الجمعيات المهنية المشرفة على إدارة المرشدين وجودة الخدمات التي يقدمونها للسائح. وبرصد لنتائج المشروع في حالة تطبيقه، حسب الجمعيات الجهوية، نجد أن النص القانوني يساهم في خلق بما يسمى المرشدين الرحل الذين لا يرتبطون بأي جمعية جهوية من جهة، مما يتناقض مع المادة 17 من نفس المشروع التي تلزم المرشد بالانتماء إلى الجمعية الجهوية، ومن جهة ثانية هذا الإجراء، يضيف المرشدون، يؤدي إلى افتقاد للقيمة الروحية والتراثية لعدد من المنتوجات السياحية، نظرا لغياب الإلمام العميق والدقيق بتاريخ هذه المنتوجات التي تسوق عالميا، بفضل خبرة تعايشت مع الانتماء. نجد كذلك على سبيل المثال لا الحصر، أن المادة 31، لا تتلاءم مع شروط ولوج المهنة، وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء من خلال إعادة إنتاج التجارب السابقة والتي ارتبطت، حسب ذات المصدر، بالمحسوبية على حساب الكفاءة المعرفية، الشيء الذي أثر سلبا على شروط مزاولة هذه المهنة، مما دفع بالهيئة المهنية للحد من الأخطاء التي تم رصدها وضبطها أو من خلال الشكايات التي تقدم بها السياح الأجانب، حيث حصرت الفيدرالية أن أكثر من 80 % ممن صدرت في حقهم عقوبات تأديبية، ينتمون إلى خريجي فوج شبيه بالفصل31 . وعليه تطرح الفيدرالية الوطنية للمرشدين السياحيين مجموعة من الملاحظات، بهدف النهوض بالقطاع السياحي والرقي بالموارد البشرية العاملة به عموما، والحفاظ على جودة المنتوج السياحي والخدمات المصاحبة له على وجه الخصوص، من خلال اقتراح على المعنيين إضافة إلى المادة الرابعة من مشروع قانون 10.09، فقرة ....كل حسب اختصاصه «مع التنصيص على تعيينهم في إحدى الجهات المحدثة بالقانون»، والحث على إلغاء المادة 31 جملة وتفصيلا، حتى يتمكن المرشدون من تأدية واجبهم في المستوى المطلوب دون أي ملاحظة من أي جهة معينة. للإشارة، فإنه قد سبق للوزارة أن قامت باستطلاع هم السياح الأجانب حول طبيعة المنتوج السياحي المغربي، فأجاب 39 % من السياح ممن شملهم الاستجواب، أنهم يفضلون المغرب كوجهة ثقافية، سؤال يفرض نفسها، ويتساءل من خلاله المتتبع لشؤون هذا القطاع الحيوي عن الكيفية التي يمكن للسلطات الحكومية المكلفة بقطاع السياحة، أن توجه القيام بأعمال الإرشاد السياحي، الذي يعتبر رجالاته سفراء متجولين فوق العادة، إلى جهة يتعارض عملها وقدراتها الثقافية ورصيدها المعرفي مع استراتيجية نفس الحكومة المبنية على الحكامة الجيدة في ظل غياب آلية وصاية جهوية ؟