تحدث محمد ساجد، عمدة مدينة الدارالبيضاء، في السياسة عوض العقار والأغطية التي يتقن صناعتها، وكانت للرجل شجاعة البوح، ربما بدون قصد، و ربما بقصد كبير. فما الذي قاله الرجل لمن يقرأ حواره. ولقد اعترف ساجد والعهدة عليه، بأن المغرب ليس بدولة مؤسسات ولا فصل فيه للسلط، وأن الانتخابات مجرد ديكور تصنعه وزارة الداخلية وجهات عليا تركها غير محددة لكل غاية مفيدة. إن ما قاله ساجد يستحق استنفار أجهزة الدولة الأمنية والقضائية لفتح تحقيق نزيه والضرب بيد من عدل على أيدي كل العابثين والمتورطين في هذه الفضيحة. ثم لقد قال الرجل بأن الوزير الأول الذي خرج معه المغرب عن سكة المنهجية الديمقراطية، ادريس جطو، أتى بساجد للسياسة وشجعه على الترشيح للانتخابات. وليس ساجد وحده بل 100 شخصية من عالم الاقتصاد، جيء بها بعد تقارير قدمتها الابناك لوزارة الداخلية عن المعاملات المالية لهؤلاء ونجاعاتهم في إدارة مقاولاتهم. ولعل هذه وحدها فضيحة مركبة وخطيرة. فالأبناك لم تلتزم بالسر المهني الذي يمنعها من تقديم تقارير مالية عن معاملات زبنائها، إلا بحكم قضائي.. ووزارة الداخلية اختارت 100 شخص ليلجوا عالم السياسة، منهم والعهدة، على ساجد، وزير التعليم الحالي الذي ينتمي في نفس الوقت لحزب معارض، وفي نفس الوقت عضو في الحكومة الحالية، والأمر يصبح تعيينا في الأحزاب والشأن العام. إنه الجهاز الوحيد الذي يصنع النخب على المقاس.فلدينا حسب ساجد 100 برلماني انتقتهم وزارة الداخلية، وصوت عليهم الشعب الذي اختارته وزارة الداخلية للتصويت، ونعرف كيف أن المغاربة لم يجدوا بطائقهم الانتخابية السابقة، لأن أعين الدولة اختارت من يجب أن يصوت ومن لا يحق له ذلك. وخاصة المارقين الذين قد لا يصوتون على النخب الجرارة التي كانت تعد لحصاد سياسي غير مسبوق، لولا حناجر المغاربة الذين قالوا «ديگاج للمفسدين». المغاربة طالبوا كذلك بفصل المال والتجارة عن السياسة، ليكشف ساجد للناس أن هذه العلمية تتم بإشراف الدولة، وأنها هي من أتت بأناس إلى عهد قريب كانوا يرتعدون من أن تفتح ملفات الضرائب واحترام قانون الشغل.. فإذا بهم يجدون أنفسهم داخل قمرة القيادة، وأن الدولة جعلتهم أقرب جدا إلى المال العام بكل تجلياته.. أصبح المقاول يمنح نفسه رخص البناء، والمورد لرخص التوريد.. لقد تمت خصخصة الادارة المغربية للأفراد، ومع ذلك يطرح السؤال: من أين يأتي الفساد.؟ هنيئا، فساجد الذي، وإن أقر بأنه حديث في السياسة، فهو عرف 100 برلماني أهلتهم الأبناك والداخلية، وأكيد أن هناك من يعرف من أين أتت البقية الباقية. نتمنى أن ينجح الدستور الجديد في جعل أفواه الناس تتكلم لتقول لنا من باب التاريخ ماذا وقع وكيف وقع، حتى لا نجد أنفسنا غدا أمام مؤسسات أخرى مثل شركات التدبير المفوض أو مقالع الرمال وحتى أصحاب امتيازات البحر تقترح هي كذلك برلمانا يصوت عليه الشعب!!! حذار، إن الشعب الذي يصوت يوجد منذ مدة خارج مكاتب التصويت، فاجعلوها شفافة حتى لا يضطر لرفع صوته علانية في الشارع.