تقوم مهنة التدريب بالدرجة الأولى على الأخلاق، لكنها في بعض الأحيان، تصبح ساحة تستباح فيها كل الأعراف، ويقفز بعض المدربين على الجانب الأخلاقي، لقطع رزق زميل لهم وأخذ مكانه في مشهد سخيف وسمج. كثيرا ما شهدت الساحة الوطنية وقائع من هذا القبيل سواء كان الضحية مدربا أجنبيا أو وطنيا. المدرب رشيد الطاوسي عانى في مشواره المهني من عدة مناورات من طرف بعض المدربين أوالسماسرة، سواء داخل المنتخبات الوطنية أو مع الأندية. كما كان لنا لقاء كذلك مع الإطار واللاعب الدولي السابق عبد الفتاح الغياتي، الذي لم يسلم بدوره من هذه المناورات الخسيسة، عندما كان مديرا تقنيا لمدرسة المغرب الفاسي. رشيد الطاوسي، مدرب المغرب الفاسي استهدفت في منتخب الشبان من مدربين كانوا يدعون تقديم النصيحة إلي في البداية لابد من التأكيد على أن الأخلاق هي سلوك وممارسة كقناعة، يتربى عليها الفرد. فالمدرب أو المكون قبل كل شيء هو مربي بالدرجة الأولى، حيث يمر بعدة مراحل ليصل إلى إطار تقني. ومن مواصفات المدرب التحلي بالأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة، كما أنه يجب عليه أن يكون على دراية وعلم بما يجري في الساحة الرياضية. بمعنى أن يتوفرعلى مدارك علمية و تجربة على أرض الواقع، من أجل أجرأة كل العمليات والوضعيات. هذه الحمولات المعرفية لايمكنها أن تقوم وتستقيم إلا إذا كانت مؤطرة بأخلاقيات المهنة وميثاق شرف المهنة واحترام الآخر. فالنزاهة والتواصل والتفاعل الإنساني المجدي وتقبل النقد والنقد الذاتي، هي أوصاف افتراضية يقابلها على أرض الواقع ممارسات لاأخلاقية، تتنافى مع الأعراف والتقاليد المهنية. في هذا المجال، الذي أصبح مرتعا لكل من هب و دب - مع احترامي لأهل المهنة الحقيقيين- تبرز الكثير من السلوكات الشاذة. قبل أن أتطرق لما عانيته في مساري كمدرب، لابد من إشارة صغيرة، فرغم كل ما تعرضت له أحرص على أن تظل علاقتي مع الزملاء ممتازة، لأن أخلاقي لا تسمح لي بالنزول إلى مستويات الحضيض، فالمدرب قيمة وكرامة وأخلاق. لكن الذين يصطادون في الماء العكر، مع الأسف الشديد (كيدبروا على روسهم بتخلويض) هم أصحاب المشاكل. فقد كانت عدة مناورات تستهدفني عندما كنت بمنتخب الشبان من طرف أطر مغربية، أفضل عدم ذكر أسمائها الآن، لكنها معروفة بممارساتها «المستفزة» مع العديد من الأطر الوطنية. فقد كنت أتوصل بتقارير مفصلة حول تحركاتهم ومناوراتهم لأخذ مكاني، لكني لم أفتح معهم أي مواجهة. والأدهى من كل هذا، أنه عندما كنت أهيء لمقابلة ما رفقة المنتخب الوطني، كان هؤلاء الأشخاص يقدمون لي التوجيهات والنصائح، وكأنهم أصدقاء حميمون. بل حتى من الأجانب الذين كانوا يتابعون المقابلات بالنسبة للمغرب الفاسي، وأظن أنها مجرد مناورات لأحد السماسرة، الذي لا يتحمل أي مسؤولية تقنية أو إدارية بالمغرب الفاسي، لأنه مجرد ساعي للفريق يقوم بدور (السخرة). فعندما سألت بعض أعضاء المكتب المسير عن وجود بعض المدربين في المدرجات، أجابوني بعدم علمهم أي شيء عن ذلك، بل الأكثر من هذا أن نائب الرئيس، خالد بنوحود، قرر الاستقالة إذا غادرت الفريق. هذه الفوضى ناتجة بالأساس عن غياب قانون مؤطر ومنظم للمهنة، يصون كرامة المدرب ويعاقب كل من تجرأ وتطاول على الميدان. ولهذا السبب طلبت من رئيس ودادية المدربين، بأن يعقد اجتماعا لتقييم حصيلة الموسم، وفي نفس الوقت طرح المشاكل، وأكثر من هذا اقترحت أن يتم عقد ثلاثة اجتماعات في السنة. وحتى نكون منطقيين مع أنفسنا، فالسماسرة ليسوا وحدهم من يضر بأخلاقيات المهنة، بل هناك حتى بعض المسيرين. فلماذا لا يستمر المدرب مع الفريق لمدة طويلة كما هو الشأن في الأندية الأوروبية، أضف إلى ذلك أن شخصية بعض المدربين تلعب بدورها في هذا المجال، لأنه لا يحق لمدرب أن يناقش مسألة الارتباط مع أي فريق، مازال زميل له يشرف عليه. فيجب وضع عدة شروط مثل، انتهاء العقد، مدرب ليس ملتزم بفريق، احترام الآخر، كما أن المسير مطالب باحترام الإطار التقني، وأن يوفر له كل شروط العمل. إن الغريب في ميدان التدريب بالمغرب، هو أن المدرب يقال من منصبه دون علمه، مثل ما وقع للمدرب عبد الرحيم طاليب الذي سمع إقالته على أمواج الإذاعة الوطنية، إذ كيف يعقل أن مدربا يشتغل وقاد فريقه في مباراة رسمية، في الوقت الذي نجد فيه مدربا أجنبيا مع الرئيس في المنصة، طاليب وإيفكا تودوروف بالمغرب التطواني كنموذج. أفضل أن أقف عند هذه الحد، وإلا فإنني سأكشف عن أسرار قد تسيء لبعض الأشخاص. عبد الفتح الغياثي، مدير تقني سابق لمدرسة تكوين المغرب الفاسي تطاول على عملي وحل مكاني يستحضر الإطار الوطني واللاعب الدولي السابق، وهداف موسم 83 - 84 فتاح الغياثي بمرارة موسم 2007 - 2008، حيث كان مديرا تقنيا لمدرسة المغرب الفاسي، التي كان يشرف عليها الدكتور عبد اللطيف بيادي. فقد اشتغل لعدة سنوات، وتمكن من أن يمد الفريق الأول بعدة نجوم، منهم من حمل قميص المنتخب الوطني، وفي الوقت الذي هيكل المدرسة بمساعدة الإطار الوطني بوبكر الغندور، وحقق نتائج جيدة على مستوى العصبة والبطولة الوطنية، على مستوى الفتيان والصغار بالجديدة، وأصبحت مدرسة المغرب الفاسي ممثلة بجميع المنتخبات الوطنية، وأثناء الاقصائيات الخاصة بالفئات، كان مدرب مغربي معروف جدا يحضر لمتابعة المقابلات بسيدي قاسم ثم مكناس، وكان يدخل إلى مستودع الملابس لتقديم بعض النصائح، ليتبين في الأخير أنه تعاقد مع المكتب الجديد للمغرب الفاسي لتدبير شؤون المدرسة، التي كانت في أوج عطائها. أين هي مدرسة المغرب الفاسي اليوم؟ إنها شبه مغلقة وكلها مشاكل، فجل اللاعبين الشبان ضاع أملهم في بلوغ الفريق الأول. وحتى الذين يلعبون اليوم بالمنتخبات الوطنية ليسوا من تكوين المدرسة. إن أغلبهم قدم إلى الفريق من أندية محلية تمارس بالقسم الثالث. يقول الغياتي بأن هذا المدرب، الذي «أصر» على إزاحتي وأخذ مكاني بمدرسة الفريق، لم يكن في مستوى أخلاقيات المهنة التي يتشدق بها في العديد من مداخلاته. لقد كان عليه أن يفاتحني في الموضوع، ونجلس ونتفاهم لا أن يناور ويتدخل ويعمل على فرض نفسه بواسطة وسيط أصبح صحافيا، وأفسد هذا الميدان كذلك. ومع مرور الايام تبين بأن هذا «السمسار - الصحافي» بين مزدوجتين كان يأخذ عمولة مع نهاية كل شهر، وكان له الفضل في جعله محللا لقناة الرياضية». وختم الغياثي بالتأكيد على أنه عندما يشاهد المرء كل هذه التلاعبات والمناورات، فلا يمكنه إلا أن يقول إن هذا الميدان جد متسخ، وعلى أصحاب القرار تنظيفه من الشوائب.