تعرضت 25 % من الشركات الإسبانية العاملة في النقل الطرقي للبضائع بين المغرب وأوربا إلى الإفلاس، وهذا المعدل مرشح للارتفاع رغم أن كل التوقعات تعد برفع قدرات المغرب التصديرية إلى ما قد يصل إلى الضعف في بعض المنتجات وخاصة منها الفلاحية، فتراجع الأرباح الطائلة التي كانت تحققها شركات النقل الإسبانية في المغرب إلى أدنى المستويات يضع المغرب أمام طرق متعددة منها ما يقود إلى تمكين المغرب من تحسين وتطوير قدراته في قطاع النقل واللوجيستيك ومنها ما يعرضه لمواجهة مخاطر ضياع منتجاته القابلة للتلف بفعل قلة وسائل النقل. تراجع الهيمنة الإسبانية على نقل البضائع يجد تفسيره في عاملين أساسيين اثنين، أولهما يتمثل في تأثير فتح خط بحري مباشر بين ميناء أكادير والميناء الفرنسي الأطلسي بور فوندر، وثانيهما انتباه المغاربة إلى أن الإسبانيين كانوا يستفيدون من دعم صندوق المقاصة المغربي للمحروقات عبر مضاعفة القدرة الاستيعابية لخزانات شاحناتهم والحرص على دخول المغرب وهي شبه فارغة مع مغادرته وهي ممتلئة. إن مجرد ممارسة المغرب لحقه في تعويض النقل البري الباهظ الكلفة والملوث للبيئة بالنقل البحري المنخفض الكلفة والأكثر ضمانا لوصول السلع إلى وجهتها الأخيرة في جودة عالية، أسفر عن اضطرار 25 % من الأسطول البري الإسباني العامل في المغرب إلى إعلان الإفلاس أو تحويل نشاطهم إلى وجهات أخرى، ومن غير المستبعد أن يصحح المغرب بشكل تدريجي مؤشر توزيع الحصص في سوق النقل إذا ما تعاملت السلطات المغربية مع القطاع على أسس تمكن المستثمرين المغاربة من مواجهة التنافسية غير المتكافئة المفروضة عليهم من طرف نظرائهم الأوروبيين وخاصة منهم الإسبانيين، من قبيل فارق كلفة شراء الشاحنة الذي يقدر بحوالي 10 % ومن قبيل التوفر على مفاوضين رسميين مؤهلين للحد من هيمنة السلطات الإسبانية التي بلغت ذروتها هذه السنة في إقدام إدارة الملاحة التجارية الإسبانية على فرض رفع سعر تذكرة العبور بين الجزيرة الخضراء وطنجة من حوالي 33 أورو إلى 44 أورو طيلة مرحلة العبور التي انطلقت يوم أمس، بينما السلطات المغربية التي أولت اهتماما كبيرا بتحسين ظروف استقبال المغاربة المقيمين بالخارج أهملت الجوانب المرابطة بحماية مصالح المغرب المضمونة أصلا بالقوانين الأوربية وخاصة منها قانون المنافسة الذي يحرم إخضاع المستهلك لارتفاع الأسعار بقرارات تتناقض مع مبادئ التحرير الليبرالية,