أعلنت كاتبة الدولة في التعليم المدرسي في الندوة الصحفية التي عقدتها يوم الثلاثاء 24 ماي 2011 على نتائج الحوار الإجتماعي القطاعي، وهي خلاصات الحوار مع النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية مند 2010 إلى حدود اليوم. إن هذه النتائج لم تحقق ماكانت تنتظره الشغيلة التعليمية وبالتالي فإنها عبرت عن إستياءها العميق، من خلال التجمعات العامة التي عقدتها النقابة النقابية الوطنية للتعليم(ف.د.ش) في مجموعة من الأقاليم والجهات لمناقشة النتائج والإستماع إلى نبض الشغيلة. وتبين أن هناك غموضا في بعض النقط، في غياب الأجرأة والتنفيذ والوضوح والسقف الزمني، وإقصاء وتهميش مجموعة من الفئات : الاقتصاد والإدارة-الملحقون التربيون-الأطر المشتركة- أساتذة السلم التاسع-المجازون(تغيير الإطار) أطر وأعوان التعليم العالي... إن التقييم الأولي لنتائج الحوار داخل القطاع ومن خلال التحليل والنقاش، يتبين أن هناك أسباب يمكن تلخيصها في أربعة : - أسباب سياسية : تعيين وزيرين في قطاع التعليم بمختلف أسلاكه في الحكومة الحالية منذ 2007، والتضارب حول الصلاحية لمدة عشرين شهرا وإلى حدود يوليوز 2009. التضارب حول من له الحق في تدبير القطاع؟؟ إن الوزير الأول تدخل متأخرا لحسم الصراع وأعطى تحكيمه، وقرر أن كاتبة الدولة هي المسؤولة على التعليم المدرسي... هذا التأخير، ساهم في إغلاق باب الحوار لمدة سنتين، ولم يتم فتحه إلا في سنة 2010 ! مند أن تم تعيين الوزير الحالي،بدأ حملته في الهجوم على الشغيلة التعليمية وعلى عدد ساعات الغياب والتي حددها بالملايين !!! وكم كان هجوما قويا، حينما صرح أن الإصلاح وصل إلى باب القسم ووقف !!! في إشارة إلى مسؤولية الأستاذ في تدني مردودية التعليم. كما أن الوزارة، إنطلقت في تنفيذ برنامج جديد (البرنامج الإستعجالي 2009-2012) والذي جاء نتيجة الخطاب الملكي في إفتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في أكتوبر 2007 .والذي أكد على إعداد برنامج إستعجالي، لإعطاء نفس جديد للإصلاح. بعدما تم الوقوف على مشاكل التعليم في الخطابين الملكيين لعيد العرش2007 وثورة الملك والشعب 2007. ذلك البرنامج، لم يتم فيه إستشارة النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية ولا الفاعلين التربويين والجمعويين ولا الشغيلة التعليمية، والذي تم رصد حوالي 43 مليار درهم لتنفيذه... وبالتالي أعطت الوزارة أهمية لتنفيذ البرنامج وإغلاق باب الحوار لمناقشة الملف المطلبي للشغيلة التعليمية وتنفيذ إتفاق فاتح غشت 2007 والموقع في عهد الوزير الحبيب المالكي. إن هذا الإكراه، الذي نسجت خيوطه الوزارة، وصمت أذانها، وإختارت منهجية أحادية لتلميع صورة التعليم في المحافل الدولية وتبرير المراتب التي يحتلها تعليمنا في المنتظم الدولي. - أسباب مطلبية : إن مصادر التوظيف في القطاع متنوعة ومختلفة ومتشعبة منها التوظيف بالتكوين والتوظيف المباشر وبالتالي صعوبة البحث عن حلول شمولية، ورغم إقرار قانونين أساسيين لموظفي التعليم في سنتي 1985و2003 وإصلاح نظام الترقية والتعويضات،فإن الوزارة لم تنصف القطاع. ومازال هناك فوارق شاسعة بين رجال ونساء التعليم،رغم أدائهم نفس المهام... هذا مما أدى إلى تنامي الفئوية داخل القطاع وخاصة بعد برتكول دجنبر 2005 الخاص بأساتذة السلك الأول، وإنتشرت لدى الفئات الأخرى... وأصبحت الشغيلة التعليمية تتوحد داخل التنسقيات بمختلف تلاوينها النقابية، وحصلت على مكتسبات عديدة، منها المستشارون في التوجيه والتخطيط والدكاترة والمجازون ( الترقية بالشهادة) والمراقبة التربوية والمقتصدون والممونون والمبرزون... إن هذا الإكراه، والذي تتحمل فيه الوزارة المسؤولية الكاملة،في غياب معايير موحدة وشروط قانونية للتوظيف، وتعميمه، حتى تكون المنطلقات موحدة، وفق منظور شفاف وديمقراطي وبالتالي تكون المطالب موحدة، عوض تفييئها وإستفراد الوزارة بها وتوسيع تناقضاتها وخلق شرخ بينها، حتى يصعب، بل إستحالة تنفيذ المطالب. - أسباب إدارية : إن المسطرة الإدارية في تعديل القانون الأساسي وفي إعداد المراسيم تمر من عدة مراحل، بدء برأي وزارة تحديث القطاعات العامة ورأي وزارة المالية، والمصادقة في المجلس الحكومي تم المجلس الوزاري، بعدها الأمانة العامة للحكومة والجريدة الرسمية... ويمكن للمدة الزمنية أن تفوق السنة !!! ورغم أن الوزير الأول له الحق في تسليم تراخيص إستثنائية طبقا للمادة 15 في تسريع التنفيذ في إنتظار تعديل القانون الأساسي، وهي المسطرة التي إعتمدت في تنفيذ نتائج الحوار الإجتماعي القطاعي... وبإمكان حل هذا الإكراه، إذا ماتم إعداد قانون أساسي خاص غير مرتبط بوزارة تحديث القطاعات العامة، إسوة برجال الأمن... والذي ربطته كاتبة الدولة بتقنين التكوين المستمر والتدبير الجهوي للموارد البشرية، هذا الإقتراح رفضته النقابات التعليمية بحكم النية غير السليمة للوزارة في إقحام الأكاديميات في تدبير الموارد البشرية. إن هذا الإكراه، والذي ترفض الوزارة إعداد قانون خاص بالقطاع وتعقيد المساطر لتعطيل مصالح الشغيلة وتبرير رفضها لبعض نقط الملف المطلبي هي المسؤولية على التلكؤ في التنفيذ. - أسباب نقابية : إن تشردم المشهد النقابي بالقطاع وغياب قانون النقابات والقانون المنظم للإضراب والعدد الكبير للنقابات والذي وصل إلى 38 نقابة تعليمية !!! وعدم إحترام نتائج إنتخابات اللجان الثنائية. إن التعدد النقابي مكسب وطني، ولايمكن للوزارة أن تحاور كل النقابات، ولايمكن لكل النقابات أن تتوحد حول ملف مطلبي واحد. وبالتالي فالإنتخابات هي الحاسمة في تحديد النقابات ذات التمثيلية والتي لها الحق في الحوار والمحاسبة المهنية. إن نتائج الحوار القطاعي، هي ثمرة 115 إجتماع مع الوزارة بين 2010 و2011 مع 5 نقابات تعليمية لها مرجعيات مختلفة.ناهيك عن إجتماعات أخرى مع بعض الجمعيات والتنسيقيات. إن هذا الإكراه، تتحمل فيه الوزارة مسؤولية كبيرة، في عدم سن القوانين لتنظيم العمل النقابي، وتشجيع النقابات العشوائية وفي بعض الأحيان تمويلها، وعدم إحترام القوانين،وحوارها مع بعض الجمعيات والتنسيقيات وضرب العصا النقابي الحاد، وتمييز تعاملها مع بعض النقابات دون نقابات أخرى وضرب الوحدة النقابية. إن نتائج الحوار الإجتماعي القطاعي والمركزي المرتبط بالقطاع، لم تكن في مستوى إنتظارات الشغيلة التعليمية، وإن الأسباب هي مبررات مخدومة لضرب المكتسبات والمس بالحقوق، وعلى الوزارة أن تتدخل لحل المشاكل العالقة لباقي الفئات التي تم إقصاؤها وتهميشها وأجرأة بنود الإتفاق وتنفيذه. ماعدا ذلك،فإن الإحتقان سيزداد ويتوسع وسيؤثر سلبا على المردودية وعلى الإستقرار الإجتماعي وعلى المدرسة العمومية.