يتفاوت التنسيق بين بعض النقابات القطاعية التابعة للمركزيات النقابية الخمس الأكثر تمثيلية، فتارة يطبعها التلاحم ومرات أخرى يكون الصراع والتشتت هو سيد الموقف، وهذا يعود أحيانا إلى التموقع السياسي للحزب المقرب من النقابة، فتتنوع أشكال الاحتجاج باختلاف الألوان السياسية، وهذا لا يعني أنه في بعض الأحيان يتم تقديم مصلحة المطالب الاجتماعية والمادية والمعنوية للطبقة العاملة بغض النظر عن الانتماء السياسي. فبقطاع التعليم، مثلا، أقدمت أربع نقابات تعليمية وهي النقابة الوطنية للتعليم (الفيدرالية الديمقراطية للشغل) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، والجامعة الحرة للتعليم (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب) والجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل) على تنسيق مطالبها واحتجاجاتها، حيث خاضت إضرابين سنة 2009، الأول كان يوم 29 أكتوبر 2009 والثاني في 9 و10دجنبر2009 كما راسلت بشكل جماعي الوزارة والحكومة وقدمت ملفا مطلبيا مشتركا، وهذا بحسب المتتبعين يعد خطوة مهمة في إطار الدفاع المشترك عن مطالب الأسرة التعليمية، لكن بقيت نقابة خامسة لها وجود في الساحة التعليمية وهي النقابة الوطنية للتعليم التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والتي خاضت الموسم الماضي يومي 10 و11فبراير 2009 إضرابا عن العمل دفاعا عن نفس المطالب التي خاضت من أجلها النقابات الأربع إضرابين، لكن النقابة التعليمية التابعة للأموي لم ترغب في الانضمام إلى التنسيق على الرغم من توجيه دعوة لها من طرف بعض النقابات الأربع، وبحسب مصادر نقابية فإن النقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش) ترفض رفضا باتا انضمام ربيبتها التابعة للكنفدرالية (لهما نفس الاسم) بسبب الخلاف حول الاسم، إذ وصلت القضية إلى المحاكم، وحكم القضاء لصالح النقابة التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، لكن لم يتم تنفيذ الحكم إلى حدود الساعة، وهو ما دفع بعض الصحفيين خلال الندوة الصحفية التي عقدتها النقابات الأربع يوم 22أكتوبر2009 للتساؤل عن أسباب غياب نقابة الأموي عن التنسيق فكان جواب عبد العزيز إيوي، الكاتب العام للنقابة التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، بأنهم في خلاف مع هذه النقابة وأن باقي أطراف التنسيق تفهمت موقف نقابته. وبخلاف التنسيق المركزي نجد أن النقابتين الوطنيتين للتعليم، اللتين تعرفان خلافا على المستوى المركزي، تنسقان مواقفهما جهويا، نموذج جهة الشمال وجهة سوس ماسة درعة (تم خوض إضراب جهوي بجهة سوس يوم 28دجنبر2009 ) وإقليميا(نموذج تاونات، الحوز، الشاون، العرائش، تطوان...). كما برزت حدة الخلافات بقطاع المالية، إذ اشتعلت حرب البيانات بين النقابة الوطنية للمالية (ك.د.ش) والنقابة الديمقراطية للمالية (ف.د.ش)، حيث طعنت الأولى في نتائج الحوار المعلنة من قبل الثانية مع وزارة المالية، وأكدت أنها لم تعقد لقاء مع وزير المالية كما جاء في أحد بياناتها، بل نشرت نقابة الأموي جدولا للزيادات في الأجور التي حققتها مخالفة لتلك التي نشرتها نقابة (فدش)، وذلك بعد تعليق الإضراب الذي كان مقررا خوضه يومي 30و31دجنبر2009. ويبرز الخلاف أيضا في قطاع العدل، فرغم أن المطالب مشتركة ورغم توجيه دعوة التنسيق بشكل رسمي من طرف الجامعة الوطنية لقطاع العدل (ا.م.ش.م) والنقابة الوطنية للعدل (ك.د.ش) وللنقابة الثالثة بالعدل وهي النقابة الديمقراطية للعدل (ف.د.ش)، هذه الأخيرة، رفضت التنسيق، إذ لم تشارك في آخر شكل احتجاجي خاضته شغيلة القطاع، الأسبوع الماضي، بعدما أضربت عن العمل لمدة ثلاثة أيام ونظمت وقفة احتجاجية أمام الوزارة، لكن في الوقت ذاته دعت إلى إضراب ليومين فقط، وقررت تنظيم مسيرة يوم 5 فبراير المقبل، فدعمت النقابتان خطوتها. أما بقطاع الإسكان فقد خاضت النقابة التابعة لكل من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب إضرابا وحدويا يومي 30و31دجنبر2009 بالوكالات الحضرية، ولم يمنع الانتماء السياسي من الإقدام على احتجاج موحد. كما تم تسجيل أول تنسيق بقطاع الصحة بين الجامعة الوطنية لقطاع الصحة (ا.و.ش.م) والنقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش) حيث تم خوض إضراب مشترك يوم 10دجنبر2009، فيما رفضت النقابة التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة التابعة للاتحاد المغربي للشغل الانضمام للإضراب، فيما لم يتم توجيه دعوة التنسيق إلى النقابة التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب المقربة من حزب ياسمينة بادو بسبب منح منصب مدير مركزي للكاتب العام للنقابة المذكورة، حسب ما أكدته بعض المصادر النقابية.