وقف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الذي عممه في الأسبوع الماضي، على العديد من الاختلالات الخطيرة التي تهم تصريف الشؤون المالية للمؤسسات العمومية، ونبه المجلس إلى النواقص التي مازالت تشوب تدبير المال العام في هذه المؤسسات، وعلى رأسها إشكالية الحكامة التي تتجلى في كون مجموعة من الاختلالات التي تم اكتشافها ترجع إما إلى غياب الشفافية في التدبير أو إلى التهميش بحكم الواقع لأدوار بعض الهيئات المسيرة لا سيما مجالس الإدارة بالنسبة للمقاولات العمومية . ما وقف عليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، في واقع الأمر،يكاد، في نظري، أن ينطبق على ما تشهده المنظومة الرياضية الوطنية، بأرقامها المالية المرتفعة، والتي تظل غير مكشوفة ويجهل كيف يتم تدبيرها، وأين توجه، وكيف توزع وتستثمر. أموال طائلة يتم تداولها في الرياضة الوطنية، على مستوى الوزارة الوصية مثلا، التي تستفيد من 14 مليار سنتيما كل سنة عبر الميزانية العامة للدولة، صحيح أنه رقم ضئيل مقارنة مع ما ننتظره من هذه الوزارة التي تشرف على قطاعين «الرياضة والشباب»، لكن التعويض يأتي سريعا من مالية صناديقها وشركاتها التي يحدثها الوزير بحسه «الماركوتينغي»، ولعل الصندوق الوطني لتنمية الرياضة في السياق نفسه، يحضر كمورد هام جدا للوزير ووزارته. إنه صندوق يظل موصدا ولا يمكن الاطلاع على محتواه، ولا على ما يحتفظ به من مال يلجه عبر مؤسسات عمومية ذات طابع تجاري كما هو حال «المغربية للألعاب والرياضات» وكشركة «صونارجيس» وغيرهما، من الموارد التي تحلب منها وزارة بلخياط أموالا طائلة تعد بملايير الدراهم، ولاتطولها أعين المراقبين والمتتبعين. من عادته، يتجنب الوزير والمقربين منه، الحديث عن مثل ذلك الصندوق العجيب، وأعني به صندوق تنمية الرياضة. وكعادته والمقربين منه، يلمح الوزير دائما إلى كون وزارته الأفقر من بين كل الوزارات وهي التي لاتستفيد من الميزانية العامة إلا بنسبة 0,59 بعملية حسابية بسيطة، نضيف لهذه النسبة التي تمثل 14 مليار سنتيما، ما يحتويه صندوقنا العجيب، فسنكتشف أن وزارة الوزير بلخياط هي وزارة مليونيرة ومثخمة بالملايير. واللهم لاحسد، لكننا نتسائل فحسب، كيف يتم تدبير كل الأموال التي تلج صناديق وزارة الشباب والرياضة؟ أين تصرف ولأية أهداف وأغراض؟ ولماذا يتم التستر على أرقامها ولفائدة من؟ ولماذا يغيب عن برلماننا وبرلمانيينا مراقبة مالية هذه الوزارة، والاطلاع على صناديقها؟ ولماذا يتجاهل المجلس الأعلى للحسابات النظر في مالية المؤسسات والهيئات الرياضية ذات العلاقة بوزارة الشباب والرياضة؟ وزارة الشباب والرياضة وبفضل وصايتها على القطاع الرياضي، تسمح لنفسها بمراقبة وبافتحاص مالية الجامعات الرياضية.. هذه الأخيرة، بدورها تزعم أنها تقوم بمراقبة وافتحاص مالية الأندية التابعة لها.. فمتى يتحرك البرلمان ويفرض مراقبة جدية ومسؤولة على مال عام «يتجول» بكل حرية في دروب مصالح وزارة منصف بلخياط؟ سؤال آخر، لماذا ترفض الوزارة إياها الإعلان عن نتائج و تقارير عمليات الافتحاص التي أخضعت لها الجامعات الرياضية؟