كثيرة هي القضايا الجنائية التي يصعب فك رموزها مثل قضية قتل الحاكم الجماعي الحاج نبيه بسطات على الضابطة القضائية رغم توفرها اليوم على وسائل عمل متطورة من حيث التقنية وحاجتها الملحة للمزيد من العنصر البشري حتى تقوم بعملها على أحسن وجه. ويلعب بعض المخبرين أو فاعلي خير دوراً حاسماً في إفادة الضابطة القضائية بمعلومات دقيقة تقودها الى التوصل لإلقاء القبض على المشتبه فيه أو فيهم والبحث معهم للوصول للحقيقة في قضية ما، ذلك ما حدث في قضية اليوم التي تعود أحداثها الى أواخر عام 2008، والتي وقعت بأحد دواوير جماعة الدروة التابعة من حيث نفوذها الترابي لبرشيد ومحكمة الاستئناف بسطات. ذات صباح رن هاتف مركز الدرك ببرشيد ليتم إخبارهم أن هناك جثة شاب مقتول بين بعض الأشجار على مقربة من الطريق بجماعة الدروة. بعد الانتقال السريع لمكان الحادث والقيام بالاجراءات المسطرية اللازمة، وأخذ صور للجثة ومكانها لم يتم العثور على أي دليل يساعد فرقة البحث على الوصول للجاني أو الجناة المحتملين، وبعد نقل الجثة وإجراء تشريح طبي دقيق، أكد الطبيب الشرعي أن الهالك قتل إثر تلقيه طعنة مباشرة في الصدر اخترقت القفص الصدري ومزقت القلب مما نتج عنه نزيف أدى إلى الوفاة تم تم. حارت الضابطة القضائية في الأمر ولكنها لم تقف مكتوفة الأيدي، بل شرعت في الاستماع لأسرة الضحية ولبعض معارفه ممن يترددون على بعض المقاهي دون التوصل الى شيء إلى أن رن الهاتف مرة أخرى بالمركز، ليتم إخبارهم أن الهالك قد يكون ضحية لعصابة مكونة من ثلاثة أفراد وأدنى بأسمائهم. تجندت فرقة من الضابطة القضائية لتمشيط جماعة الدروة والمناطق المجاورة لها حتى تمكنت من توقيف الثلاثة في خلاء يقارعون الخمر، وبعد تفتيشهم الوقائي، حسب محرر المحضر، تم الحجز لديهم بعض الهواتف النقالة ومبالغ مالية ليتم نقلهم للمخفر للبحث معهم مما جعلهم يصرحون حسب مضمون المحاضر أنه نظراً لعطالتهم واحتياجاتهم لما ينفقونه على أنفسهم وذويهم، فإنهم أصبحوا يتعاطون للسرقات ليس فقط عن طريق اعتراض سبيل المارة (مثل ما وقع للهالك)، ولكن كذلك السطو على بعض المنازل الحديثة البناء بالمنطقة، والتي عادة لا يزورها أصحابها سوى يومي السبت والأحد، مما يجعلها فارغة وسهلة السرقة ليلا أو حتى نهاراً. نفس المعطيات تفيد أن المتهم الرئيسي قاد عناصر الأمن إلى المكان الذي رمى فيه المدية (سكين كبير) التي استعملها في طعن الهالك ليتم حجزها وتقديمها كوسيلة إثبات، كما ذكر أسماء ثلاثة مشاركين آخرين لتكتمل العصابة. وبالفعل فقط، أحيل الملقى القبض عليهم الستة على للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات التي تابعهم طبقا لمقتضيات المواد 392: القتل العمد، 114 المحاولة، 129 المشاركة، 293 و 294 تكوين عصابة إجرامية، 507 و 509 السرقة الموصوفة تم 401 ح الضرب والجرح العمديين بالسلاح من القانون الجنائي والفصل 316 من مدونة التجارة إصدار شيك بدون رصيد، وقبول شيك على سبيل الضمان، وظهير 19/1/1953 السياقة بدون رخصة، لتتم إدانتهم ابتدائياً ويحالون على غرفة الجنايات الاستئنافية. المحاكمة حضرها العديد من الضحايا الذين تعرفوا على المتهمين وطالبوا بالتعويضات. بعد مناقشة القضية في جلسة علنية وتدخلات دفاع كل طرف، وممثل النيابة العامة، أدرج الملف للمداولة، وبعد رجوع الهيئة للجلسة نطق رئيسها بالأحكام التي تلقاها بالارتياح ليس فقط الضحايا الذين تمت سرقتهم، ولكن كذلك العموم ممن تابعوا المحاكمة، حيث جاءت الأحكام كما يلي: 30 سنة لكل واحد من الثلاثة الأوائل. 10 سنوات لكل واحد من الثلاثة الثانيين. سنتان (02) لكل واحد من الثلاثة الآخرين.