كثر الحديث عن الشركات المختصة في جمع الأدوية المنتهية صلاحيتها والمواد الغذائية المعلبة، وكُتب الكثير عن هذه الشركات التي هي في ملكية أجانب، حيث سبق أن كشفت جريدة الاتحاد الاشتراكي ، في أعداد سابقة ، عن «تلاعبات» بعض هذه الشركات، إما بعدم القضاء على المواد المنتهية صلاحيتها والتي يتم جمعها من مصادرها حسب المساطر المعمول بها قانونيا، أو لتغيير علبها ووضع تواريخ جديدة وإدخالها للأسواق من جديد، ومنها من كانت تصرفاتها سببا في التلوث ومست الفرشة المائية كتلك الموجودة في تراب منطقة سيدي مسعود بالدارالبيضاء الكبرى، والتي كانت تقوم ومازالت لحد الساعة بطحن الأدوية على شكل أقراص داخل هنكارها، وتحويل المواد السائلة ، التي لم تعد صالحة للاستعمال، داخل صهاريج متنقلة وإفراغها بمجاري المياه العادمة في تمويه يوحي بتصفية تلك المجاري، إضافة إلى تلك التي عثرت عليها مصالح درك الشلالات، والتي قادت مجموعة من الأشخاص إلى سجن عكاشة في انتظار صدور أحكام، بعد تزوير محاضر توضح أن البضاعة المنتهية صلاحيتها قد تم التخلص منها ، فيما الحقيقة غير ذلك ! شركة من هذا التخصص اختارت أن تخرج عن مدار الدارالبيضاء، وتحط الرحال بتراب الجماعة القروية أولاد زيدان دائرة المذاكرة، وتقتني بقعة أرضية بمساحة جد محترمة ، اختارت أن تكون بجوار مؤسسة تعليمية، إحدى الفرعيات الخاصة بتعليم أطفال هذه المنطقة، التي حباها الله بروعة جمال الطبيعة في هذه الأيام مما يبشر بموسم فلاحي جيد بها، إن لم تؤثر عليها سحابة الغبار البيضاء التي توجد على مقربة من المدرسة الابتدائية. وهي غبار أقراص وحبوب الأدوية المنتهية صلاحيتها والتي عوض إحراقها في أفرنة كان المفروض أن تكون بالقرب من المستودع الذي تجمع فيه لا أن تكون على بعد حوالي 80 كلم ، كما هو الحال في هذا المكان! فهذه الأدوية ، حسب مصدر مطلع ، تدخل في حاويات مغلقة وتخرج في شاحنات غير مستورة/ مكشوفة يتطاير منها غبار الأدوية، بعد أن سحقت وطحنت داخل ذلك المكان، على امتداد المسافة الفاصلة بين هذا المكان والمكان المقصود! خطورة هذا الغبار من الناحية البيئية لا تقتصر على هذا الجانب، بل تتعداه إلى أمور أخرى تبدأ بالتأثير على الأجسام الصغيرة ، كما جاء على لسان بعض ساكنة المنطقة، التي تستغرب لوجود مثل هذه الأنشطة بالقرب منهم ،رغم أنها تشغل عددا لا يستهان به من اليد العاملة من أبناء هذه الجماعة. أيضا تمتد الخطورة إلى البراميل الحديدية التي كانت تحتوي على مواد كيماوية سامة، حيث توجد في العديد من المناطق عند بعض الباعة معروضة للبيع ومازالت تحمل اسم الشركة ، بعضها وصل إلى السوق الأسبوعي، حيث يقتنيه البعض لخزن بعض أنواع الحبوب أو لوضع بعض المنتوجات الفلاحية أو بعض أعلاف البهائم، مما سيؤثر على الإنسان والحيوان باعتبار أن آثار المواد السامة مازالت عالقة به. ولأن المنطقة فلاحية تعتمد على السقي، ولوجود عدة أنواع من الخضر تزود بها المنطقة الأسواق البيضاوية، فإن خطر وصول المواد الكيماوية السائلة إلى الفرشة المائية والتي منها تسقى تلك الحقول والمزارع، يظل قائما مما يعرض حياة المستهلكين إلى بعض الأخطار تجهل عند الجميع مصادرها. مصادر من عين المكان تلقي اللوم على بعض المنتخبين الذين دافعوا عن هذه «الأنشطة» غير مبالين بصحة أطفال الساكنة الموجودة بهذه المنطقة. أمام هذه الوضعية غير السليمة، فإن العديد من متتبعي الشأن المحلي بهذه المنطقة يطلبون إيفاد لجنة خاصة ومتخصصة للتحقيق في «الخطورة» الناتجة عن كيفية «التخلص من الأدوية المنتهية صلاحيتها ومدى تأثيرها على البشر والحيوانات».