يشكل موضوع «معالجة النفايات» من قبل بعض الشركات التي تحصل على ترخيص بهذا الشأن، والتي هي في ملكية بعض المستثمرين الأجانب، موضوعا «متشعبا» بامتياز، ويحتاج لأكثر من وقفة، بالنظر لتداعياته المختلفة. فبمنطقة سيدي مسعود، التابعة لتراب مقاطعة عين الشق، تتواجد إحدى هذه الشركات ب«هنگار» مكشوف، حيث تكلفت بجمع الأدوية المنتهية صلاحيتها و علب مواد غذائية منتهية هي الأخرى مدة صلاحيتها والمواد الفاسدة والمواد الأولية لصنع الأدوية! وتتجسد عملية «المعالجة»، المتفق عليها، في تغيير معالم هذه المواد بطحنها أو تذويبها أو ما شابه ذلك بالمستودع عبارة عن مساحة أرضية محاطة بسور ثم التخلص منها حتى لاتستعمل مرة أخرى، من خلال إحراقها في أفرنة خاصة غالباً ما تكون تلك الخاصة بصناعة الإسمنت، مع تدوين محضر يبين الكمية المستخلصة منها. فهل هذه هي الطريق التي يتم نهجها فعلا؟ تعود البداية إلى 1996 ، حيث تُشغل حوالي 30 عاملا، يعملون ليل نهار دون انقطاع، ويُعتَمَد في معالجة المواد المنتهية صلاحيتها على طحن الأقراص وجميع المواد السائلة عبر صهاريج متنقلة بواسطة شاحنات ، كانت إلى حدود سنوات قريبة، تصب تلك السوائل بقنوات المياه العادمة ومياه الأمطار! أما الأدوية، فإنها تُطحن وتصبح غباراً «ساماً» تقول مصادر مطلعة، ينتشر فوق سماء منطقة سيدي مسعود والأحياء المجاورة لها. المياه السامة تتسرب بدورها إلى جوف الأرض لتلوث المياه الجوفية، ومنها ما يتسرب من بعض الثقب الكبيرة الموجودة في أسفل السور المحيط بمكان جمع هذه الأدوية والمواد الكيماوية، مما يجعله سائلا على شكل «روافد» تشرب منه بعض أنواع الحيوانات التي سرعان ما تنقل الأوبئة إلى الإنسان! ورغم خطورة الوضع، كما أشارت إلى ذلك الجريدة سابقا ، لم يسجل أي تدخل صارم من قبل السلطات المحلية أو المنتخبة، حيث تطور«النشاط»، ليشمل نفايات إحدى شركات «الكاشير» بمنطقة سيدي رحال وأخرى بالحي الصناعي قرب مطار محمد الخامس، وهي عبارة عن أمعاء الدجاج وريشه و«رؤوسه»..، ونفس الشيء بالنسبة للديك الرومي «بيبي»، يتم تجميعها في هنگار سيدي مسعود، لتنقل إلى أماكن أخرى عبارة عن «كريانات»... يتعلق الأمر بكريان بوجمعة قرب مديونة، و«السبيت»، وأخرى يوجد قبالة المطرح العمومي لمديونة، هذه الكريانات من المفروض أن تملأ بالحجارة والأتربة المتبقية من عمليات الهدم التي تقوم بها السلطات المحلية أو أصحاب الأملاك الخصوصية، لكن الشاحنات تأتي «خلسة»، تقول المصادر ذاتها، لتحمل نفايات «الدجاج والديك الرومي» الملوثة للبيئة وذات الروائح الكريهة، وكذا نفايات الأدوية والمواد الأولية والكيماوية وتفرغها في هذه الكريانات ، التي بعد أن تُملأ وتُدك، ستُبنى فوقها، في المستقبل القريب، دور سكنية ومحلات تجارية، وباحتواء باطن هذه الأرض لمواد سامة ونفايات مُلوثة، فستشكل خطراً على الفرشة المائية، دون إغفال عدم صلابتها وهشاشة ما يُبنى عليها! أما الشاحنات التي تحمل الصهاريج، فإنه يجهل أين تتخلص من حمولاتها السامة علما بأنها لا تتوفر على ترخيص لإفراغ حمولتها بالمطارح العمومية! واللافت، وفق المصادر نفسها، هو حصول الجهة المعنية ب«هذا المسار غير البيئي» على مزيد من الامتيازات دون مراقبة، إلى جانب شهادة «إيزو» للجودة!! علما بأن «مقر» سيدي مسعود، كان محجا لزيارة عدة لجن، كانت آخرها قبل شهور معدودة، دون أدنى نتيجة! ويتساءل المتتبعون إلى أين ترفع التقارير المنجزة، إن كانت هناك أصلا؟ وأين هي لجنة مراقبة البيئة؟ في السياق ذاته، تجدرالإشارة، إلى أن العديد من العمال لحقهم قرارالطرد دون ارتكابهم لأي «خطأ مهني»، ودون التمتع بالمستحقات التي يضمنها قانون الشغل! مصادر مقربة أكدت أن هناك ورقا على شكل أليمنيوم خاص بإحدى شركات الحليب ومشتقاته، لم يعد صالحاً للاستعمال، يتم بيعه لبعض محلات الجزارة يلفف فيه اللحم، مما يشكل خطورة على المستهلك. أيضا الأكياس التي توجد بها الأدوية الفاسدة والمنتهية صلاحيتها والبراميل الحاملة لبعض المواد الأولية أو الكيماوية، تباع بعد إفراغها دون غسلها أو تنظيفها من السموم التي كانت بداخلها!! واعتمادا على المعطيات السالف ذكرها ، يطرح العديد من أبناء عين الشق تساؤلات محيرة: لماذا مثل هذه «الكوارث» تجتمع بتراب عين الشق، فهذه الشركة مقرها سيدي مسعود، والشاحنة التي أوقفها درك الشلالات، مؤخرا، والتي ضبطت بها مواد غذائية منتهية الصلاحية قادمة من عين الشق ومتجهة نحو مستودع لإعادة تلفيفها ووضع تاريخ جديد لبيعها، رغم وجود محاضر تشهد أنها أتلفت، موقع عليها من طرف بعض أطر عمالة عين الشق، والمصالح الخارجية وعون قضائي، إلى جانب وجود مستودع للبطاطس الفاسدة المعلبة المستوردة من الخارج، وأخيراً الشاحنة التي أوقفها درك عين حرودة، والحاملة لأنواع التوابل والمواد الغذائية المنتهية صلاحيتها والقادمة من مستودع بدرب الخير!؟.