عرفت الأحكام الصادرة في شأن قضايا ثبوت الزوجية وتيرة تصاعدية منذ بدء انطلاقتها سنة 2004 إلى حدود 2010، هذا ما أكده وزير العدل، محمد الطيب الناصري، في كلمة ألقاها بمناسبة تمديد أجل دعوى ثبوت الزوجية الذي جاء بناء على تعديل المادة 16 من مدونة الأسرة؛ وذلك يوم 28 مارس الأخير بالرشيدية، موضحا أن هذه الأحكام انتقلت من 6918 حكما سنة 2004 إلى 18751 حكما سنة 2007، ثم 23390 خلال سنة 2008، كما بلغ المسجل من هذه القضايا برسم سنة 2010 ما مجموعه 30439 قضية. وأعلن وزير العدل في هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة كل من الكاتب الأول لوزارة العدل والنواب والمستشارين والقضاة والمحامين وموظفي وزارة العدل ورئيس المجلس العلمي المحلي والسلطات المحلية وممثلي فعاليات المجتمع المدني بالجهة، مواصلة الحملة الوطنية لتوثيق كل الزيجات غير الموثقة؛ وذلك تفعيلا لمقتضيات المادة 16، بعد إعطاء انطلاقتها في كل من تارودانت وقلعة السراغنة والتعبئة من أجلها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بتنسيق مع وزارة الداخلية وبتعاون مع فعاليات المجتمع المدني. وأشار وزير العدل أنه بعد انقضاء الفترة الأولى لهذه الحملة، تبين أنه مازالت هناك وضعيات لم تسو بعد، رغم المجهودات التي واكبت الفترة الانتقالية الأولى لسماع دعاوى الزوجية، مما أدى إلى تمديد الفترة الانتقالية لخمس سنوات أخرى حفاظا على حقوق الزوجين والأطفال. وأكد وزير العدل أن هذه الحملة تستقي خصوصيتها من كونها تتضمن عقد جلسات تنقلية بمراكز القضاة المقيمين بما في ذلك عقد جلسات خارج فضاءات المحاكم في الأسواق والأماكن النائية بتنسيق مع السلطات المحلية؛ وذلك في إطار تصور أساسي يقوم على تقريب القضاء من المتقاضين من خلال تبسيط الإجراءات وتيسيرها مع سرعة البت في القضايا والانخراط الفعلي لكافة وسائل التحسيس عن طريق الإعلام من أجل تأمين التفاعل الإيجابي للمواطنين مع هذه المبادرة لتطويق ظاهرة الزواج غير الموثق قبل انقضاء الفترة الانتقالية الجديدة في 5 فبراير 2014. من جهته، طالب عامل إقليمالرشيدية، محمد أمغوز، في كلمة بالمناسبة، ضباط الحالة المدنية ورجال السلطة بالاستغلال الأمثل للفترة الانتقالية الجديدة، لحث الساكنة على الإسراع بتقديم دعاوى ثبوت الزوجية إلى المحاكم الابتدائية المختصة لأجل تسوية ملفاتهم وتسجيل أبنائهم بسجلات الحالة المدنية، موضحا أن الحصيلة التي تم ضبطها بداية الأيام الدراسية، التي تمت على صعيد الإقليم، وحملات التوعية خلال سنة 2008، كانت إيجابية، حيث تم إحصاء 81 حالة زواج غير موثق، تم البت في أغلب القضايا المعروضة منها على المحكمة بقبول الطلب، مضيفا أن هذه السنة تم إحصاء 53 حالة زواج غير موثق سوف تصدر الأحكام بشأنها قريبا. وحث عامل الإقليم كل الأطراف المعنية من رؤساء الجماعات، ضباط الحالة المدنية، رجال السلطة، رؤساء الدوائر والقواد ومساعديهم، خلفاء وشيوح ومقدمين، وكذا جمعيات المجتمع المدني على تكثيف الجهود من أجل إنجاح المشروع الحكومي المتعلق بتحديث قطاع الحالة المدنية، الذي انطلق على المستوى الوطني بعد نجاح تجربة جهة الدارالبيضاء الكبرى، والرامي إلى النهوض بالإدارة الترابية المحلية ووعصرنتها في أفق إعداد السجلات الإلكترونية للحالة المدنية وإعداد السجل الوطني الذي يشمل كافة بيانات المواطنين بشكل دقيق ومضبوط يمكن كل مواطن من الحصول على وثائق الحالة المدنية على صعيد التراب الوطني، إضافة إلى تسهيل الحصول الإلكتروني على المعطيات والبيانات بالنسبة لكل المؤسسات العمومية الراغبة في ذلك. ودعا الجميع إلى الانحراط في هذه العملية بكل حزم وجدية والعمل على التواصل مع المواطنين الذين لم يستفيدوا بعد من هذا البرنامج. وفي ذات السياق، أشار الرئيس الأول لمحكمة الاستيناف بالرشيدية، محمد بنرياب، في كلمته بالمناسبة إلى أن أكبر دائرة قضائية بالمغرب تقع بإقليمالرشيدية، من حيث عدد المراكز التابعة لابتدائيتها، هذه المراكز -يضيف الرئيس الأول- تقع جلها في مناطق نائية بعيدة عن مقر المحكمة الابتدائية، حيث تتجاوز، في بعض الأحيان، المساحة الفاصلة بين بعض المناطق وهذه المحكمة 250 كلم (إملشيل، ألنيف، الطاوس، وأغبالونكردوس...) والتي تعرف بطرقها غير المعبدة والصعبة المسالك وظروفها المناخيةالقاسية. ورغم ذلك، يقول الرئيس الأول للمحكمة الابتدائية: «فقد عملنا على القيام، من حين لآخر، بحملات تعبوية لحث السكان على التسجيل بسجلات الحالة المدنية بتنسيق مع المفتشية الإقليمية للحالة المدنية بالإقليم، وبحملات أخرى لسماع دعوى ثبوت الزوجية قبل تعديل المادة 16 من مدونة الأسرة». كما تم تشكيل خلية تواصل على مستوى المحكمة الابتدائية للقيام بحملة واسعة للإخبار والتحسيس والتوعية، خصوصا في المناطق النائية، واتخاذ التدابير والترتيبات والوسائل العلمية الناجعة على المستوى القضائي لتنزيل التعديل المدخل على المادة 16على أرض الواقع كتفعيل مؤسسة القاضي الوسيط بالمراكز القضائية كوسيلة للتوعية والتوجيه؛ وذلك في إطار تنفيذ المفهوم الجديد لإصلاح العدالة. وفي هذا الإطار، يضيف رئيس المحكمة، عمدت المحكمة إلى إحداث موقع خاص بها على الإنترنت (www.caerrachidia.ma) يمكن المتقاضين وهيئة الدفاع من الاطلاع على مسار ملفاتهم بشكل مباشر. وانعقدت بعد ذلك، محكمة متنقلة في إطار سياسة تقريب القضاء من المتقاضين بجماعة الرتب القروية، على بعد حوالي 50 كلم من مدينة الرشيدية داخل الخيام، حضرها وزير العدل والوفد المرافق له والسلطات المحلية، حيث تابعوا جلسات المحكمة التي نظرت في عشرين دعوى ثبوت الزوجية كان قد رفعها مواطنو المنطقة للحصول على عقد الزواج الشرعي، كما سلمت ذات المحكمة أربع عقود زواج لأربع متقاضين في آخر جلسة هذه المحكمة المتنقلة على أن تصدر باقي الأحكام يوم 30 مارس الحالي. وعقدت، في اليوم التالي، جلسة تنقلية أخرى بالجماعة القروية إتزر بمدينة ميدلت تم خلالها البث في عدد من ملفات طلب ثبوت الزوجية وصدرت الأحكام في نهاية الجلسة بقبول الدعوى كما تم سماع دعاوى التسجيل بالحالة المدنية. وقد أشاعت هذه المبادرة، التي استفاد منها سكان جماعات ودواوير إقليميالراشيدية وميدلت، ارتياحا كبيرا لدى المتقاضين الذين توافدوا نساء ورجالا، شبابا وشيبا، على الخيمتين المنصوبتين بكل من الجماعتين القرويتين الرتب بإقليمالراشيدية وإيترز بإقليم ميدلت، منذ الصباح الباكر، بعد حصول أغلبهم على أحكام بقبول الطلب في نفس اليوم. بينما أجل النظر في عدد محدود من الملفات، نظرا لغياب بعض الشهود عن جلستي المحكمة.