ضمن سلسلة اللقاءات الخاصة على إذاعة «إف. إم» الدارالبيضاء، التي تستضيف شخصيات سياسية لأجل تعميق النقاش حول مضامين الخطاب الملكي للتاسع من مارس الماضي، حل حبيب المالكي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضيفا على هذا البرنامج الذي ينشطه الزميل الصحفي خالد الكيراوي والاستاذ الباحث ميلود القاضي. وكان هذا اللقاء الإذاعي مناسبة قدم خلالها عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قراءة للإصلاحات السياسية العميقة التي ينتظرها المغاربة وكذلك وضع الجهوية المتقدمة في أفق إحداث إصلاحاث دستورية وشكل الغرفة الثانية وايضا ضمانات اجراء انتخابات نزيهة. قال حبيب المالكي، عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية, أن خطاب جلالة الملك محمد السادس لتاسع مارس كان له صدى قوي داخل المجتمع المغربي وأيضا في الأوساط الدولية. وأوضح المالكي، في برنامج إذاعي بثته إذاعة «إف. إم» الدارالبيضاء الأسبوع الماضي، أن الخطاب الملكي خلق وضعا جديدا نفسيا وسياسيا وإيضا ارتياحا شعبيا عميقا. واعتبر المالكي في السياق ذاته، أن ما جاء في الخطاب الملكي، على العكس مما يقال هنا وهناك، أنه لم يكن بالمفاجأة,معللا ذلك بكون الاصلاح الدستوري كان موضوع أجندة مغربية منذ الخطاب الملكي للثالث من يناير من السنة الماضية، حينما أعلن، يشير المالكي، جلالة الملك محمد السادس فتح ورش الإصلاح الشامل للجهة، وهو الأمر الذي يؤكد ويفسر أن الجهوية كانت مدخل الإصلاح في الخطاب الملكي لتاسع مارس. وأكد عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في معرض أجوبته على أسئلة الزميل الصحفي خالد كيراوي والاستاذ الباحث ميلود القاضي، أن ثمة تطابقا ما بين الخطاب الملكي للتاسع من مارس والمطالب التي سبق وأن تم التذكير بها في بيان للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقال إننا «نجد أنفسنا في ماأعلن عنه جلالة الملك». وقال المالكي إن الخطاب الملكي جاء تلبية لمطالب القوى الحية بالمغرب، مشيرا في الآن ذاته، إلى أن الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سبق وأن أكد وذكر، بصفة خاصة منذ عدة سنوات بأهمية فتح ورش إصلاحي جديد وعلى الخصوص منذ رفع الحزب مذكرة تشتمل على جملة من الاصلاحات السياسية إلى جلالة الملك في شهر مارس من سنة 2009. وشدد المالكي أيضا في مداخلته، على أن دستور 1996 قد يكون استنفد كل مهامه، معتبرا أنه بالنظر إلى التحولات التي عرفها العهد الجديد للمغرب، وتلك التي يعيشها المحيط العربي والدولي فقد أصبح المغرب في حاجة إلى دستور جديد، وعزا المالكي ذلك إلى كون المغرب راكم تجارب مهمة، سواء في المجالين السياسي والمؤسسي بإيجابياتها وسلبياتها وإلى طموح قوى الشعب المغربي في أن يحافظ المغرب على موقعه الريادي في المنطقة في كل ما له علاقة بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان. وقال عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن إصلاح الدستور لا يهم النخب فقط، وأن أمر إصلاح الدستور يهم الشعب المغربي, مؤكدا أن التأسيس لدستور جديد، الذي سيعطي دفعة جديدة في أن نتمتع بمواطنة جديدة داخل بلدنا، هو الذي سيجعل المواطن المغربي يمارس جميع حقوقه. وأضاف المالكي أن قراءة معمقة ومتأنية للخطاب الملكي للتاسع من مارس الماضي تبين أن الجهة هي مدخل الإصلاح، أي إصلاح الدولة موضحا أن مؤسسة أو بنية قاعدية، وهي الجهة التي ستتحكم في إصلاح بينية فوقية أي الدولة، هي الجهة. واعتبر المالكي أن هذا الأمر طرح جديد يؤكد الفلسفة الجديدة التي على أساسها ستبنى الديمقراطية وستتطور بالنسبة للسنوات المقبلة. وأشار المالكي أن الجهة كجماعة ترابية لم تكن لها شرعية ديمقراطية بفعل نمط الاقتراع، الذي كان غير مباشر وآيضا لما كانت تعانيه من فساد انتخابي واستعمال للمال الحرام وإلى حد كبير هيمنة السلطة الوصية. وأكد المالكي أن كل هذه الظواهر السلبية جعلت من المجالس الجهوية مؤسسات لاعلاقة لها بالمواطنين ولاعلاقة لها بحاجياته ،مشددا على أنه بالرغم من القرب النظري فالمجالس الجهوية كانت بعيدة كل البعد عن هموم المواطنين. وأضاف عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن المغرب سيكون في المستقبل القريب أمام جهة جديدة كمفهوم وإطار واختصاصات وحلقة جديدة في البناء الديمقراطي للبلاد. وأوضح المالكي، في الآن ذاته، أن الجهة بمفهومها الجديد ستضفي مزيدا من الشرعية على مجلس المستشارين، ذلك أن ثمة ترابطا وعلاقة قوية ما بين الجهة بمفهومها الجديد والمحتوى الجديد واختصاصاتها وما سيكون عليه مجلس المستشارين، مؤكدا أن الجهة كجماعة ترابية إلى جانب الجماعات الترابية الآخرى ستكون المكون الأساسي للغرفة الثانية التي ستستمد شرعيتها الديمقراطية من تلك التي ستتمتع بها مجالس الجهات. وربط المالكي قدرة الأحزاب السياسية على رفع التحديات لأجل جعل الجهوية في مفهومها وإطارها الجديدين تتحمل مسؤوليتها في تواجه التحديات بنجاعة، ربط هذه القدرة على ذلك بمدى احترام قواعد العمل السياسي المبني على التنافسية الشريفة ومحاربة سلطة المال والفساد اللذان جعلا النخب المحلية والفئات الحية والشباب والنساء يبتعدون عن السياسة. وأشار عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى أن هذه القوى المجتمعية لاحظت أن السياسة أصبحت سوقا و أن العمل السياسي تحول الى بورصة للتداول بيعا وشراء, الأمر الذي، يضيف المالكي، ساهم في تشويه العمل السياسي واضمحلال القيم النبيلة التي بدونها لا يستقيم العمل السياسي البناء. وأكد المالكي أن الحركية الجديدة التي ستنبع من خلال الاصلاحات العميقة التي سيعرفها المغرب في الأشهر القليلة المقبلة ستمكن من استرجاع الثقة وخلق جو صحي وجو من التعبئة. وقال في السياق ذاته أن الفئات الحية في المجتمع المغربي وعلى رأسها الشباب سوف تنخرط وبكيفية قوية في هذا البناء، مشددا على أنه بدون ثقة ليس ثمة انخراط، وأن الانخراط كيفما كان المشروع الاصلاحي بكل المؤسسات لن يقدم الكثير. وحول العملية الانتخابية أوضح عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الشعب المغربي والناخبين أساسا بشكل خاص يعون بشكل جيد المفسدين للانتخابات، واعتبر أن المشاورات المتعلقة بإصلاح القانون المرتبط بالأحزاب السياسية وأيضا بمدونة الانتخابات أمر ضروري لمواصلة الاصلاحات السياسية، التي طالب بها حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتطالب بها أحزاب سياسية أخرى. وأضاف المالكي أن الهدف من وضع قانون متعلق بالأحزاب السياسية أيضا بمدونة الانتخابات هو أن يستوعب ويفهم ويطبق الجميع قواعد اللعبة السياسية، وقد قدم المالكي أوجها من الاختلالات التي تعرفها الانتخابات، مشيرا إلى الترحال السياسي هو شكل من أشكال الفساد السياسي الذي يستفيد من لبس في القانون الذي يرمي إلى الحد من هذه الظاهرة مشددا على ضرورة العمل على توضيح هذا اللبس في القانون مشيرا إلى أن عدم وضوح الخريطة السياسية في البرلمان، غير الخاضعة في بعض الاحيان لمنطق صناديق الاقتراع قد تجعل المواطن المغربي في بعض الأحيان يفقد الثقة في العمل السياسي. وأكد المالكي بالموازاة، أن الانتخابات المقبلة في المغرب يمكنها أن تشكل منعطفا جديدا في التاريخ السياسي المغربي منذ الاستقلال إذا ما توافرت كل الشروط لكي تكون نزيهة، مضيفا أنه على الاحزاب الوطنية الاستفادة من تجارب السنوات الماضية. وربط المالكي تحقق نزاهة الانتخابات المقبلة، بتوضيح اللبس القانوني المتعلق بالترحال السياسي، والاتفاق حول نمط اقتراع لن يسمح للأحزاب باللجوء الى وسائل غير أخلاقية، بالإضافة إلى تحمل الدولة مسؤوليتها وخاصة وزارة الداخلية لمسؤوليتها كاملة وتوقفها عن لعب دور الحياد السلبي، وتطبيق القانون بأحكام زجرية ضد الانزلاقات وكذا انخراط الجميع بشكل فعلي في العملية الانتخابية وليس الاكتفاء بنوع من الانخراط الشكلي. وقال عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الغرفة الثانية كما قدمها وجسدها الخطاب الملكي للتاسع من مارس من شأنها أن تمنح نفسا جديدا للتجربة البرلمانية المغربية كونها ستستمد شرعيتها من الجماعات الترابية على المسوى الوطني، موضحا أنه من الايجابي أن يحتفظ المغرب بثنائية النظام البرلماني شريطة أن تكون اختصاصات الغرفة الثانية مختلفة لاختصاصات مجلس النواب. شدد المالكي على أن منطق التقسيم لتحديد الجهات سيشكل أحد المرتكزات لما يمكن آن تقوم به الجهة، مؤكدا في الآن ذاته على ضرورة أن يكون التقسيم الترابي والاداري للجهة متوازن وجدي ويعكس الواقع وأن لا يعتمد المقياس الجغرافي فقط. وقال المالكي أن الجهة في منظورها الجديد ستسهل أكثر اتخاذ القرارات بشأن الاستثمارات وأيضا القرارات ذات علاقة بالتنمية الاجتماعية والثقافية والتعليم والبنى التحتية، مشيرا إلى أن هذا لا يمكن لن يتحقق إلا عن طريق توفر الجهة على إدارة في مستوى المهام المنوطة بها وتضم كفاءات إدارية وتقنية، التي يجب تحفيزها، كي تساهم في نجاح مهامها وتحقيق حكامة جهوية جيدة وجديدة. وأوضح المالكي أن الجهة لا يمكنها أن تحقق توازنها الاقتصادي، الذي لا شك أنه سيلعب دورا أساسيا في تحريك الاقتصاد الوطني وأيضا اهدافها التنموية، إلا بتوفرها على مخطط استراتيجي وموارد مالية، إذ بدون امكانات مالية، يشير المالكي، لا يمكن للجهة أن تغعل الاقلاع الاقتصادي والتنموي، مؤكدا آنه في هذا الإطار يجب التفكير في آليات جديدة لدعم الجهات التي قد تعاني من ضعف المداخيل تمنعها من تحقق مخططاتها. وخلص عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى أن المغاربة الآن بعد الخطاب الملكي يشعرون بأهمية وحساسية الظرف الحالي. وقال المالكي أن المغرب له طاقة وقدرة للتميز على باقي الدول، وخص بالذكر الشباب المغربي الذي انتضم في مسيرات 20 فبراير بشعارات متقدمة وطريقة سلمية. الامر الذي، يقول المالكي، يؤكد على العكس مما يتم تداوله، أن الشباب المغربي يهتم ببلده وبالشأن السياسي. ومن هذا المنطلق أكد المالكي أن للمواطن المغربي حرية انتقاد عمل الاحزاب السياسية في المغرب، غير أنه شدد في الآن ذاته، على ضرورة أن لا يبقى المواطن المغربي حبيس دور المنتقد، مطالبا إياه بالإلتحاق بالاحزاب السياسية والانخراط في العمل السياسي لأجل التعبير عن رأيه وتغيير الأوضاع. واعتبر المالكي أن تقليص عدد الجهات كمدخل للاصلاح الجهوي كوسيلة لعقلنة تسييرها طرح غير مكتمل، مشيرا إلى ضرورة اعتماد التدرج لايجاد آليات لتنظيم الانتخابات، مؤكدا أن خريطة الجماعات المحلية هي التي يمكن أن تقدم تصورا لما ستكون عليه الجهة.