قدم عبد الواحد الراضي، الكاتب الاول للحزب تقريرا سياسيا أمام أعضاء المجلس الوطني هذا نصه: « لا شك أن المناضلات والمناضلين ، وهم يعقدون مجلسهم الوطني يعرفون أهمية الأحداث التي طبعت الفترة، ما بين المجلس الوطني السابق والحالي ، حيث انعقد المجلس السابق بعد 20 فبراير، أي قبل الخطاب الملكي الذي خلق وضعية سياسية جديدة في البلاد. واليوم لا يمكن أن يجتمع المجلس الوطني دون أن يتدارس هذا الموضوع الأساسي لمستقبل البلاد، ولهذا فإننا سوف نعطي أسبقية لهذا الموضوع علما بأن جدول اعمالنا يتضمن موضوعا يتعلق بمنهجية تحضير المؤتمر التاسع... أخواتي، إخواني: لقد التزم المكتب السياسي بتنفيذ قرارات المجلس الوطني ولا سيما منها ما يخص بيان المجلس الوطني الاخير، و في سياق ذلك سأقدم حصيلة المبادرات التي قام المكتب السياسي بهذا الشأن. فقد اتفق إخوانكم في المكتب السياسي على إجراء اتصالات مع الأحزاب ، مع الكتلة ومع حلفائنا، لكي نهيئ جميعا مشروع وثيقة من أجل المطالبة بالاصلاحات الدستورية ، بناء على القرار وهو الذي اتخذه المجلس الوطني الاخير ، و قد شرعنا في هذه المساعي ابتداء من يوم الاثنين الموالي للمجلس، حيث قمنا بالاتصال بحزب الاستقلال في شخص أمينه العام ، باعتباره كذلك وزيرا أول . وقد اقترح إخوانكم في حزب الاستقلال أن يقوم حزبانا بإعداد هذه الوثيقة، أو يتم تهييئها في اطار الكتلة وليس مع الأغلبية. في هذا الوقت بالذات، جاء الخطاب الملكي ليوم 9 مارس، وبعده لم يصبح هناك من داع للاجتماع حول الموضوع. هناك اليوم معطى جديد فرض علينا جميعا في المكتب السياسي، أن نعمل بأفق مغاير وبوتيرة جديدة . ونعتبر أن كل الاجهزة الحزبية مدعوة للانخراط في هذه الاصلاحات، وللاشتغال عليها. فالمسألة ليست قضية المكتب السياسي بل قضيتنا جميعا (المجلس الوطني).. علينا أن نشتغل على المحتوى الدستوري والاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونشتغل كذلك على الجهوية الموسعة. الآن نعتبر أن المرحلة تقتضي أن نحدد مضمون ومواقف الاتحاد الاشتراكي، ويجب أن نخبركم أننا توصلنا برسالة من طرف رئيس لجنة مراجعة الدستور ، وعلينا أن نقدم مقترحاتنا. واسمحوا لي أن أقدم لاخواني في المجلس الوطني ، في البداية، المقترحات التي جاءت في المذكرة التي رفعناها إلى جلالة الملك، لنضع مقارنة بين هذه المذكرة وخطاب جلالة الملك، لأن هذا سيفيد في النقاش الداخلي بيننا، كما سيمكننا من إغناء مقترحاتنا. عناصر المذكرة: الحاجة الى إصلاح سياسي يمهد الطريق أمام فتح ورش الاصلاح الدستوري مما يقتضي: 1- الاعلان عن خطة وطنية لمحاربة الفساد الانتخابي. 2 - الاعلان عن خطة وطنية لمحاربة الفساد الاقتصادي ومحاربة الرشوة واستغلال النفوذ. 3 - حماية المؤسسات المنتخبة من العبث والمتاجرة، وصنع الأغلبيات وتحسين مردودية الجماعات المحلية وتطوير حكامتها. 4 - إعادة الاعتبار للعمل السياسي من خلال تطوير النظام الحزبي، وتحيين القوانين الانتخابية، وإقامة نظام جهوي متقدم. -المحاور الأساسية للإصلاح الدستوري: نعتبر أن محتوى توصيات هيأة الانصاف والمصالحة مرجعية أساسية للقيام بالاصلاحات المؤسساتية والقانونية والسياسية. ونعتبر ثانيا أن الاصلاحات التي عرفتها الحقول الدينية والامازيغية والنسائية والمؤسساتية، والمبادرات التي قام بها جلالته في هذا الاطار تشكل إطارا مرجعيا لهذا الاصلاح. في اطار هذه التوجهات السياسية، يقترح الاتحاد الاشتراكي أن يشمل الاصلاح الدستوري المحاور التالية: أولا: المبادئ الأساسية للحقوق والواجبات 1 - المبادئ وحقوق الانسان التأكيد على أن تصدير الدستور هو جزء لا يتجزأ من هذا الأخير التنصيص على الأمازيغية كلغة وطنية دعم التأصيل الدستوري لحقوق الانسان التأكيد على سمو المعاهدات والاتفاقات الدولية 2 - تقوية الضمانات الدستورية الواردة في الباب الأول من الدستور التدوين الدستوري لكل الهيئات التي أحدثت بمبادرة من صاحب الجلالة. تحديد آجال ثلاثين يوما لنشر الأمر بتنفيذ القانون الصادر عن جلالة الملك. ثانيا: تقوية دور البرلمان: *إعطاء الأولوية للغرفة الأولى في التشريع والمراقبة *إعادة النظر في تمثيلية وتركيبة أعضاء الغرفة الثانية وسلطاتها وكيفية انتخابها بما يضمن تمثيلية الجهات والمغاربة المقيمين بالخارج *تقليص سنوات ولايتها إلى ست سنوات. ثالثا: تعزيز مهام الحكومة - تفعيل أكبر لدور الوزير الأول وذلك ب: - التنصيص في الدستور على تعيين الوزير الأول من ضمن الشخصيات المنتمية للأحزاب الممثلة في البرلمان على إثر نتائج انتخاب مجلس النواب. - تعيين الوزراء واعفاؤهم من قبل صاحب الجلالة بناء على اقتراح من الوزير الأول. - التنصيص دستوريا على مسؤولية الحكومة في تحديد وإدارة السياسة العامة للبلاد تحت مسؤولية الوزير الأول. - إقرار انعقاد مجلس الحكومة دستوريا برئاسة الوزير الأول كل أسبوع. - التنصيص على تداول الحكومة لاقتراحات التسميات في الوظائف المدنية السامية، لرفعها للمجلس الوزاري للبت فيها. رابعا: القضاء - التنصيص الدستوري على القضاء بوصفه سلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. - إعادة النظر في هيكلة المجلس الأعلى للقضاء واختصاصاته. - التنصيص دستوريا على أن الأحكام تصدر وفق القانون باسم جلالة الملك وعلى إلزاميتها واجبارية تنفيذها. خامسا:اللامركزية والجهوية - التدبير الديمقراطي للجماعات المحلية - تحويل الاختصاصات في تنفيذ قرارات مجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات إلى رؤسائها. - مراجعة التقسيم الجهوي. إذا سمحتم سنذكر بالنقط السبع التي جاءت في الخطاب الملكي لتاسع مارس: أولا: التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة؛(و هذا المطلب يوجد في المذكرة التي رفعناها لجلالة الملك).. ثانيا: ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما دسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب؛ ثالثا: الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه؛ رابعا: توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال: برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، مع توسيع مجال القانون، وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية. حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب؛ تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها؛ تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي؛ دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته؛ خامسا: تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية في نطاق تعددية حقيقية وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني؛ سادسا: تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة؛ سابعا: دسترة هيآت الحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان، وحماية الحريات. إنكم ولا شك، بذكائكم الجماعي ستخلصون الى ما يجب استخلاصه... ويمكنني القول أننا نجد أنفسنا في هذا الخطاب ونعتبره يستجيب لمطالبنا التاريخية ويلبي انتظارات الشعب المغربي لأنه يتضمن إصلاحات دستورية شمولية. خطاب جاء بمشروع مجتمعي متكامل، ويمكن أن يبني مجتمعا ديمقراطيا حداثيا متضامنا، ومجتمع العدالة الاجتماعية. أيها الاخوات أيها الاخوان، إن ما ينتظرنا الآن هو تفعيل مضامين الخطاب الملكي.