"6 أم 7 سنوات".. غموض مصير طلبة الطب يجرّ الميداوي للمساءلة البرلمانية    "حماس" تدعو ل"حراك عالمي" لثلاثة أيام رفضا لمخططات تهجير فلسطينيي غزة    تقرير يُصنف عام 2024 الأكثر دموية للصحافيين في التاريخ الحديث    قتيل و20 مصابا بحادث دهس في ميونخ الألمانية (فيديو)    توقعات فلكية ترجح صعوبة رؤية هلال رمضان 1446 ه    مسؤول سعودي: لن نسمح باستهلاك الكحول في كأس العالم 2034    بنسعيد يبرز بجدة دور جلالة الملك في الدعم الدائم للقضية والشعب الفلسطينيين    بايرن ميونيخ وبنفيكا يقتربان من ثمن نهائي أبطال أوروبا وكلوب بروج يفاجئ أتلانتا    الرجاء يطرح تذاكر مواجهة شباب السوالم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    ميدلت :الطائفة اليهودية تحتفل بهيلولة "ربي إسحاق أبي حصيرة"    "نحيفا" و"متوتراً".. هكذا ظهر عزيز البدراوي في أولى جلسات محاكمته    النقابة الوطنية للتعليم تقرر التصعيد في وجه الوزارة بسبب إغلاق باب الحوار    زهير بهاوي يلغي حفله في بلجيكا لهذا السبب    بوريطة: المغرب لا يسعى للريادة الإفريقية لمصلحته الخاصة، بل يطمح إلى أن تكون الريادة لصالح القارة الإفريقية بأكملها    حكام مغاربة يتسلمون شارات التحكيم الدولية الخاصة بفيفا    زريدة مودعا الرجاء: "النادي سيظل في قلبي إلى الأبد وهو جزء من تاريخي وهويتي ولن أنسى فضله"    نور الدين زاوش يكتب عن التطبيع الجزائري الحلال    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    10 جرحى بانفجار قنبلة يدوية في حانة بمدينة غرونوبل الفرنسية    السجن لمقاول متهم بالنصب على متضررين من "زلزال الحوز" بتارودانت    منظمة "ماتقيش ولدي" تعين الأستاذ مولاي الحسين الراجي للدفاع عن الطفلة الضحية بقلعة السراغنة    منتجو لحوم الدواجن يستبعدون زيادات في الأسعار خلال رمضان    موانئ البحر الأبيض المتوسط تشهد انتعاشًا ملحوظًا مع بداية العام بزيادة كميات الصيد    تقدم باتجاه إنهاء أزمة الهدنة في غزة    إفريقيا تُقصي الجزائر.. سقوط مدوٍّ في الاتحاد الإفريقي: فكيف أصبحت دولة منبوذة دبلوماسيًا؟    جمهورية الريف، السيبة والوطن    النفط يتراجع مع احتمال حل الأزمة الروسية الأوكرانية    الدار البيضاء.. توقف مؤقت لبضع ساعات لحركة السير بين بدالي سيدي معروف وعين الشق ليلة الخميس إلى الجمعة    كيف يستهدف النظام الجزائري بالمال والسلاح السيادة والاستقرار في مالي..؟    اليسار يتهم رئيس جماعة أزيلال ب"إعدام" فريق لكرة القدم    بنيس: حركة المساندة الفلسطينية تقتصر على التعبئة ولا تملك بُعدا ثقافيا    سيرة ذاتية لقالب السكر: فلسفة الهدايا التي لا تذوب    ذكرى رحيل الشّاعر خُوسِّيه إمِيليُو باشِيكُو    تعزيز التعاون الثقافي بين الدار البيضاء وشنغهاي: لقاء مع وفد من متحف الصين للفنون    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    قيوح يفتح تحقيقات في شريط فيديو يوثق تهور سائق حافلة ليلا في طريق وطنية    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الكبرى لصناعة النسيج ب7,5 بالمائة في 2024    الصين: حوالي 2,11 مليون وحدة، اجمالي حجم انتاج سيارات الركاب في يناير    وزارة العدل تطمئن النقابات بخصوص العمل على تنزيل مضامين الاتفاقات    صندوق النقد الدولي يحث الحكومة على ضرورة توسيع قاعدة الضرائب    رمضان 2025 في المغرب .. إمساكية ومواقيت آذان الفجر والمغرب    دماء الشباب تُراق في طنجة: إلى متى يستمر هذا النزيف؟    الشيبي يتألق بعد "مباراة الإيقاف"    يهود المغرب يحتفلون بهيلولة ربي إسحاق أبي حصيرة    الرئيس المصري والعاهل الأردني يبحثان تطورات القضية الفلسطينية    مليلية تسجل حالات إصابة بالحصبة    بعد المغرب.. تفشي الحصبة "بوحمرون" في الولايات المتحدة الأمريكية    الدكتور عميريش مصطفى: التلقيح يعد الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للوقاية من داء الحصبة    سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024 – 2025    "دوزيم" الأكثر مشاهدة خلال 2024 وسهرة رأس السنة تسجل أعلى نسبة    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان.. مع وقف التنفيذ

بدا "إعلان تونس" لدعم وتعزيز التسوية السياسية الشاملة عشية إطلاقه في مؤتمر صحفي مشترك بالعاصمة التونسية، والذي جمع ثلاثة وزراء من مصر وتونس والجزائر، يتيما، أمام ما شهدته العاصمة الليبية طرابلس من تصعيد مصحوب بإطلاق النار على موكب رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، وهو الموكب الذي ضم أيضا رئيس مجلس الدولة عبد الرحمن السويحلي، وقائد الحرس الرئاسي نجمي الناكوع، خلال مرورهم بالقرب من قصور الضيافة، التي تسيطر عليها قوات موالية لحكومة الإنقاذ.
كان الخبر كالصاعقة فور تداوله إبان المؤتمر الصحفي ، الذي سوق على هامشه عبد القادر لمساهل الوزير المكلف بالملف المغاربي والاتحاد الافريقي في الحكومة الجزائرية ، كون بلاده الأقرب إلى الحل الواقعي في الأزمة الليبية.
كتب الخبر بالبند العريض في مواقع إخبارية تحت يافطة «عاجل» والتي لم تستطع أن تخف مقالات مستعجلة تستهدف المجهودات التي قام بها المغرب في هذا الصدد، وهي المجهودات التي لم تكن تسعى إلى تميز أورغبة في قيادة ملف شائك ومعقد، ولا أن تنتقم-كما ذهبت بعض الكتابات المغرضة- لتداعيات ملف يعود إلى عقود طواها الزمن في الانقلاب الفاشل الذي رسمت معالمه الكبرى، منطقة الصخيرات.
إن أهداف المغرب واضحة وصريحة في بعدها الاستراتيجي الدولي، والتي تهدف المملكة من خلالها إلى تحقيق السلم والاستقرار في ليبيا ومنها استقرار منطقة بكاملها، بقناعة أن خط الرباط طرابلس لن يكون إلا خط التنمية والديمقراطية في إطار مصالحة وطنية شاملة تجمع كافة الليبيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية على وحدة وطنهم، سواء كانوا في الداخل أو الخارج.
وفي وضع مضاد لهذا المنحى اصطدم «إعلان تونس» بواقع الملف المعقد في ظل وضع يحتاج إلى توحيد الجهود ودراسة كافة المبادرات قبل إطلاقها، من منطلق أن مفهوم « الجوار» اليوم لا يعني دائرة مغلقة في حدود جغرافية ضيقة، بل إن للأمر أبعاده الإقليمية والجهوية والدولية ، وهي أبعاد تحتاج إلى الخروج من الحسابات المبنية على منطق الأمس في الحروب الباردة.
ولهذا، فعندما دافع المغرب على استقرار ليبيا في بعد دولي كفيل باستصدار قاعدة مسطرية وقانونية أممية في مرور البلد إلى برالأمان ، لم يكن -كما تفسر التحليلات المغرضة- يسعى إلى دعم حكومة محمولة على دبابة للقفز فوق شارع المختار بطرابلس، بل إن المغرب يدعم جهود السلام وتوفير الشروط لممارسة الديمقراطية التي لن تحققها إلا إرادة الليبيين في اختيار من يسير شأنهم العام بمنظومة شكل النظام الذي يختارونه وبدستور كفيل بالتوجه للمستقبل، بناء على الاعتراف بصعوبة الانتقال في ظل غياب الدولة، وهو الفراغ الكفيل بتعقيد المشهد في تصاعد مفتوح على المجهول. لقد وضع عقلاء البلد علامات استفهام كثيرة إزاء حقيقة وجود مبادرة ثلاثية عربية، متسائلين عن شكل هذه المبادرة، وتفاصيلها، و التي لم يتمّ الإعلان عنها، وعمّا إذا كانت ترقى إلى أن تكون مبادرة في الأساس، أم أنها مجرد «مساعٍ عربية» لجمع أطراف الأزمة. وهي الأسئلة المشروعة في ملف تسال يوميا الدماء في مشهده الأليم، وتشرد فيه الأسر وتهجر بالفعل والقوة إلى أزقة البؤس في دول مختلفة بما في البؤس من إهانة تعرض لها أحفاد وحفيدات المختار في ضرب كرامتهم وكرامتهن حد الدفع ببعضهم وبعضهن إلى الانتحار على جسر بدون هوية، كي لا نوضح أكثر.
ولعل المجتمعين في المبادرة الثلاثية اليتيمة يعون جيدا أن تفاصيل مبادرتهم ستظل غير ذات جدوى، في ظل الموقف الدولي الغامض، كالاجتماع الذي عقد على هامش مؤتمر الأمن أخيرًا في ألمانيا بين قادة أوروبا ووزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، مما يؤكد أن الملف الليبي لايزال محل اختلاف دولي كبير، بالتوازي مع عدم وضوح الموقف الأمريكي حتى الآن.
وعودة إلى الأطراف العربية، فمصر التي استقبلت مؤخرا ، وفدًا من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، باتت تدرك أن عليها التواصل مع أطراف أخرى في طرابلس، ناهيك عن الأطراف الموجودة على ترابها والمنظمة في هيئات وتنظيمات تعمل خارج البلاد وداخلها والمرتبطة بدول كبرى لها مصالح أيضًا في ليبيا، كما يبدو أن الجزائر، تتوجه إلى الاقتراب من رئيس حكومة الإنقاذ، خليفة الغويل، في حين تعمل تونس على خط اللواء حفتر، في كونه قام بطرد تنظيم الدولة «داعش» من سرت، و بات يملك قوة عسكرية كبيرة مكنته من السيطرة على «الهلال النفطي»، فضلًا عن سيطرته على شرق البلاد، وانتشاره جزئيًّا في الجنوب.
إلا أن رسم خرائط بهذا المقاس المحدود في رمزية الأشخاص يصطدم بواقع الانقسام على الأرض والانفلات الأمني الكبير ، فكلما برزت مبادرة لدفع تسوية سياسية للأزمة يقابلها تصعيد ميداني يهدد بصراعات جديدة، مما يتجه صوب تدخل أجنبي وشيك، لم يخفه الناكوع الذي أبلغ الحضور في اجتماع أمني عقده السراج إثر نجاة موكبه من حادث إطلاق النار في العاصمة طرابلس، بوعود قادة دول غربية بسرعة التدخل لإجبار قوات رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل على مغادرة طرابلس ، علما بأن الاجتماع المذكور أسفرعن تأجيل المواجهة المسلحة مع كتائب حكومة الإنقاذ إلى حين ظهور نتائج الاتصالات الكثيفة التي تجري مع مجالس مصراته والزاوية وزليتن وغريان العسكرية التي طُلب منها ضرورة سحب مجموعاتها المسلحة التي وصلت إلى طرابلس أخيراً للانضمام إلى جهاز الحرس الوطني الموالي لحكومة الإنقاذ. وهو ما يؤكد خطورة الوضع وتعقيده، وهو الوضع الذي يواجه كافة المبادرات السلمية ، كما يضيق مسافة المصالحة الليبية-الليبية ، ويوجه دعوة مستعجلة للقوات الأجنبية للتدخل . ولهذا نقول إن ما يحدث في ليبيا اليوم، هو نتيجة طبيعية لمسار أعوج اتبعت فيه سياسة الهدم بإرادتين، دولية ساهمت فيها أطراف داخلية بوعي وبدونه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.