بقعة ضوء، تلك هي حكومة السراج بالنسبة لكثير من الليبيين من شتى الأطراف المتصارعة، رغم معارضة برلماني طرابلس و بنغازي و الحكومتين المتنازعتين الثني و الغويل، تتقدم حكومة اتفاق الصخيرات أو حكومة الفرض الدولي من سحب البساط و الحصول على إجماع مناطقي و يجعلها تعمل بشرعية داخلية، تنفي عنها صفة الإملاءات الغربية. الظاهر من تسارع الأخبار أن السراج في طرابلس و هو القريب من زعامات فجر ليبيا و التيارات الموالية لها قد يغضب جماعة الشرق و التي تتمسك بشرعية مجلس الشعب، عقيلة صالح عبر عن قبوله من حيث المبدأ بحكومة السراج، لكنه أثار نقطة مهمة، و هي رفضه لعمل الحكومة تحت سلطة الميلشيات في طرابلس على حد قوله، السراج ربما نجح في الدخول إلى طرابلس، و في إحداث انقسام داخل جبهتها، لكنه فتح باب صراع خفي من حيث من الأولى بحكومته، الميلشيات المستحوذة على طرابلس أم مجلس الشعب و حكومة الثني اللذان كانا في وقت سابق المخاطب الرسمي و المعترف به من طرف المنتظم الدولي. علاوة على الثني و صالح عقيلة، كبف سيتعامل السراج مع القائد العسكري حفتر قائد ما يسمى بالجيش الوطني الليبي؟ و هو كما يبدو شخصية غير متوافق عليها و ترفضه قوى الثورة و جماعات اسلامية و وطنية خاصة في الغرب الليبي.
فرصة السراج لوضع حد للاقتتال و الضغوط الدولية بفرض حالة من الحصار و العقوبات لمن يعارضها و آمال الليبيين بإنهاء القتال الداخلي و الحالة الفوضى و الخطر الداعشي القادم ببطء ربما ساعد أهل طرابلس من الفريقين على إتخاذ سبيل الحكمة و الحوار و التهدئة بدل الصراع المسلح، حالة السكون المؤقت رهينة بما سيقدمه السراج من تنازلات و ضمانات و ما سيقدمه أيضا كل من خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ و نوري بوسهمين رئيس المؤتمر الليبي و من يساندهم من ميلشيا عسكرية، و في حالة تصلب الطرفين و جنوحهم إلى الحل العسكري، فطرابلس ستغدو كما بنغازي مدينة حرب و فوضى، و هو ما لا يرغبه ربما كل الأطراف، فالمدينة العاصمة بساكنتها المليونية في غنى عن حرب أهلية تعصف بما تبقى من دولة ليبيا.