خمس و عشرون سنة سجنا نافذا ، هي العقوبة التي قررتها مؤخرا غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بورزازات في حق راعي أغنام من أجل جناية القتل العمد لفتاة مع سبق الإصرار والترصد . الجاني يبلغ من العمر حوالي 38سنة ويقطن بدوار الرباط بجماعة إغيل نومكون بإقليم تنغير ، كانت تربطه علاقة عاطفية بالضحية نتج عنها حمل ، وقد اختفت عن الأنظار لمدة طويلة حيث ظل مصيرها و مكان تواجدها مجهولين ، إلى أن قادت الأقدار مختلا عقليا ليعثر على بقايا عظام آدمية جرفتها مياه الأمطار، الأمر الذي أدى الى فتح تحقيق في النازلة بتعليمات من النيابة العامة كان من نتائجه اكتشاف أن هذه العظام تعود للفتاة المختفية التي سبق لأفراد أسرتها أن أبلغوا باختفائها محملين المتهم المسؤولية عن ذلك. بعد توصلها لمجموعة من المعطيات، توجهت عناصر الدرك الملكي إلى منزل أفراد أسرة الضحية للاستماع إليهم من جديد فكان أن شاهدوا المتهم يصعد إلى شجرة وعلامات الخوف والارتياب بادية عليه ، وبادرهم بالقول "والله ماشي أنا اللي قتلتها " ، رغم أن التحقيق حينها في بداياته ولم يتم التوصل بعد إلى نتائج الخبرة الجينية مما أدى الى ايقافه . والدة الضحية و بعد عرض الملابس التي عثر عليها رفقة عظام الجثة، أكدت أنها تعود لابنتها ، و في اطار تعميق البحث عملت فرقة التشخيص القضائي للدرك الملكي على أخذ عينات من لعاب بعض أفراد الأسرة من أجل مقارنتها مع الحمض النووي للعظام التي تم العثور عليها من أجل تحديد النسب ، حيث جاءت نتيجة الخبرة الجينية متطابقة مع تحليلات العظام و مع الحمض النووي لأفراد أسرتها ، وأن الوفاة كانت نتيجة تعرض الضحية للعنف نتج عنه كسر لبعض العظام ،كما أفادت الخبرة الجينية أيضا بأن بعض العظام تتعلق بجنين من جنس ذكر وأن المتهم والضحية هما والدا الجنين . خلال الاستماع الى المتهم و بعد محاصرته بسيل من الأسئلة ، اعترف بعلاقته العاطفية وممارسته الجنس مع الضحية، مضيفا أنه بعد ظهور علامات الحمل اقترحت عليه أسرتها الزواج بها غير أنه رفض ، فيما اقترح عليها التوجه إلى إحدى المدن التي كانت تعمل بها سابقا خادمة قصد إجراء عملية الإجهاض فسلمها مبلغا ماليا ورافقها في طريقها إلى وراء الجبل ليعود لرعي أغنامه. أثناء المحاكمة تراجع المتهم عن بعض تصريحاته واعترف أنه مارس معها الجنس عدة مرات برضاها ولما أخبرته أنها حامل أكد لها أن الحمل ليس من صلبه وابتعد عنها ، كما أنكر تصريحات أسرتها بشأن تقدمه لخطبتها قبل ظهور علامات الحمل ونفى أيضا معرفة مصيرها بعد اختفائها ، غير أن شهود عيان أكدوا رؤيتهم له يرافقها في طريق جبلية لمغادرة المنطقة وكانت الهالكة تلبس نفس الملابس التي عثر عليها رفقة العظام . بعد النقاش و الترافع في عدة جلسات اعتبر ممثل النيابة العامة الوقائع ثابتة وأن إنكار المتهم تكذبه الخبرة الجينية ، وأنه هو الوحيد الذي له مصلحة التخلص من الضحية ، ملتمسا إدانة المتهم بالمنسوب إليه مع تشديد العقوبة ، فيما دفاع المتهم اعتبر الملف مفبركا من طرف عائلة الضحية ، وأن تقرير الخبرة لا يفيد قيام المتهم بالمنسوب إليه والركن المادي للجريمة غير ثابت . وعن العنف الذي بينت الخبرة أن العظام تعرضت له رجح الدفاع أن يكون ناتجا عن سقوط الضحية ، ملتمسا عدم الركون إلى القرائن و التصريح ببراءة موكله. وبعد أن كان المتهم آخر متدخل حجز الملف للتداول ثم النطق بالحكم ، حيث قضت المحكمة بإدانة المتهم من أجل المنسوب اليه بخمس وعشرين سنة سجنا نافذا. و في تعليلها لقرارها اعتبرت المحكمة تشبث المتهم بالإنكار التام للأفعال المنسوبة إليه والوقائع الثابتة بشكل قطعي تكذبه تصريحاته التمهيدية وشهادة الشهود والخبرة الجينية ، مما شكل لدى المحكمة القناعة بأن المتهم استدرج الهالكة للجبل المجاور للدوار و هناك قام بإزهاق روحها، ما يجعل جناية القتل العمد وسبق الإصرار والترصد ثابتة في حقه .