لاتزال الفعاليات المهتمة بحماية المواقع الأثرية من الوجهة الثقافية والسياحية، تناقش بقلق كبير قرار الشركة المنجمية "تويست" إنشاء مشروع "منجم ضخم" بقلب المدينة الأثرية، المسماة بين أبناء المنطقة ب "إغرم أوسار" (الدار الكبيرة)، والتي تبعد عن مدينة مريرت بحوالي عشرة كيلومترات، حيث لم تقتنع الشركة المنجمية باستخراج معادن الرصاص والزنك والفضة والذهب، وهي تقرر التوسع على حساب المدينة الأثرية المذكورة، في الوقت الذي مازالت المطالب تنادي بضرورة احترام السكان المحيطين بالمناجم، وحقهم في التنمية والبيئة السليمة والتشغيل المحلي والتعويض عن استغلال الثروات المعدنية والأضرار البيئية والمجالية والمائية الناتجة عن أشغال هذه المناجم. وكانت الشركة المنجمية "تويست"، حسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، قد قامت، خلال السنة الماضية، بدراسة إنشاء منجم داخل منطقة "إغرم اوسار" التي يوجد بها منجم يحمل اسم المنطقة، ولكن خارج أسوار المدينة القديمة الأثرية، وتم تقديم الدراسة لدى أحد الأبناك الأوربية قصد الحصول على قرض لتمويل المشروع، بما فيه إنجاز بئر منجمي بمعايير عالمية انطلاقا من احترام سرعة ووتيرة الإنتاج وتحسين ظروف العمل داخل الأنفاق الباطنية، ليتم قبول طلب الشركة، في أواخر السنة الماضية 2016، من طرف البنك الأوروبي، غير أن إدارة الإنتاج عمدت إلى استبدال الموقع، عبر الدخول في التفاوض مع بعض ملاكي الأراضي داخل أسوار المدينة الأثرية وليس خارجها كما هو معلوم بالدراسة المنجزة وبأوساط الساكنة. ولم يمر تصرف الشركة المنجمية في ظروف طبيعية، إثر ما أثاره مخططها من مفاجأة غاضبة لدى مختلف الأوساط المحلية، على صعيد جماعة الحمام القروية، بينما لم يعثر أي أحد على جواب شاف حول ما إذا كان البنك الأوروبي المانح للقرض على علم بتحويل المشروع لوسط تراث مادي إنساني أم لا؟، في حين لم تتخلف مكونات المجتمع المدني عن مراسلة السلطات المحلية، في شخص قائد المنطقة، ومديرية التراث الوطني، للتشديد على ضرورة التدخل من أجل إفشال محاولة الشركة المنجمية التطاول على المدينة الأثرية، لما في ذلك من انتهاك للقوانين التي تنص على حماية المناطق والمباني والمواقع الأثرية. ومن باب إبراز القيمة التاريخية للمدينة الأثرية "إغرم أوسار"، أكد الباحث الجمعوي، الحسين أكطا، ل "الاتحاد الاشتراكي"، أن "جمعية أبغور للتنمية القروية" بالمنطقة، قد سبق لها عام 2003، أن وقعت اتفاقية شراكة مع "المعهد الايطالي للدراسات القديمة" و"المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث" و"جامعة المولى إسماعيل" إلى جانب "جماعة الحمام" و"شركة تويسيت"، لأجل تثمين أسوار المدينة الأثرية، وتصنيفها ضمن التراث الوطني، مع إجراء تنقيبات داخلها على يد اركولوجيين ايطاليين، بتنسيق مع باحثين مغاربة، ومن خلال النتائج الأولية للحفريات تبين أن تاريخ المدينة الأثرية يعود إلى العصور الوسطى، ما يتطابق والمصادر التاريخية في هذا الشأن، حيث تم الاتفاق على ترميم ما تبقى من أسوار والمساهمة في إحداث متحف محلي. ومن خلال بعض التصريحات، لم تعارض غالبية أهالي المنطقة فكرة المشروع، إلا أنها أجمعت على ضرورة مراعاة الحفاظ على البيئة والتراث، إذ أن الشركة المنجمية "تويست" لم تقدم للمنطقة، منذ 1997، أي شيء نظير استغلالها المربح سوى تدمير الآبار والمواقع المستغلة على حساب انتظارات السكان، ومن ذلك حقهم في الماء الصالح للشرب الذي حرموا منه، منذ عام 1980، جراء الاستغلال المنجمي المفرط، وحتى ما يوزع عليهم من هذه المادة الحيوية لتوريد ماشيتهم يكون "ملوثا"، ولا تزال المنطقة تعيش على وقع ساخن بسبب امتداد أطماع الشركة المنجمية إلى مدينة أثرية تعتبر من أهم المدن العريقة والمآثر التاريخية على مستوى "فزاز" أو الأطلس المتوسط.