من المرتقب أن يقدم المغرب في بداية ماي المقبل تقريره الوطني حول الاستعراض الدوري الشامل . فقد تم برمجة بلادنا، كي تقدم هذه الوثيقة خلال الدورة السابعة والعشرين لهذه الآلية التي أبدعتها الأممالمتحدة سنة 2008 ووضعتها تحت وصاية المفوضية السامية و مجلس حقوق الانسان بجنيف . فقد سبق للمغرب أن قدم في أول دورة تقريره طبقا للمساطر والمبادئ التوجيهية المعمول بها . وفي سنة 2012 قدم تقريره الثاني . وهاهي المندوبية الوزارية لحقوق الانسان، قد شرعت منذ مدة في إجراء المشاورات مع المؤسسات الدستورية المعنية ومنظمات المجتمع المدني، وهو شرط ضروري لإعداد التقرير الوطني. ومعلوم أن المندوبية ومنذ تأسيسها في مارس 2011 أنيطت بها مهمة إعداد التقارير الدورية لتقديمها أمام الآليات التعاقدية . وهنا، لابد أن نسجل أنها تداركت التأخير، الذي كان السمة البارزة في علاقة المغرب مع اللجان المعنية والمنبثقة عن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. إن تقرير الاستعراض الدوري الشامل الذي يقدمه المغرب، هو جزء من الوثائق التي ستعرض للمناقشات، ويجب أن لا يتعدى 20 صفحة . فالمفوضية السامية لحقوق الإنسان بدورها ستقدم تقريرها عن واقع حقوق الإنسان ببلادنا في عشر صفحات، وهو عبارة عن معلومات مستقاة من تقارير هيئات المعاهدات ومن منظمات الأممالمتحدة ، كما أن هناك تقريرا ثالثا تعده نفس المندوبية، ويتضمن موجزا للمعلومات الواردة في تقاريرالمنظمات الحقوقية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ولا يتجاوز عشر صفحات. إذن، فإن التقرير الوطني، لا يجب أن يتضمن التفاصيل التي قد تفقده توازنه الموضوعاتي. فهو ليس بتقرير دوري أمام اللجان العشر، التي يطلق عليها الآليات التعاقدية، بل يجب أن يغطي من جهة الأربع سنوات الأخيرة، وثانيا أن يجيب عن أسئلة مدى إعمال التوصيات الصادرة عن التقرير الأخير المقدم في 2012 وعددها 128 بالرغم من أن الرباط قدمت قبل سنتين تقريرها المرحلي الذي استعرض مدى الجهود التي بذلت في هذا الصدد. لكن، إذا كان المطلوب هو رسم صورة لواقع حقوق الإنسان بالمغرب، من خلال الاستعراض الدوري الشامل، فإن هناك مطلب الإشراك الواسع من خلال عملية التشاور للمنظمات الحقوقية والمهنية والمؤسسات الوطنية، والتي دأبت على إصدار تقاريرعامة وموضوعاتية وأيضا مواكبتها لمدى تنفيذ التوصيات ، لأن هذا الإشراك له دوران بارزان. من جهة هو تقديم معطيات ذات مصداقية في التقرير الوطني، ومن جهة ثانية، يعد عملية بيداغوجية، تساهم في النهوض بثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها . وهنا، لابد من التنويه بالمجهودات التي مافتئت تبذلها المندوبية الوزارية من خلال أنشطتها وإصداراتها وشراكاتها . إن المغرب الذي صادق على النواة الصلبة للاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، عليه أن يبلور مضامين هذه الاتفاقيات على أرض الواقع، حتى لا تكون هناك هوة بين ترسانة نصوص تتعلق بالحقوق، وواقع تنتهك فيه هذه الحقوق. وما مناسبة الاستعراض الدوري الشامل إلا اختبار لمعرفة حقيقة هذا الواقع.