شرعت المحكمة الابتدائية بخنيفرة بدورها في عملية التوثيق التي ترتكز أساسا على ما هو قانوني، مثل تبسيط الإجراءات أمام المعنيين بالأمر مع سرعة البت في دعاوى توثيق الزواج، حيث انطلقت هذه المحكمة من قرية أجلموس، وسطرت برنامجا في هذا الشأن، يمتد من 15 مارس إلى 19 ابريل المقبل، ستنتقل من خلاله في جلسات تنقلية إلى العديد من مناطق الإقليم التي تنتشر فيها ظاهرة الزواج بدون عقود، وهي آيت إسحاق، كروشن، مريرت (الحمام)، القباب، مولاي بوعزة، ذلك تفعيلا لما أعلن عنه جلالة الملك بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، يوم الجمعة ثامن أكتوبر الماضي، حين دعا جلالته إلى جعل القضاء في خدمة المواطن. وكيل جلالة الملك لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة، رئيس المحكمة الابتدائية، وقضاة ومسؤولون بالنيابة العامة وكتابة الضبط، نزلوا بخيمتين كبيرتين بأجلموس، في تزامن مع اليوم العالمي للمرأة، وهم محملين ب»محكمة متنقلة»، وبينما أفادت مراسلة من السلطات الإقليمية مثلا أن عدد الحالات التي تطالب بالمساعدة القضائية على مستوى المنطقة فيما يخص ثبوت الزوجية هي 24 بأجلموس و13 بكهف النسور، فوجئ رجال القضاء بأنفسهم أمام 82 زيجة بمنطقة واحدة، حيث تمكنوا من تسويتها في يوم واحد وتسليم أصحابها الأحكام بإثبات زواجهم بصورة خلفت ارتياحا واستحسانا كبيرين. ويذكر أن الجلسات التنقلية /الميدانية التي تقوم بها ابتدائية خنيفرة، تأتي بناء على إعلان وزير العدل عن الحملة التحسيسية حول تطبيق المادة 16 من مدونة الأسرة التي قام المشرع المغربي بتعديلها عبر تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعاوى الزوجية، بعد موافقة جلالة الملك على هذا التعديل، ذلك من أجل منح الأسر التي لم توثق زواجها فرصة لتسوية وضعيتها قي سبيل حماية الكيان الأسري والحفاظ على حقوق الزوجين والأطفال، وفي هذا الاطار أعطى وزير العدل أوامره للمحاكم والمسؤولين القضائيين بتعميم هذه الحملة على مختلف مناطق البلاد، واتخاذ كل التدابير من الآن والى حدود الأسبوع الأول من فبراير 2014، مع إشراك الجمعيات والهيئات والمراكز المعنية في حملات التوعية والتحسيس، وهي خطوة جبارة برأي المراقبين نظرا للعدد المرتفع للملفات المرتبطة بثبوت الزوجية، علما أن وثيقة الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج كما هو منصوص عليه ضمن المدونة. ولا جدال في أن مناطق الأطلس المتوسط تعد من المناطق التي تكثر فيها هذه الظاهرة بقوة، جنبا إلى جنب مع ظاهرة زواج القاصرات والزواج العرفي أو ما يسمى ب»زواج الفاتحة»، والمؤكد أن المشاهد المغربي صدم أمام تلك الشهادات التي كان قد بثتها القناة الأولى في «برنامج 45 دقيقة» حول فتيات من قرية أنفكو تم تزويجهن ب»الفاتحة»، وعمرهن لا يتعدى أحيانا سبع سنوات، ومن دون شك أن العارفين يدركون ما ينتج عن مثل هذه الظواهر من مشاكل معقدة لا تقل عن التبعات القانونية والاجتماعية، وعن مآت الأطفال الذين هم غير مسجلين في الحالة المدنية بسبب غياب ثبوت الزوجية لآبائهم، بالإضافة إلى عدم ضمان النسب والإرث للأبناء والأمور الأخرى المتعلقة بالنفقة والحضانة. وبإقليم ميدلت، انطلقت جلسات تنقلية لسماع دعاوى ثبوت الزوجية من أنفكو، حيث تم نصب خيمة ك»محكمة متنقلة» للبت في دعاوى توثيق الزواج التي مكنت العشرات من الأزواج المنحدرين من أنفكو وقبائل محيطة بها، مثل أنمزي وأكديم وترغيست وغيرها، من إثبات زواجهم، وقد بلغ عددهم حوالي 60 شخصا، في أفق نقل الجلسات إلى جماعات أخرى، منها بومية وإيتزر وميدلت، وهي المبادرة التي خلفت بإقليم ميدلت أيضا استحسانا وارتياحا واسعا.