اختارت وزارة العدل بتنسيق مع وزارة الداخلية مدينة تارودانت لإطلاق حملة تحسيسية وطنية لثبوت الزوجية تفعيلا للمادة 16 من مدونة الأسرة، وذلك من أجل تمكين آلاف الأزواج الذين حالت أسباب قاهرة دون توثيق عقود زواجهم خلال المرحلة الانتقالية التي حددها نص المدونة في السابق في خمس سنوات، من تسوية وضعيتهم القانونية عبر تسجيل عقود زواجهم وتقييد أبنائهم في سجلات الحالة المدنية. وأول جلسة لهذه الحملة أعطيت وسط خيمة بسوق أسبوعي لجماعية آيت إعزة الواقعة بتراب إقليمتارودانت، تميزت بحضور وزير العدل محمد الطيب الشرقاوي وعامل إقليمتارودانت فؤاد المحمدي، ورئيس محكمة الاستئناف بأكادير ورئيس المحكمة الابتدائية بتارودانت ورئيس المجلس العلمي المحلي ومنتخبي المنطقة، كما تميزت هذه الجلسة التي تخص قضيتين لرفع دعوى قضائية لثبوت العلاقة الزوجية، باستعمال الفريق القضائي اللغة الأمازيغية في التواصل مع المواطنين المعنيين بالدعوى على اعتبار أنها اللغة التي تتحدث بها ساكنة المنطقة. وقال وزير العدل في كلمة ألقاها خلال إعطائه انطلاقة هذه الحملة صباح أمس الاثنين بمقر عمالة تارودانت «والتي تعد بداية للمرحلة الانتقالية الجديدة التي حددها التعديل الأخير الذي طال المادة 16 من مدونة الأسرة في خمس سنوات أخرى لتوثيق العلاقة الزوجية: «إن المشرع المغربي قد أوجب منذ تقنينه مسائل الأحوال الشخصية سنة 1957 وعبر جميع المحطات التشريعية توثيق عقد الزواج ، حيث أكد صراحة بأن وثيقة عقد الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات العلاقة الزوجية «، مبرزا «أن هذا الأمر يعكس الإرادة التشريعية الواضحة في إنهاء الكيفية التي كان يتم بها الزواج بالاكتفاء بقراءة الفاتحة وحضور الجماعة والتي كانت تترتب عنها أوضاع قانونية واجتماعية غير سليمةّ». وذكر المسؤول الحكومي بمضمون التعديل الذي طال المادة 16 من مدونة الأسرة والذي بموجبه تم تمديد المرحلة الانتقالية لخمس سنوات أخرى لسماع دعوى ثبوت الزوجية، وذلك اعتبارا لأنه رغم المجهودات التي واكبت الفترة الانتقالية الأولى لسماع دعوى الزوجية، فقد تبين من خلال نتائج الحملة الوطنية لتعميم سجلات الحالة المدنية وكذا الطلبات التي وردت على المحاكم بعد انقضاء تلك الفترة أنه لازالت هناك وضعيات لم تعرف طريقها للتسوية، ولذلك أجاز المشرع عبر تلك المادة المعدلة إمكانية التدارك اللاحق لعدم توثيق الزواج عن طريق إقامة دعوى لثبوت الزوجية. وأكد الوزير أن الحملة تشكل خطا فاصلا مع المرحلة السابقة التي تعرف بعدم توثيق الزواج، وهي تأتي انطلاقا من قناعة راسخة بتطويق الظاهرة قبل انقضاء الفترة الانتقالية الجديدة في الخامس من فبراير 2014 وذلك انسجاما مع ما يشهده المغرب من تحول حداثي يستلزم إرساء بنيات اجتماعية مستقرة ومتماسكة، وشدد على أن هذا الرهان يقتضي تظافر جهود الجميع وتهييء الظروف للقيام بذلك. وأضاف أن هذه الحملة تستقي خصوصيتها انطلاقا من عقد جلسات تنقلية بمراكز القضاة المقيمين بما في ذلك إمكانية عقد جلسات خارج فضاءات المحاكم أي في الأسواق لتقريب القضاء من المتقاضين، جلسات ترتكز على الشق القضائي المتمثل في تبسيط الإجراءات وتيسيرها وتسريع وثيرة البت فيها، وشق إعلامي يرتبط بالانخراط الفعلي لكافة وسائل التحسيس من أجل تأمين التفاعل الإيجابي مع مبادرة إطلاق هذه الحملة. ومن جانبه أكد عامل إقليمتارودانت فؤاد المحمدي في تدخل ألقاه بالمناسبة أن تسوية حالات تبوث الزوجية مكن من معالجة أكثر من 5000 حالة على مستوى تعميم دفتر الحالة المدنية، مبرزا أن المنطقة تعرف انتشارا لظاهرة الزواج بقراءة الفاتحة وحضور اللفيف ما كان لها انعكاس على أوضاع الأسرة خاصة الأطفال وبالأخص على مستوى التمدرس، ووضعيتهم الإدارية، والحصول على بطاقة التعريف وجواز السفر، قائلا «إن الحملة ستساهم في الوصول إلى مختلف المناطق القروية بالإقليم المعروف بوعورة تضاريسه والعمل على معالجة حالات الزواج التي لم توثق».