المشهد الأول: فتاة شابة تتعرض، نهاية الأسبوع المنصرم، لاغتصاب جماعي بالمدار الغابوي المتواجد داخل الحزام الأخضر بالصويرة، والذي تمت تهيئته كمنتزه ومدار لهواة رياضتي المشي والجري. الفتاة كانت ضحية اغتصاب وحشي كانت له أضرار نفسية جد قوية، كما تعرض مرافقها لاعتداء جسدي من طرف المغتصبين. المشهد الثاني: بحر الأسبوع الفائت، وبتجزئة البحيرة، تعرضت فتاة يافعة لاعتداء جسدي وحشي من طرف شاب اعترض طريقها وأشبعها ضربا ورفسا على مرأى ومسمع من الجميع، اعتداء ارتكبه الشاب عن سبق إصرار وترصد حيث كان يرفض كل توسلات المواطنين للكف عن سلوكه متماديا ومصعدا من عدوانيته بالموازاة مع ذلك. الموقف انتهى بتدخل بعض الشبان من سكان الحي، قاموا بالتحكم في المعتدي وإذاقته من نفس كأس عدوانيته لتسقط الفتاة إثر ذلك مغشيا عليها ومنهارة نفسيا وجسديا. المشهد الثالث: أمام الباب الرئيسي لثانوية النورس التأهيلية بحي السقالة، وخلال أوقات الخروج الرسمية، وخصوصا الثانية عشرة زوالا والسادسة مساء، يصطف صف طويل من السيارات والدراجات لمتحرشين ألفوا التربص بتلميذات المؤسسة ومحاولة التغرير بهن وجرهن إلى علاقات مشبوهة خارج أسوار المؤسسة التعليمية. هذه الصورة المسيئة تتكرر يوميا، كما لا تسلم الشابات وحتى النساء المتزوجات من ساكنة الحي، من تحرشات جيوش المتربصين الذين يمارسون هوايتهم المنحرفة بكل حرية وبدون قيود على مرأى ومسمع من الجميع. المشهد الرابع: ليلة السبت 07 يناير2017، نشب خلاف بين شباب بحي السقالة تحول إلى شجار عنيف رافقه هرج ومرج زرع الرعب في سكان الحي وحرمهم النوم إلى ساعات متأخرة من الليل. إلى ماذا آلت الأمور؟ لله أعلم. الحال أنهم أطلقوا العنان لقاموس البذاءة والعنف واستعملوا في شجارهم ما ملكت أياديهم من أسلحة على مرأى ومسمع من الجميع. هذه بضعة مشاهد تعد تمظهرا لإشكالات أمنية تتهدد سلامة سكان مدينة الصويرة. واقعة اغتصاب الفتاة داخل المجال الحضري، ضمن مسار غابوي تمت تهيئته وفتحه أمام العموم قصد التنزه وممارسة رياضتي المشي والجري، تطرح سؤال الأمن داخل هذه المنطقة التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن مقر إدارة الأمن الإقليمي. سؤال طرحته الجريدة قبل سنوات ونعيد طرحه الآن. كيف يتم فتح هذا المدار الغابوي أمام العموم في ظل غياب تام لأية تدابير أمنية؟ لماذا لم تتخذ المصالح المختصة أية تدابير من أجل تأمين هذه المنطقة على الأقل خلال فترة نهاية الأسبوع التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف هواة رياضتي المشي والجري، النساء تحديدا، ؟ الم يكن من الممكن اللجوء إلى عملية إعادة انتشار لفرقة الخيالة وتجنيدها لتأمين المنطقة، خصوصا مع انتهاء موسم الاصطياف وتدني الإقبال على الشاطئ؟ هل يجب انتظار هذا النوع من الحوادث المأساوية قصد الانتباه إلى خطورة الموقف؟ اللافت في الأمر، أن الجناة، والى حدود كتابة هذه السطور، مازالوا أحرارا طلقاء. بمعنى أن نساء أخريات مازلن مهددات بالاغتصاب وهتك الأعراض سواء بهذه المنطقة أو غيرها. يحدث هذا على مسافة بضعة مئات من الأمتار عن مقر الإدارة الإقليمية للأمن الوطني، فكيف هي الوضعية الأمنية في اتجاه الصويرةالجديدة؟ في عمق الغزوة؟ وفي اتجاه واسن؟ داخل منتزه أركان المهيأ على مقربة من الصويرةالجديدة وغير المحروس كذلك؟ «ما حدث نهاية الأسبوع الجاري يؤكد بالملموس قصورا واضحا لا ينبغي أن يستمر، يقول جمعويون، فإما أن يتم تأمين هذا النوع من الفضاءات، أو يتم إغلاقها نهائيا أمام العموم، وهو ما يعني بالضرورة عدم نجاعة الإستراتيجية المتبعة بالمدينة لأسباب تتراوح بين قلة الإمكانيات البشرية وبين ضعف المردودية. إلا أن الإجراء الآني الذي يجدر بالمصالح المختصة تحمل مسؤوليتها في تفعيله هو إخبار المواطنين والمواطنات بضرورة تفادي ارتياد المدار الغابوي المتواجد داخل الحزام الأخضر بسبب غياب أية تدابير أمنية تضمن سلامتهم. إذ لم يعد مسموحا المقامرة بأمن ساكنة المدينة وتركها عرضة لمخاطر تتعزز احتمالات وقوعها مع انتفاء آليات الوقاية والردع». ثانوية النورس التأهيلية باتت مقصدا لجراد المتحرشين يصطفون بالعشرات وبجرأة غريبة ومستفزة أمام الباب الرئيسي للمؤسسة في غياب أية إجراءات رادعة. هذا المشهد يستمر منذ بداية الموسم الدراسي الحالي بدون أي تدخل من الجهات المنوط بها تأمين محيط المؤسسات التعليمية. حتى النساء من ساكنة حي السقالة المجاور للمؤسسة لا يسلمن من تحرشات المنحرفين الذين يرابطون أمام المؤسسة وفي محيطها خلال أوقات الذروة، علما بأن عملية رصدهم وتحييدهم وردعهم لا تتطلب مجهودا كبيرا ولا إمكانيات أكبر. يحق للتلميذات وأوليائهم وأطرهم التربوية أن يخافوا كل الخوف من تمظهرات وتداعيات هذه الانحرافات التي تكتنف كل المخاطر بدءا بالتغرير بالقاصرات واستدراجهن، بل وحتى اختطافهن واحتجازهن واغتصابهن، فترويج المخدرات في أوساط التلاميذ، فإشاعة سلوكات وثقافة عنيفة ومنحرفة في أوساط اليافعين تتطور إلى فشل دراسي وجنوح مبكر. وضع يدفع إلى التساؤل عن الإجراءات الوقائية التي تفرض نفسها في هذا الإطار؟ وعن دور المصالح الأمنية بالمدينة على مستوى رصد هذا النوع من المظاهر والتفاعل معها بفعالية وآنية وتلقائية بدون انتظار شكاية أو إشارة من أية جهة كانت؟ وكذا عن دور فرقة الدراجين أو الصقور التي باتت تزاحم شرطة المرور في اختصاصها بدل التركيز على مكافحة الجريمة ورصد واجتثاث مظاهرها بمختلف أحياء المدينة؟ كم من الوقت كان يلزم الشاب العدواني للإجهاز على الفتاة التي اعترض سبيلها وانهال عليها ضربا ورفسا بتجزئة البحيرة؟ كم من الوقت كان يلزم شباب الحي للإجهاز على الشاب المعتدي في إطار رد فعل أعنف غايته حماية الضحية والقصاص من معترض سبيلها؟ كم من الوقت كان يلزم الشباب المتشاجر بحي السقالة لكي يجهزوا على بعضهم البعض وهو يشيعون الرعب والصخب والفوضى في نفوس ساكنة حي بأكمله إلى درجة حرمانهم النوم؟ هل كانت تملك الضحايا مزيدا من الوقت في انتظار تدخل السلطات الأمنية الذي لم يأت؟ هذا غيض من فيض يسائل «الإستراتيجية الأمنية» بمدينة الصويرة في ظل استمرار إشكالات تعبر عن نفسها بمجموعة من النقط بشكل متكرر، جارح ومستفز في غياب أي رد فعل ناجع ورادع.