روناك عزيز من كردستان العراق ،خريجة كلية الفنون الجميلة ،بغداد سنة 2000.أقامت عشرات المعارض التشكيلية في العراق، وعملت في ناشطة في العديد من المنظمات والجمعيات الإنسانية في بغداد ، هاجرت إلى السويد عام 2010 ، حول تجربتها التشكيلية والشعرية كان لنا معها هذا الحوار: الطفولة والرسم منذ طفولتي وأنا أرسم هكذا وجدت نفسي، لا أعرف كيف ومتى ،لكن عندما وعيتٌ كانت رسوماتي بالفحم على جدران بيتنا القديم، أتذكرها الآن كانت أشبه برسومات الكهوف منذ العصور الغابرة، وكأنني الأنثى التي رسمت قبل الآلاف من الأعوام تلك الوعول البرية والغزلان. كنت أهرب الى عوالمي بعيداً عن الصخب والضجيج في بيت مليء بالأطفال حتى أنهم ينسونك من انشغالهم ،فأغرق في تأملاتي وأنا طفلة، أغرق في صمتي وأصابعي التي ترسم قدري ،قدري هذا الذي يبتسم لي الآن. أنا العنقاء هذا الطائر الذي يرافقني دائماً ،إنه مني وأنا منه،يعيش اغترابي وعشقي ،حزني وفرحي إنه قلبي الذي يحلق منذ دهر ولا يتعب. بنفسج الروح يعانقني لون أول عشق ،لون النهر الذي اغترفت منه العشق ،اللون الذي كلما ودعته وخاصمته أعود إليه، إنه أخضر َ روحي. التشكيل والشعر لستٌ شاعرة ولا رسامة، محنة الرسم و ولادة لوحة من مخاض واقع أليم كانت تعيشه روناك الطفلة التي أنجبت المئات من الأعمال الفنية كي تفتح طريقاً لينبوع الألم من أعماقها ،لتجعل ذلك البوح يشبه النهر المنساب الى عوالم المحبة والحياة والجمال. كنت أنا القصيدة التي تمشي في الشوارع وتنظر من النوافذ وترقص فرحاً أو حزناً، القصيدة التي تكتبها النساء، النساء اللواتي يغزلن عذابات الروح ويضعونها مساءا على مائدة العشاء ،كنت أنا أمي، أمي التي تشبه كل نساء الأرض حمامة سلام في قفص حياة بائسة، لم أكن بحاجةٍ إلى أن أكتب القصيدة، الحياة كتبتني قصيدة حب لا تنتهي، أنا العاشقة الغجرية الوجوه في لوحاتي الكثير من الوجوه تحوم في سمائي ، وجوه الناس الذين قابلتهم ربما قبل سنوات، وجوه أصدقاء الطفولة،وجوه نساء عاشقات ،نساء حزينات، وجهي أنا، وجوه كل الذين أحبهم تأتي هذه الوجوه طيفا وتحط على شباك لوحتي ولا تغادرني. عناقيد الوهم كنت منذ سنوات أكتب يومياتي وتفاصيل كثيرة لأنني كنت أعرف سيأتي يوم كي أجعله كتاباً ك سيرة ذاتية بأسلوبي الأدبي ،لم أطبعه بعد لكني سميته (عناقيد الوهم) سيرى النور في مطلع العام القادم. أنا وأسلوبي الخاص التجريد هو عالمي ،التعبيرية التجريدية الأقرب الى روحي،ثم إنني لا أريد أن أؤطر نفسي في أسلوب معين، أرسم باختلاف الفصول باختلاف موسيقى روحي ،باختلاف الأشياء وتشابهها، أرسم التناقضات. كنت أستخدم الكولاج لسنوات طويلة، والآن أرسم بأصابعي لأنها أكثر حقيقة عندما تتحدث عن العشق. مشاريعي المستقبلية هناك في الأفق معارض رسم وعدت أن أنظمها هنا في السويد، ومن أهم النشاطات أيضا، مشاركتي في أول ملتقى فني للرسم في النمسا والذي أتصور سيكون مهما ً جداً لي. كلمة أخيرة الرسم محنة هكذا أقول، لأنني أعيش كل يوم مخاض ولادة لوحة جديدة ،الرسم هو الأرق الذي يقضم نومي وراحتي، الرسم هو صوتي وصمتي، وكل شيء أحبه المحنة الجميلة، المحنة التي أطويها من عقود طويلة في جنبات قلبي وأحلق.