قيس سعيد يزيد عزلة نظامه.. تونس وموقعها من قضية الصحراء؟    عمدة فاس يكشف عن خطط لإطلاق شبكة حافلات حديثة ذات مستوى عالٍ من الخدمات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    النظام الجزائري يرفض تسلم أبواقه من فرنسا.. دولة ترمي مواطنيها خارج حدودها    ترامب يكشف عن رغبة بوتين في لقائه قريباً    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    اتحاد طنجة يعلن رحيل حارسه بنعاشور    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق الهائلة في لوس أنجلس إلى عشرة قتلى    كيوسك الأربعاء | المتصرفون المغاربة يطالبون بإصلاح نظام الوظيفة العمومية    المدير العام لهسبريس في مجلس إدارة "جائزة الإعلام العربي"    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    ولد الرشيد يؤكد على أهمية البعد البرلماني في مواكبة دينامية العلاقات المغربية – الفرنسية    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    سكان حي المطار بالجديدة يطالبون بإحداث مؤسسات تعليمية لسد الخصاص التعليمي    آباء و أمهات تلامذة مدرسة ابن حمديس بآزمور تطالب بإعادة الاعتبار للواجهة الرئيسية لدخول التلاميذ    طقس الجمعة: أجواء باردة مع صقيع بعدد من المناطق    عملية أمنية محكمة: توقيف مشتبه به متورط في سرقة أربعة محلات تجارية بطنجة    الجزائر تعيد إلى فرنسا "المؤثر بوعلام"    عطية الله يُجري عملية جراحية ناجحة    "مكتب السياحة" يروج لوجهة الداخلة    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    100 فاعل سياحي من إسبانيا والبرتغال يزورون مدينة الداخلة    توقيف شخص بأولاد تايمة يشتبه تورطه في قضية تتعلق بإعداد وترويج "الماحيا"    أعضاء بمجلس الشيوخ الفرنسي يعربون عن "إعجابهم" بالتطور الذي تشهده الأقاليم الجنوبية للمملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ب3 أهداف دون رد .. الريال يتأهل لمواجهة برشلونة في السوبر الإسباني    الجموع العامة للجامعة المغربية لكرة القدم والعصب الوطنية في 13 مارس المقبل    جنازة رسمية للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بواشنطن    الحكومة تكشف عن حصيلة عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية    عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية مكنت من التصريح بأزيد من 127 مليار    الانتاج المرتقب للحوامض بحوض ملوية يفوق 192 ألف طن    المغرب استعاد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا (بايتاس)    الموسيقار محمد بن عبد السلام في ذمة الله    مجلس الحكومة يجدد الثقة في جمال حنفي على رأس الوكالة الحضرية للحسيمة    عون: اليوم تبدأ لبنان "مرحلة جديدة"    في كتاب صدر حديثا بعنوان:« القصة السرية لجزائري أصبح عميلا» .. صديق الرئيس تبون يحكي عن ترتيب لقاء المخابرات الجزائرية مع الموساد!(1)    كواليس قرار ال UMT بشأن "الإضراب"    البرلمان يستمع لتقرير "الحسابات"    تسجيل 41 حالة إصابة بداء بوحمرون بعدد من المؤسسات السجنية    وفاة الفنان محمد بن عبد السلام    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان    أخذنا على حين ′′غزة′′!    وادي "السلسيون": كوميديا الفشل في زمن النيوليبرالية    "بوحمرون" يغزو أسوار السجون ويفتك بالنزلاء    وفاة الموسيقار محمد بنعبد السلام    مندوبية: رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء الحصبة بعدد من المؤسسات السجنية    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرهانات المستقبلية للمدرسة المغربية ... المدرسة المغربية و سؤال الإصلاح

لمواجهة اختلالات التعليم بالمغرب؛ قدم المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي رؤيته الإصلاحية خلال الفترة الممتدة ما بين: 2015م و 2030م تحت شعار: «من أجل مدرسة الإنصاف و الجودة و الارتقاء» و تتمثل هذه الرؤية في بلورة عدة رافعات إستراتيجية للتجديد من قبيل: مدرسة الإنصاف و تكافؤ الفرص و مدرسة الجودة للجميع و مدرسة الارتقاء الفردي و المجتمعي..
و لقد جاءت هذه الرؤية من أجل الحد من التفاوت الحاصل في الاستفادة من خدمات التربية و استدراك النقص الحاصل في تعلمات بعض المتمدرسين خاصة بالعالم القروي، لكون التعثر الدراسي يساهم في الهدر المدرسي، مما يؤدي إلى غياب تكافؤ فرص الترقي المعرفي لدى أبناء الوطن:(الأوساط المهمشة يعاني أبناؤها من النقص في التعلمات عكس أبناء الطبقات المحظوظة..!)
و هناك رؤية أخرى تنحو منحى الرؤية الإصلاحية للمجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي، تتمثل في الإطار الموضوعاتي لرؤية 2030م، المتمثل في الحوار الاستراتيجي حول مستقبل التربية و التكوين بالمغرب، الذي بادرت جمعية «أماكن» إلى إطلاقه منذ 2009م، و الذي يحدد وظائف المنظومة التربوية أساسا في شقين:أولاهما إعداد الفرد للقيام بأدواره المجتمعية، و ثانيهما تكوين الكفاءات الضرورية التي يتطلبها إرساء و استدامة اقتصاد وطني صلب و تنافسي، مع تقليص أسباب الإقصاء التي تهدد مستقبل الكثير من الشباب.
و هنا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح و باستمرار:
كيف يمكن تحويل المدرسة إلى مؤسسة تساهم مباشرة في تنمية محيطها السوسيوثقافي و الاقتصادي، و يجعلها تتجه نحو تكوين الإنسان – المواطن، تكوينا يمكنه من التأثير الإيجابي في محيطه؟
للإجابة عن هذا السؤال نعود مرة أخرى إلى إبراز أهمية التربية في تأهيل الشعب و إعداده لكسب طموحاته، و تعزيز موقعه بين الشعوب، إضافة إلى تشريب الناشئة عديد القيم الإيجابية مع إدماج الفرد داخل الجماعة، كما يجدر بنا كذلك التذكير بأن هدف سوسيولوجيا التربية هو مساءلة الدور الذي تلعبه المدرسة في المسار الاجتماعي للأفراد، أو ما يسمى « التأثير المدرسي «، الذي يقاس بحجم تأثير الدبلوم أو المؤهلات المدرسية في تحديد المصير/ المسار الاجتماعي للأفراد، إذ كلما أوجدت السياسات التربوية تكوينا مهنيا أوليا أو تكوينا مدى الحياة( تكوينا فعالا و مؤثرا)، كلما تقلص التأثير المدرسي، و ازدادت درجة الاندماج الاجتماعي.
فالعلاقة بين المدرسة و المجتمع ليست فقط علاقة سببية فحسب، و إنما هي علاقة مركبة مبنية على تداخل آليات تبادل التأثير و التأثر، ذلك أن أي تحول بالمجتمع سيترك آثاره حتما على النظام التعليمي بالمغرب و العكس صحيح.
فالمدرسة هي نقطة تقاطع مطالب و انتظارات الفئات و الطبقات الاجتماعية و مراكز القوى في المجتمع.(15)
عوائق و تحديات التي تعترض الإصلاح التربوي بالمغرب
إن المدرسة اليوم ( المدرسة في كل مجتمعات العالم ) تعرف من الظواهر ما يجعلها في حاجة ماسة إلى إصلاح حقيقي، فالرًّجًّة «العنيفة» التي أصابت صورة المدرسة المغربية في السنوات الأخيرة على سبيل المثال، لم تأخذ بعين الاعتبار، كون المجتمع المغربي في سيرورة من التحول، فهو مخترق بالكثير من القيم و القواعد و السلوكات، التي تضع موضع تساؤل ما كان في عِداد المُسلمات، التي لا تقبل الجدل، لذلك كان من الطبيعي أن تنال المدرسة نصيبها من التساؤل و الشك و المراجعة العميقة، إِذِ الموقع الاعتباري الذي تحتله المدرسة ما فتئ يتراجع تبعا لتراجعها عن وظيفتها التربوية التنشيئية لصالح أجهزة إيديولوجية أخرى أكثر تأثيرا و فعالية في السرعة و الأداء.
فلا عجب أن يعتمل في المدرسة، كل ما يعتمل في المجتمع من تشرذم فكري و سلوكي و من عنف مادي و رمزي، لاختلاف الفرقاء الاجتماعيين، سواء من حيث تصور الهدف من المدرسة و وظائفها و دورها في المجتمع، أو من حيث علاقتهم بها.
و يزيد من هموم المدرسة المغربية أيضا؛ مشكل سطحية التعليم و عدم تكامله في الشخصية، لبعده عن تناول القضايا الحياتية و الاجتماعية، و الانفصام بين العلم النظري و التجربة المعيشة...
كما تتأثر هذه المؤسسة الاجتماعية أيضا(المدرسة) من مظاهر الكونية(العولمة)، فوسائل الإعلام خاصة المرئية منها أضحت تمارس دورا مركزيا في خلق و توجيه رغبات الناس، نحو طاحونة الاستهلاك و قيم الموضة و الانشداد نحو الصورة، هذا ما أسهم و بحجم كبير في تقليص ثقافة الالتزام بالضوابط الأخلاقية، التي تعد المدرسة إحدى مؤسسات ترسيخها لدى الناشئة.
المدرسة المغربية ورهانات الإصلاح والاستثمار في العنصر البشري
إذا كانت التربية في مفهومها السوسيولوجي العام ، ليست حِكْراً على المدرسة وحدها ، بل هي عمل جماعي كُلِّي و شُمولي،تُمارسه أجهزة و مؤسسات المجتمع المدني الأخرى : كالأسرة و الجمعيةو وسائل الإعلام و الاتصال...، فإن المدرسة و انطلاقا من وظيفتها المُعْلَنة تِلْك، تلعب دوراً كبيراً في عمليات التربية و الإعداد الاجتماعي.
لذا بات من الضروري اعتماد نظرة أكثر شمولية، من شأنها تصور المدرسة بمثابة مجتمع صغير، من الواجب عليه أن يكون أكثر عدلاً و إنصافاً، هذا المشروع ينبغي أن يُراعى فيه، سياق إفرازات العولمة، وكذا استحضار الهوية الوطنية و قيم المُوَاطنة مع اسْتِحْضَارِ كل المقتضيات التي تفرضُها استراتيجية العيش المشترك بين المجموعات الاجتماعية التي تَتَقَاسَمُ فَضَاءً جغرافيا ، و تتقاسم إرادة العيش و الحُلم بما هو أفضل داخله ، رغم كل ما يُمكن أن يحدث بينها من اختلافات و تباينات.
كما ينبغي بذل قصارى الجهود لخلق مناخ منسجم مع السياق الثقافي و الاجتماعي الحاضن للمدرسة المفعمة بالحياة ، و القادرة على إمْتَاعِ المتعلم(ة)،وتمكينه(ا) من أسباب الشعور بالدِّفْءِ داخل أسوار المؤسسة التربوية، و كلها عوامل ذات أهمية كبيرة في انجذاب الطفل نحو المدرسة، و تقديره للرسالة التي تسهر على نقلها جيلا بعد جيل. فأدوار المدرسة لا يمكن حصرها في توفير الموارد البشرية اللازمة للمجتمع فقط، و إنما أصبحت اليوم تستثمر في الإنسان (الرأسمال البشري)، عن طريق تعليمه أحسن تعليم، فالمجتمعات الرائدة في هذا المجال حازت قصب السبق في توفير الخبرات و التجارب و الدراسات، و تمكنت من محاربة الجهل و الأمية في صفوف سكانها ،و بذلك تمكنت من الحُصول على مُؤشرات عالية في مجال التنمية البشرية، التي هي أساس التنمية المُسْتَدامة و الشاملة.
خاتمة
رغم المجهودات المبذولة ببلادنا لإصلاح المنظومة التعليمية ( المدرسة العمومية بشكل خاص )، ما زالت الطموحات و الانتظارات أكبر، و ذلك لإسْتشراف مدرسة مغربية مُحَايثة لواقعها و مشدودةُ الوِصَالِ إلى المجتمع؛ مدرسة جريئة في الطرح، حاملة لقيم إيجابية، قادرة على تمكين الناشئة من تشريب قيم المواطنة بشكل منسجم مع الحرية و المسؤولية، بهدف إعدادها للإسهام في تنمية المجتمع و رقيه مع احترام القيم الجماعية و العيش المشترك.
إن الاصلاح الحقيقي للمدرسة المغربية قَمِينٌ بالاستجابة لِلْحَاجات المُلحَّة للمجتمع في مجال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و كفيل بالحد من بعض الظواهر الاجتماعية السلبية التي تتأثر و تؤثر سلبا على المدرسة كمؤسسة اجتماعية لها دور أساسي في تمكين المواطنين و المواطنات من حيازة العلم و الثقافة، لمواجهة تحديات العولمة، و لركوب قطار التنمية و التقدم، لأن التنمية «حرية» كما قال «أمارتياصن».
* ممارس بيداغوجي-
نيابة الصخيرات تمارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.