تتفاقم الأوضاع الصحية للأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض بمراكش، الباحث والمترجم الدكتور عبد الرحيم حزل، يوماً بعد يوم، حتى تدهورت حالته بشكل خطير جداً وأصبح معرضاً للموت في أي لحظة، بسبب إضرابه عن الطعام للأسبوع الثالث على التوالي في منزله بنواحي مراكش، احتجاجاً على توقيف أجره، منذ ثلاثة أشهر، وعدم تسوية وضعيته الإدارية، وإسقاط اسمه من قائمة موظفي الكلية برسم الموسم 2015-2016، دون سابق إشعار، و لا مراسلة، ودون اتخاذ الإجراءات الإدارية المعمول بها في هذا الباب. وبلغنا من أصدقاء الدكتور عبد الرحيم حزل والمقربين إليه أنه منذ بدأ الإضراب لم يتناول سوى الماء، وحالته الصحية في تدهور خطير للغاية، لكنه ما زال يواصل النضال حتى تحقيق كافة حقوقه مهما كلفه ذلك من تضحيات، ولسان حاله يقول : «عسى أن يكون في استشهادي حل لهذه المشكلة المفتعلة... وإنصاف لإخوتي الدكاترة مسلوبي الحقوق». ومن المعلوم أن الدكتور حزل قد شرع في الإضراب عن الطعام والاعتصام أولاً أمام رئاسة جامعة القاضي عياض، دون أن يجد متدخلاً أو معيناً من الجمعيات الحقوقية أو النقابية، ثم واصل الإضراب داخل بيته بنواحي مراكش. وفي اتصال هاتفي لنا بالأستاذ المضرب الدكتور عبد الرحيم حزل، أكد أنه يعاني من طول المدة التي ألحق خلالها بالتعليم العالي، وهي أطول مدة على الإطلاق في تاريخ الإلحاق الوظيفي بالمغرب؛ إذ امتدت على مدى اثنتي عشرة سنة، من دون أن يتحقق له إدماج، أو يتمكن من الحصول على منصب أستاذ التعليم العالي المساعد المستحق له. وأضاف أن معاناته تضاعفت منذ ثلاثة أشهر، حين فوجئ بالعمل الجبان الذي أقدمت عليه عميدة كلية آداب مراكش سابقاً، بتواطؤ مع رئيس شؤون الموظفين سابقاً، بإسقاط اسمه من قائمة موظفي الكلية. فلما تولى العميد الجديد بالنيابة تمادى في تكريس هذه الجريمة الإدارية السافرة، وظل يضرب عرض الحائط بجميع التدخلات التي قام بها بعض الأساتذة لحل هذه المشكلة، ويتوعد بأن «يبقى الدكتور حزل معلقاً». ويقول الدكتور حزل إن جميع الأساتذة في كلية الآداب يعلمون بصراعه مع عميد الكلية الحالي بالنيابة والذي ابتدأ منذ ثلاث سنوات خلت؛ حين كان لا يزال العميد بالنيابة الحالي من المقربين إلى السيدة العميدة السابقة، التي كانت قد استقدمته من الرباط بوعود كاذبة بخلق منصب له بكلية آداب مراكش... ثم ساءت العلاقة بينهما بعد خمس سنين من الانتظار والتسويف... فكانت تسلط عليه العميد الجديد بالنيابة لعرقلة عمله العلمي وتأليب الإدارة عليه. لكن الدكتور حزل ظل مستمسكاً بعمله العلمي، ومتحصناً بتجربته العلمية المديدة التي أثمرت خمسين كتاباً مترجماً ومجموعة من الجوائز العلمية، ومخلصاً لطلبته الذين يشهدون له بالكفاءة العلمية والصدق والثبات على المبادئ. وأردف المترجم والشاعر حزل قائلاً إن العداوة ظهرت من العميد بالنيابة الجديد في امتناعه من التوقيع له عن طلب الانتقال من كلية آداب مراكش والعودة إلى كلية آداب عين الشق، التي كان الدكتور حزل التحق بها أول عمله بالتعليم العالي. وحينما توصل السيد العميد بالنيابة الجديد بتلك الرخصة موقعة من رئاسة جامعة القاضي عياض ظل يحتفظ بها في مكتبه لما يزيد عن السنة، ما اضطر الدكتور حزل إلى الالتجاء إلى الإعلام لإسماع صوته وشكواه مما وصفه بالعسف البغيض الذي يقع عليه ممن يُفترض بهم أن يواكبوا العهد الجديد الذي يدخله المغرب؛ عهد الديمقراطية، وإحقاق الحقوق، واحترام كرامة الإنسان. فكانت النتيجة أن الدكتور حزل أصبح، بسبب إضرابه عن الطعام واحتجاجاته في الصحافة، مرفوضاً من كلية آداب عين الشق وكلية محمد الخامس بالرباط بعد جبن عميداها عن استقباله بين أساتذتها، وربما من كليات أخرى لا تتحمل من هم من طينة الدكتور حزل... لا تتحمل عالماً يرفع صوته بالحق... ويرفض الخنوع... والتمسح بالأعتاب... وكل ما لا يمت بصلة إلى أنفة العالم... ورجولة العالم... وشجاعة العالم... ولماذا لم تتدخل وزارة التعليم العالي لوضع حد لهذه المهزلة التي باتت تتهدد حياة الدكتور حزل؟ ولماذا لم تتحرك الوزارة لتطهير الجامعة المغربية من الفساد الأخلاقي والمالي والريع المتفشي داخل أسوارها؟؟ وإلى متى سنظل نتفرج على الفضائح التي تشهدها الجامعة المغربية، ولا تختلف فيها عن صنوف الفساد التي يزخر بها الواقع المغربي؟ ولماذا تتلكأ وزارة التعليم العالي في الضرب على أيدي المتلاعبين بمصائر الباحثين الأصلاء، والمستهترين بقيم البحث العلمي، والمضيعين لحقوق الإنسان، وحقوق الطلبة في الاستفادة من علم الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة والمقدرة... في كليات أنشئت لتكريس الحق في الاختلاف... وشحذ معاني الشخصية المغربية ذات الأفق الإنساني، لا الانغلاق على أمراض الحالمين بالسلطة، الناقمين من العلم والعلماء.