تعيش ساكنة تطوان والنواحي، منذ شهر أكتوبر المنصرم، أزمة ماء، عندما قرر كل من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ووكالة الحوض المائي اللوكوس وشركة أمانديس، قطع الماء عن حنفيات الساكنة بفعل انخفاض منسوب المياه المجمعة بالسدود الثلاثة المزودة لمدينة تطوان ونواحيها. صحيح أن نسبة الملء لم تتجاوز حتى اللحظة حاجز 15 في المئة من حقينة السدود الثلاثة،و هذه الكمية غير كافية لاستهلاك المدينة لمدة أكثر من شهرين فقط، كما أن الاستهلاك المفرط والعشوائي خلال فصل الصيف جعل المدينة تعيش أزمة حقيقية ستتضاعف أكثر فأكثر إذا لم يبادر المسؤولون المحليون والمركزيون للتعجيل بإيجاد الحلول الجذرية لمشكل الماء،وإحدى هذه الحلول التي كانت ستجنب مدينة تطوان والنواحي أزمة العطش التي تعيشها، هي خروج سد وادي مارتيل إلى حيز التنفيذ في وقته المحدد، وذلك في مطلع سنة 2013، حيث إن جلالة الملك محمد السادس أعطى انطلاقة أشغال إنجازه، يوم 15 ماي 2008، بالجماعة القروية بني قريش (ضواحي تطوان)، وذلك بغلاف مالي يبلغ 950 مليون درهم، حيث ستبلغ حقينة السد، حسب ما تم تقديمه بين أيدي جلالته،120 مليون متر مكعب من المياه. وتقدر حقينة السدود الثلاثة المزودة لمدينة تطوان والنواحي مجتمعة ب 79،7 مليون متر مكعب، منها 43 مليونا في اسمير، و31 في سد مولاي المهدي، إضافة إلى 5،7 مليون مكعب في سد النخلة، هذا دون الحديث عن مشكل التوحل الذي يلتهم مساحة كبيرة من السدود الثلاثة، فيما تقدر حاجيات سكان القطب الحضري لتطوان والنواحي من الماء بحوالي 35 مليون متر مكعب سنويا، مما يعني أنه في حال الشروع في استغلال سد وادي مارتيل فسيتم تجنيب المنطقة الأزمة التي تعيشها منذ حوالي 4 سنوات متواصلة،هذا دون الحديث عن مستوى التساقطات التي تعرفها جهة طنجةتطوان التي تعتبر من بين المناطق الأعلى استقبالا للأمطار بالمملكة، حيث تصل إلى 900 ملم كمعدل سنوي. والمتتبع لورش سد وادي مارتيل سيلاحظ أن الأشغال بهذا السد الجديد قد اكتملت منذ بضعة أشهر، غير أن إحدى المقاولات المزودة له بالحجارة مازالت تستغل جنباته كمستودع لآلياتها، كما أن كميات كبيرة من الحصى والحجارة التي يتم استخراجها من مقلع مرخص لاستغلاله فقط للسد مازالت تجمع رغم انتهاء الأشغال، ناهيك عن عشرات الشاحنات التي تدخل وتخرج كل يوم، لتنقل تلك الحجارة لوجهة أخرى. فالشركة صاحبة بناء المشروع استفادت من رخصة استثنائية لأحد المقالع المتواجدة بمقربة من مشروع بناء السد، خصصت فقط لتوفير الأحجار والحصى للمشروع الهيدرومائي بالمنطقة، وهنا تكمن التفاصيل أو مربط فرس أسباب تأخر المشروع، حيث أنه بتسليم السد للجهات المختصة، ستنتهي رخصة المقلع الحجري،وبما أن الشركة صاحبة مشروع بناء السد استفادت من مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين تطوان وشفشاون، وكذا استفادتها من أشغال خط TG، فإن حاجة الشركة للمقلع وخفض تكلفة مصاريفها أكبر من حاجة مدينة تطوان والنواحي للماء الصالح للشرب. بل الخطير هو أن الشركة حولت ضفاف السد إلى مرآب للآليات بمختلف أحجامها وأنواعها، مهددة الفرشة المائية وحقينة السد بالتلوث بسبب ما تتركه من مخلفات، كما قامت بوضع صهاريج كبيرة ل"الزفت" الصلب غير بعيد عن المياه، والتي تستغل من طرف الشركة التي تقوم بإنجاز مشروع تثنية الطريق رقم 2 الرابطة بين تطوان وشفشاون، إذ تعمل على حرق الزفت بضفاف السد قبل نقلها ورشها بالطريق، متسببة في سواقي سوداء تتجه نحو مياهه التي تتقلص بسبب توسع الباحة التي تحولت لمستودع. وعبر مجموعة من السكان وبعض المهتمين بالشأن البيئي، عن تخوفاتهم الحقيقية من استمرار استغلال حوض السد من طرف شركة لا تحترم البيئة ولا تقدر خطر ما تقوم به هناك، مهددة مياه سد ينتظر أن يكون المزود الأساسي لتطوان والضواحي بالمياه الصالحة للشرب، ناهيك عن تهديد المناطق المجاورة بالفيضانات في حال ارتفاع مستوى التساقطات كما يحدث كل عام.