قال الدكتور أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية أمس الاثنين أن السائد اليوم في الخطاب الديني هو أن المتحدث باسم الدين يبلغ رسائل أكثر مما يعبر عن مواقف وهو ما يعكس أزمة ثقافية يجب البحث عن حلول لها. وأوضح مدير دار الحديث الحسنية في حديث ل»الاتحاد الاشتراكي» أن كل من يتحدث اليوم باسم الدين، سواء كان واعظا أو زعيما دينيا أو سياسيا، يبلغ رسالة ولا يعبر عن موقف. وأضاف الدكتور أحمد الخمليشي أن ما يعيشه الوسط الديني المغربي اليوم هو نتاج لإشكال ثقافي متجذر ساد لعشرات القرون يجعل بعض المتحدثين باسم الدين يعتقدون أنهم محقون من وجهة نظرهم في معالجة قضية دينية معينة. وكشفت مصادر متطابقة أن بعض رواد مسجد يوسف بن تاشفين من المحتجين حرضوا عددا من المصلين على مقاطعة أداء خطيب المسجد الجديد لصلاة الجمعة عوضا عن الإمام والخطيب الموقوف عن الخطابة بالمسجد المذكور التي تولاها منذ 1989، هذا في الوقت الذي تساءل عدد من المتتبعين حول سبب عدم عزل أو تجميد عضوية الإمام المذكور من المجلس العلمي بفاس، على غرار توقيفه من مهمة الخطابة داخل المسجد. فقد اقتحم عدد من المصلين المسجد الذي يوجد بحي الأطلس بمدينة فاس مرددين شعارات ضد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مما أرغم الخطيب الجديد على النزول من المنبر وعدم إلقاء خطبة الجمعة. ولم يتوقف الأمر، كما أوردت مصادر متطابقة، عند منع الخطيب الجديد من أدائه خطبة الجمعة، بل تعداه إلى مقاطعة المصلين لصلاة الجمعة، وتنظيمهم وقفة احتجاجية وحلقية أمام بناية المسجد الذي غالبا ما يشهد إقبالا كبيرا خاصة في يوم الجمعة. وأكد مدير دار الحديث الحسنية أن الرائج اليوم أن كل من يسمع للفقيه يخال نفسه ينصت للحقيقة ومفروض فيه تنفيذها، مستطردا أنه كثيرا ما يمرر بعض حاملي الخطاب الديني، في صورة تبليغ لرسالة تعتبر رأيا دينيا، موقفا معينا يعتبر في حقيقة الأمر وجهة نظرهم. وفي سياق تفاعلات تعطيل صلاة الجمعة في مسجد يوسف بن تاشفين بفاس الذي كان يخطب فيه الإمام والخطيب محمد أبياض، الموقوف عن مزاولة عمله بسبب خطبه، قال الدكتور أحمد الخمليشي «إن من حق الإمام أو الخطيب توجيه الانتقاد باعتباره مواطنا، لكن ليس كناطق باسم الدين ومن على منبر في مسجد». وقد عاش مسجد يوسف بن تاشفين الجمعة الماضي حالة «منع» من صلاة الجمعة احتجاجا على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي أوقفت الخطيب السابق بذات المسجد محمد أبياض، وهو في نفس الوقت نائب رئيس المجلس العلمي بفاس. ويذكر أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تتخذ، حسب المعطيات المتوفرة، ما معدله 16 قرار توقيف في السنة يشمل الأئمة و الخطباء، وقد اتخذت الوزارة في العشر سنوات الممتدة ما بين 2003 و2012 ما مجموعه 157 قرار توقيف في حق خطباء و أئمة. وتعزو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أسباب عزل الأئمة والخطباء إلى عدم الالتزام بثوابت الأمة بالدرجة الأولى، يليها سبب الخروج عن السياق الشرعي والخوض في الحساسيات السياسية، ثم عدم الالتزام بالحياد في الانتخابات، وأخيرا فقدان الأهلية الشرعية، فيما يضاف عنصر السلوك اللاأخلاقي والإدانة القضائية في قرارات توقيف الأئمة و الخطباء. هذا، وقد انقسمت ردود الأفعال على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" فيما يخص الاحتجاج الذي أقدم عليه مصلون بمسجد يوسف بن تاشفين بفاس قبل تأدية صلاة الجمعة، تنديدا بتوقيف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للإمام محمد أبياض، بين مؤيدين لما قام به المصلون وبين من يرى في الاحتجاج داخل المساجد أمرا خطيرا.