انتخاب المرّشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية وتفوّقه على المرّشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ليكون بذلك الرئيس رقم 45 في تاريخ البلاد، جعل المغاربة يطرحون سؤالا مركزيا كبيرا،هل سيطرأ في هذا الانتخاب تغير في العلاقات المغربية الأمريكية، وهل سيكون لذلك تأثير على القضية الوطنية ،الصحراء المغربية، خاصة أنه مع الرئيس المنتهية ولايته واجه المغرب في السنين الأخيرة صراعات كبيرة تمثلت في إنزال الإدارة الأمريكية مشروع توسيع صلاحيات المينورسو لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء المغربية ما جعل المؤسسة الملكية والآلة الدبلوماسية المغربية تقوم بمجهودات كبرى من أجل تعديل ذلك المشروع الذي وضع داخل أروقة الأممالمتحدة. ومن حلال تصريحات صحفية لتاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، يستبعد أن يكون هناك أي تغيير في العلاقات المغربية الأمريكية، بحكم أن صنع القرار السياسي الأمريكي تتحكم فيه عدة مؤسسات داخل الإدارة الأمريكية، ويبقى الهامش الشخصي لدى الرئيس صغير جدا. وبالموازاة اعتبر الموساوي العجلاوي، الخبير في ملف الصحراء المغربية، أن انتخاب ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدةالأمريكية بإمكانه أن يكون إيجابيا لصالح قضية الصحراء ولصالح المغرب، خاصة عندما نتذكر المعاناة التي عاناها المغرب مع الإدارة الأمريكية خلال الولاية الرئاسية المنتهية لباراك اوباما، حين نزل مشروع للولايات المتحدةالأمريكية دعا لتوسيع صلاحيات المينورسو لمراقبة حقوق الإنسان. أما بالنسبة لحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فهو يرى أن تصريحات ترامب ،الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، خلال حملته الانتخابية والتي أخافت العالم ، يجب أن توضع في إطار الحملة الانتخابية فقط، التي تسودها أحيانا صراعات محمومة وكبيرة من أجل كسب أصوات الناخبين، ولا يمكن لهذه التصريحات أن تحمل مواقف دقيقة إزاء القضايا الكبرى. وأشار بوقنطار في هذا السياق إلى أن ترامب أراد هدم خطاب الديمقراطيين واستعمل لأجل ذلك لغة قاسية، غير أن انتخابه سيدفعه إلى التوفيق بين موقفه القاضي بهيبة أكبر للولايات المتحدة، وبين ملفات خارجية تتطلب مرونة في العمل بشكل يتعارض مع ما صرّح به. لكن بوقنطار، يعتقد أنه من الصعب الحديث ،من الآن، عن تأثير فوز ترامب على العلاقة ما بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية ، إذ يتطلب ذلك انتظار تعيين من سيتكلّف بالخارجية وكذا من سيترأس شؤون الأمن القومي، إلّا أنه يمكن القول إن الثوابت التي تجمع الطرفين لن تتغير، خاصة الشراكة الأمنية. وهذا ما يتلاقى فيه بوقنطار مع تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إذ يؤكد أن صنع القرار السياسي الأمريكي تتداخل فيه عدة مؤسسات لها وزنها داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا يكتفي البيت الأبيض برأي الرئيس لوحده فقط، فهامش الرأي الشخصي للرئيس الأمريكي يبقى محدودا لأن هناك عدة مؤسسات تساهم في هذا القرار. واعتبر الحسيني أن السياسة الخارجية في العلاقات المغربية الأمريكية لا يمكن أن تتغير بين عشية وضحاها، خاصة أن المغرب يجمعه مع أمريكا التعاون الاستراتيجي وعلاقات التبادل الحر والعلاقات الخارجية، فالولاياتالمتحدةالأمريكية محكومة بالمصالح الكبرى للبلاد، لذلك فكل تصور للرأي الشخصي للرئيس أو غيره غير وارد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إذ أن دولة كأمريكا لا تفكر في سياستها الخارجية إلا بمنطق المصالح السياسية والاقتصادية. ويذهب الموساوي العجلاوي بعيدا في ذلك خلال تصريحات تلفزيونية، حيث اعتبر أن انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة بإمكانه أن تكون له نتائج ايجابية على نزاع الصحراء، باعتبار أن هذا الأخير -الرئيس المنتخب- ضد الإرهاب، وسبق له أن صرح على أن «البوليساريو كداعش»، بمعنى سوف لن يقبل بأن تكون المنطقة بؤرة مشجعة لانتعاش الإرهاب ومافيا للتهريب والمخدرات. ورأي الموساوي ينسجم مع رأي بوقنطار، إذ عبر هذا الأخير أنه كان لديه على الدوام تخوّف من تغيّر السياسة الأمريكية حيال المغرب في كل موسم انتخابات، لكن الثوابت بقيت مستمرة. متحدثًا عن صعوبة وجود ربط أوتوماتيكي حول الحزب المفضل للمغرب، هل هو الجمهوري أم الديمقراطي، بما أن الولاياتالمتحدة تبحث عن مصالحها وعن التوازن الدولي، وهو ما خلّف صعودًا وانحدارا في علاقتها بالمغرب على مدار تاريخ كل الرؤساء الأمريكيين، زيادة على أن طريقة تدبير المغرب لهذه العلاقة كثيرًا ما تساهم في تشكيل السياسة الأمريكية تجاهه.